خلافات فلسطينية - إسرائيلية حول جدول أعمال المفاوضات والنقطة التي ستبدأ منها

نتنياهو يقول إن يهودية الدولة أساس السلام.. ويلمح إلى تمديد تجميد الاستيطان جزئيا

TT

استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قمة شرم الشيخ التي ستجمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، غدا الثلاثاء، إيذانا ببدء المفاوضات المباشرة، وأعلن مجددا تأكيده على أن الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي هو مفتاح الوصول إلى اتفاق.

وقال نتنياهو في جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس: «إن الأساس للتوصل إلى اتفاق سلام هو الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي». وأضاف «مثلما اعترفت إسرائيل، وأنا أعترف، بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، فإنه يجب عليهم (الفلسطينيين) الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. هذا هو الأساس للسلام». وأضاف في نبرة استنكارية «أنا أسمع مصطلح دولتين ولكني لا أسمعهم يقولون شعبين».

ويرى نتنياهو أنه مع اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية، وهو شرط ترفضه السلطة الفلسطينية، فإنه يمكن الوصول إلى سلام خلال عام. وقال نتنياهو لوزرائه إنه تحدث نهاية الأسبوع الماضي مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من أجل أن يهنئه بمناسبة عيد الفطر، وأبلغه أنه في حال تم التغلب على قضية «الاعتراف المتبادل» فإنه يمكن لكل منهما (نتنياهو وعباس) تهنئة الآخر بعد سنة بمناسبة التوصل إلى اتفاق سلام.

وأضاف «نعم هذا يمكن إذا واصلت القيادة الفلسطينية عملية التفاوض بصورة مطردة على الرغم من العقبات وتحلت بالجدية والعزم».

وتلقي تصريحات نتنياهو بشكوك كبيرة حول إمكانية التقدم في المفاوضات المباشرة قبل أن تبدأ في شرم الشيخ غدا، حيث يلتقي عباس، بحضور الرئيس المصري حسني مبارك، ووزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ومبعوث عملية السلام، جورج ميتشل. وأكدت مصادر إسرائيلية أمس أن خلافات حادة تفجرت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بسبب جدول أعمال المفاوضات، إذ لم يتفق الطرفان حول القضية التي يجب أن تبدأ منها المفاوضات.

وعلى الرغم من أن هناك اتفاقا على أن تشمل المفاوضات كل الملفات، لكن المصادر أكدت أنه بينما تصر إسرائيل على البدء بمناقشة الترتيبات الأمنية والاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، فإن السلطة الفلسطينية تصر على مناقشة ترسيم حدود الدولة الفلسطينية أولا.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير، إن نتنياهو يطالب بافتتاح المحادثات بمناقشة الترتيبات الأمنية والاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وقبول الفلسطينيين بالإعلان عن انتهاء الصراع بموازاة التوقيع على اتفاق سلام. وتلك شروط رفضتها جميعا السلطة الفلسطينية، معتبرة أنها إملاءات إسرائيلية تفرغ المفاوضات من مضمونها.

وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض إن الفلسطينيين لن يعترفوا أبدا بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي. أما العقبة الثالثة التي تواجه المفاوضات في بدايتها، فهي مسألة الاستيطان، وعقبت مصادر سياسية مسؤولة في القدس على تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما التي قال فيها إنه من المنطقي استمرار سريان تجميد مشاريع البناء في المستوطنات إذا استمرت المفاوضات المباشرة، بقولها إن «أوباما يعلم أيضا بأنه يستحيل مواصلة تطبيق قرار التجميد على اعتبار أنها كانت بادرة حسن نية إسرائيلية أحادية». وأضافت المصادر «أنه يتعين على الفلسطينيين إثباتا لجديتهم التخلي عن مطلبهم باستمرار تجميد الاستيطان، وترك القضايا الجوهرية للعملية التفاوضية نفسها». وأكدت السلطة غير مرة أنها ستنسحب من المفاوضات إذا ما استأنفت إسرائيل بناء المستوطنات بعد انتهاء فترة التجميد في 26 من الشهر الجاري، وكان الرئيس الفلسطيني حمل إسرائيل مسؤولية انهيار المباحثات إذا استأنفت الاستيطان. غير أن نتنياهو نفسه لمح أمس إلى إمكانية الوصول إلى حل وسط في جلسة وزراء حزب الليكود. ونقل موقع صحيفة «هآرتس» عن نتنياهو قوله: «في نهاية الشهر من المقرر أن ينتهي أمر التجميد، الحديث يدور عن بناء 19 ألف وحدة سكنية، لكنني أؤمن أن ما سيتم سيكون أقل بكثير وعلينا التفكير، ما هو من الحكمة أن نفعله. نعم، نحن لن نقبل بإملاءات بعدم بناء أي شيء، لكن بين الصفر والواحد هناك فرق وأمور أخرى».

ويفهم من حديث نتنياهو إما أنه سيتبنى اقتراحا بأن يتواصل البناء في المستوطنات الكبرى التي تقول إسرائيل إنها ستظل قائمة على الأراضي الفلسطينية في حال الوصول إلى اتفاق، بحيث تضمها إلى حدودها ضمن اتفاق تبادل أراض، في حين يتوقف البناء تماما في المستوطنات الأخرى الصغيرة، وإما أنه يؤيد اقتراحا آخر بالتجميد السري لعدة أشهر، أي بالامتناع عن المصادقة على وحدات جديدة من دون الإعلان عن ذلك. والاقتراح الأول يدعمه الكثير من الوزراء، بما فيهم نائب نتنياهو، مسؤول أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، الذي دعا قبل عدة أسابيع إلى تجميد الاستيطان في المستوطنات الصغيرة التي ستكون ضمن نفوذ الدولة الفلسطينية، مقابل تجديده في الكتل الاستيطانية الكبيرة.

وقال ميخائيل إيتان، الوزير المكلف بالخدمات الحكومية، إنه يجب الأخذ في الحسبان التطورات الدولية المحيطة، وصورة إسرائيل وموقفها أمام العالم في حال قررت استئناف الاستيطان بشكل كامل في الضفة الغربية.

أما وزير الرفاهة والخدمات الاجتماعية، يتسحق هرتزوغ، فدعا إلى وجوب اتخاذ قرارات شجاعة لمواصلة عملية التفاوض حتى وإن استلزم الأمر تجميد البناء في المستوطنات لفترة معينة، مؤكدا أنه يجب مواصلة البناء في بعض المناطق.

أما الاقتراح الثاني فكان فكرة فلسطينية بالأساس، إذ قال الرئيس الفلسطيني في وقت سابق إنه ليس مهما أن يعلن الإسرائيليون أولا عن تجميد الاستيطان، «المهم هو الأفعال على الأرض». ومن غير المعروف أي من الاقتراحين ستتبنى الحكومة الإسرائيلية، وكان الرئيس الأميركي طلب قبل يومين من نتنياهو تمديد تجميد البناء الاستيطاني إذا ظلت المحادثات متواصلة. وقال أوباما إن الطريق لحل هذه المشكلات هو أن يتفق الطرفان على أي جزء سيكون من حصة إسرائيل، وأي جزء سيكون من حصة الدولة الفلسطينية، وفي حال التوصل إلى اتفاق كهذا عندها يمكن البناء في المناطق غير المختلف عليها. بيد أن نتنياهو تعمد عدم التعليق على طلب أوباما.