مصر: الأشرطة المصورة سلاح لإخماد الفتن الطائفية

البعض اعتبرها تؤجل المواجهات ولا تلغيها

TT

في وقت بلغت فيه درجة الاحتقان الطائفي في مصر ذروتها على خلفية اختفاء أكثر من فتاة واتهام المسيحيين للمسلمين باختطافهن، كانت الرسائل المصورة بالفيديو هي الترياق الذي هدأ الأجواء، وأخمد مظاهرات الأقباط في الكنائس خلال الأسبوع الماضي بعد اعتراف فتيات على أشرطة مسجلة بثتها مواقع إلكترونية أنهن دخلن الإسلام برغبتهن، ومنهن فتاة بمحافظة الإسماعيلية تدعى نسمة جمال أنور. والسلاح نفسه استخدم على الجانب الآخر بعد اتهام المسلمين للكنيسة المصرية بتعذيب واختطاف زوجة كاهن دخلت الإسلام، فظهرت نافية تحولها عن المسيحية.

وكانت الأجواء الطائفية في مصر شهدت صداما حادا بعد تظاهر الآلاف في جامع عمرو بن العاص بالقاهرة والقائد إبراهيم بالإسكندرية عقب صلاة التراويح، مطالبين بظهور كاميليا شحاتة زاخر، زوجة كاهن بمحافظة المنيا، التي قيل إنها دخلت الإسلام وسلمتها السلطات للكنيسة، لكن الزوجة ظهرت قبل يومين في رسالة مسجلة تنفي إسلامها.

وبين الاختفاء والظهور تظل أشرطة الاعترافات المصورة بطل الأزمة وطريقها للحل، لكن سلاح نزع الفتنة الفعال وجد من يشكك فيه، باعتباره «قابلا للتزييف، ولا ينفي تعرض صاحبه للإجبار والقمع».

يقول وائل الإبراشي رئيس تحرير جريدة «صوت الأمة» القاهرية، مقدم برنامج «الحقيقة» على فضائية «دريم»: «منذ أربعة أعوام ثارت قضية الفتاتين المسيحيتين المختفيتين ماريان وكريستين بمحافظة الدقهلية بشمال مصر، ووصل الشحن الطائفي إلى ذروته بعد اتهام جهات مسيحية تنظيمات إسلامية بخطفهما، فجّرت القضية وانفردنا برسالة مصورة اعترفت فيها الفتاتان بدخولهما الإسلام بإرادتيهما، ثم زواجهما من شخصين مسلمين، بعدها هاتفني رئيس الجمهورية وأشاد بالبرنامج وأعطى تعليماته لوزير الداخلية بكشف حالات الاختفاء الغامضة وإعلان الحقائق للناس».

وبحسب الإبراشي فإن أغلب حالات الاختفاء من الديانتين تكمن وراءها مشكلات اجتماعية وعلاقات غرامية، لكنّ هناك أطرافا كثيرة تمارس الغزل الطائفي لأسباب سياسية، لافتا إلى أن الأشرطة المصورة مجرد مسكّنات لا تخمد الفتنة، وضرب مثلا بالشريط الأخير لزوجة كاهن دير مواس الذي اعترفت فيه بعدم اختطافها وأنها لا تزال مسيحية، ورغم ذلك شككت أطراف مسلمة في الشريط من الناحية التقنية كما قالوا إنه وليد إكراه.

والحل برأي الإبراشي هو إعمال القانون حتى لا تتحول كل مشكلة شخصية إلى قضية طائفية.

وكان الإبراشي قد طالب بظهور زوجة الكاهن التي قالت أصوات إسلامية إنها سلمت للكنيسة بعد إسلامها، والظهور (برأيه) يعني إتاحة الفرصة لسؤالها بحرية في العلن. ودعا حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلى الوقوف بجانب حرية الاعتقاد وإعلاء هذا الحق في المجتمع والتصدي لمن يقمعونه بكل السبل، معتبرا أن الرسائل المصورة غير كافية، ومن الأفضل أن يظهر الشخص المتحول في بث حي لمناقشته ما دام هناك أزمة، لكن «الأمر الطبيعي أن التحول الديني أمر يخص الشخص نفسه ولا دخل لأي سلطة فيه».

وأشار أبو سعدة إلى أن بعض المتنصرين أنتجوا أفلاما وثائقية وظهروا في قنوات فضائية بمنتهى الحرية، ومن الطبيعي أن ينال المتحولون للإسلام هذا الحق، ومن هنا استنكر تسليم امرأة (يشاع أنها) أسلمت إلى مؤسسة دينية كالكنيسة، ثم الاكتفاء بسماع تسجيل مصور لها.

وقال أبو سعدة إن ظهور كاميليا زوجة كاهن دير مواس أجّل الاحتقان نسبيا لكنه لم يلغِه، فإذا كان الفيديو المصور ظهر في توقيت ظهرت فيه دعوات لمظاهرات مليونية وأخرى للهجوم على الكاتدرائية، فإن هناك أصواتا تشكك الآن فيه من الناحية الفنية، وبالتالي لا تزال الأجواء محتقنة.