جميل السيد يهدد الحريري بأخذ حقه بيده ويكشف عن مذكرات توقيف غيابية بحق شخصيات لبنانية

عقاب صقر لـ «الشرق الأوسط»: عرض إسقاط الدعوى مقابل 15 مليون دولار

TT

لا تزال المواقف التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في مقابلته الأخيرة لـ«الشرق الأوسط» تتفاعل على الساحة اللبنانية، مع توالي صدور مواقف منها، بلغت ذروتها أمس مع اللواء جميل السيد الذي هدد الحريري بأخذ حقه بيده، في ما يتعلق بمعاقبة شهود الزور، قائلا: «أقسم بشرفي يا حريري إن لم تعطني حقي سآخذه بيدي في يوم ما، ولتحبسني». وشدد على أن «المحكمة الدولية لا تريد محاسبة شهود الزور لأن رؤوسا كبيرة في الدولة ستسقط».

وكشف السيد، في مؤتمر صحافي عقده قبل ظهر أمس، أن «الحريري سيفاجأ بمذكرات توقيف غيابية بحق محمد زهير الصديق، ومروان حمادة، وفارس خشان وجوني عبد وأحمد مرعي، وغيرهم من الشخصيات التي صدرت في حقها استنابات قضائية من القضاء السوري». ودعا الحريري إلى «محاسبة القضاة سعيد ميرزا، وصقر صقر وإلياس عيد وديتلف ميليس لأنهم تواطأوا على التحقيق»، معتبرا أن «كل هذه التركيبة يلزمها إعدام».

وذكر أن «قرار الإفراج عن الضباط الأربعة تضمن الحديث عن تغيير في إفادات بعض الشهود»، ولفت إلى أنه «ما لم يحاسب شهود الزور، فعبثا التفتيش عن الحقيقة»، معتبرا أنه «عندما وجهوا الاتهام لسورية في قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري سمحوا للمجرم بقتل البقية ممن اغتيلوا».

ودعا جميل السيد الرئيس الحريري إلى «الخضوع لآلة كشف الكذب لتأكيد أنه لم يدعم ولم يمول شهود الزور، وإلى أن يعترف بأنه باع دم والده لمدة 4 سنوات من أجل تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد»، مطالبا «الشعب اللبناني برفض الوضع القائم حتى ولو تطلب الأمر إسقاط الدولة بالقوة في الشارع». وأشار السيد إلى أن «ميرزا، النائب العام التمييزي، أجاب مدعي عام المحكمة الدولية الأسبق سيرج براميرتز بأن الاعتبارات السياسية والأمنية تمنع إطلاق الضباط الأربعة عندما قررت المحكمة الدولية أن لا موجبات لاحتجازهم»، مشددا على أن «المحكمة الدولية تعرف أن وراء شهود الزور فريق الرئيس الحريري السياسي والأمني والقضائي». وسأل: «كيف يكون طاقم المحكمة الدولية نزيها وفيه القاضي رالف رياشي»، موضحا أن «كل من كذب في تحقيق رسمي سواء أقسم اليمين أم لا، يعتبر شاهد زور عند الجميع إلا عند تيار المستقبل وفرعه الشرقي، أي القوات اللبنانية».

واعتبر السيد أن «رئيس فرع المعلومات وسام الحسن أراد من وراء اكتشاف العملاء القول إنه يقاوم إسرائيل عندما يقال له: (إنك تضرب المقاومة)»، وأشار إلى أنه «اعتقل العملاء من الدرجات العاشرة والتاسعة، أما الدرجة الأولى والثانية فلم يعتقلوا»، كاشفا أن «الحسن اتصل ببعض الصحافيين وقال لهم إنه منذ عام 2006 التهمة لابسة حزب الله في اغتيال الحريري».

ودعا الحريري «إذا أراد أن يكون ملكا على لبنان أن يتمتع بشهامة الملك عبد الله بن عبد العزيز». وأعرب عن اعتقاده بأن «لبنان مستهدف بمؤامرة، وأوساط في الإدارة المصرية والأردنية والأميركية والإسرائيلية تريد الفتنة». وطالب «الإدارة المصرية أن تسحب الدبلوماسي أحمد حلمي من لبنان لأنه يحرض على الفتنة ويتحدث باسمها ويقول إن مصر ستقاتل السوريين».

وفي رد على مواقف اللواء السيد، اعتبر النائب في كتلة تيار «المستقبل» عقاب صقر، المقرب من الرئيس الحريري، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن كلام السيد ينبع من «وجود مجموعة من المتضررين يعتبرون أن أي تقارب عربي - عربي أو تقارب سوري- لبناني يخرجهم من أدوارهم ويدخلهم في مجاهل التاريخ، فيعملون على نكء الجراح لإيجاد مكانة لهم تحت الشمس، وإن جاء ذلك على حساب الوحدة الوطنية والوحدة العربية، خاصة أن الوضع اللبناني حساس إلى درجة يؤثر أي اهتزاز فيه على الوضع العربي». ووضع هذا الكلام في إطار «تشويش المتضررين من استمرار العلاقات السورية – اللبنانية، واللبنانية - اللبنانية»، موضحا أن كلام السيد انطوى على مغالطات عدة، كإشارته إلى أن الرئيس الحريري أبلغ السيد نصر الله قبل صدور تقرير صحيفة «دير شبيغل» أن حزب الله قد يكون متهما في حين أن تقرير «دير شبيغل» صدر في أبريل (نيسان) 2009 والحريري التقى السيد نصر الله في أبريل 2010». ورأى صقر أن في هذه المغالطة «افتراء وتزويرا واضحين، وإن حملت النقطة الوحيدة الصحيحة في كلامه لناحية إشارته إلى أن الحريري أبلغ نصر الله أنه (يمكن أن يتهم حزب الله، وإذا اتهم فلا شأن للمقاومة)، وهذا ما يثبت رواية الحريري». وكشف صقر عن «عرض السيد عبر وسيط موثوق به على الحريري أن يسقط القضية التي رفعها ويفتح صفحة جديدة مقابل حصوله على مبلغ 15 مليون دولار، ولما رفض الحريري ذلك، جدد عرضه لقاء مبلغ 7.5 مليون دولار، فأجابه الحريري بأننا نرفض المبدأ وليس المبادرة، ولا نخضع للابتزاز الرخيص ومنطق التسويات على حساب القضايا الكبرى».

ووافق صقر السيد في كلامه حول عدم وجود دولة في لبنان، واعتبر أنه لو كان هناك دولة «لألقت القبض عليه سابقا عندما كان مسؤولا أمنيا وسياسيا، واليوم وهو يهدد الحريري بالقتل، ويسيء لقضاة معروفين بنزاهتهم وضباط على درجة عالية من الكفاءة».

وأكد صقر أن الحسن «التقى الرئيس السوري بشار الأسد شخصيا»، واعتبر أن في هذا الكلام «إساءة للقيادة السورية»، نافيا أن يكون السيد قد «حمل رسالة من قبلها، لأن حامل الرسالة لا يسيء لمن حمله إياها بهذا القدر». ورأى أن اتهامه «رئيس مجلس النواب نبيه بري بالسرقة في (سوليدير) هو غمز واضح من قناة بري لتصفية حسابات قديمة مرتبطة بطموحاته في رئاسة مجلس النواب».

وأشار إلى أن كلام السيد «يضعه على رأس هرم شهود الزور وما قدمه يجعله متقدما على هسام هسام وزهير الصديق، مع فارق أنهم شبه متوارين عن الأنظار بينما هو يخرج بمؤتمرات صحافية ليضلل الرأي العام باسم الحفاظ على العدالة والحقيقة».

وفي إطار المواقف، رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن «البعض يحاول إثارة الغبار في هذا الحي أو ذاك الزاروب، وكأن ما حصل في السنوات الخمس الماضية ينبغي أن يتناساه اللبنانيون ويتعاملوا مع تداعياته كأمر واقع، علما بأن الذي حصل ما هو إلا انقلاب سياسي لن نتعاطى مع تداعياته إلا وفق مصالحنا الوطنية».

وقال: «هناك من تثور ثائرته حين تطرح مسألة شهود الزور الذين كانوا أدوات صناعة الانقلاب السياسي، لذلك المطلوب معرفة من حرك ومول وحمى هؤلاء، فالذي يريد طمس الحقيقة يتردد في إثارة ملف شهود الزور علما بأن هذا الملف غير قابل للمقايضة أو للمساومة إطلاقا».

وأكد أن «المعطيات والقرائن التي عرضها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تكفي لكل حقوقي وكل مهتم بالعدالة ليشير بأصبع الاتهام إلى العدو الإسرائيلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد التحقق منها ومن صدقيتها»، مشيرا إلى أنه «حتى الآن لا يوجد حراك في هذا الاتجاه، كما أن الأمين العام ليس محققا ليقال لمعطياته إنها منقوصة، بل هذه مهمة المحقق لمتابعة المنقوص، وإلا فليتنح لنتولى مهامه».

وشدد على أنه «لا أحد يستطيع أن يملي علينا بالقوة أو بالتحايل لنقبل بوقائع تغير مسار الأمور في حياتنا»، لافتا إلى أن «ما حصل لا يمكن تجاوزه بحيث أضحت سورية عدوا للبنان وإسرائيل جارة، مع إمكانية المصافحة معها في المستقبل، مرورا بسجن ضباط كبار من دون وجه حق، وصولا إلى تعديل هيكليات أجهزة أمنية أساسية، فضلا عن محاولة تهريب مشاريع القوانين، والاستقواء بالمجتمع الدولي لفرض بنود تحت الفصل السابع».