ساركوزي يبعث قريبا إلى الجزائر برئيس وزراء سابق في مهمة معقدة لتذليل العقبات أمام تطبيع العلاقات

بعد تسوية ملف دبلوماسي جزائري اتهم باغتيال معارض في باريس

TT

يلتقي مسؤولون جزائريون مسؤولين فرنسيين الشهر المقبل، لبحث ملفات اقتصادية وسياسية مهمة. ويرتقب أن تؤدي المباحثات التي ستجرى بالجزائر العاصمة، إلى إزالة التوتر عن العلاقات بين البلدين، وتجاوز ما يمنع زيارة رسمية مؤجلة منذ عامين ستقود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى باريس.

وقالت مصادر دبلوماسية جزائرية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزير الأول (رئيس الوزراء) الجزائري، أحمد أويحي سيستقبل رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، جان بيار رافاران، كمبعوث للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأكدت الإذاعة الحكومية الجزائرية خبر الزيارة، دون تقديم تفاصيل عنها ولا متى ستجري بالتحديد.

وقالت المصادر ذاتها إن الهدف من الزيارة هو «تذليل العقبات التي تحول دون ترقية التعاون الاقتصادي بين الجزائر وفرنسا».

وأشارت إلى أن مهمة رافاران تحمل شقا سياسيا مهما يتمثل في البحث عن أسهل الطرق لتطبيع العلاقات التي دخلت في نفق مظلم بسبب رواسب التاريخ المشترك، وما تعلق بفترة الاستعمار (1830 - 1962)، وطلب الجزائريين المرفوض فرنسيا المتصل بالاعتذار عن الاحتلال ودفع تعويض.

وأفاد مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، بأن ساركوزي «تراجع عن إيفاد وزير خارجيته برنار كوشنير بسبب الحساسية التي يثيرها رئيس (أطباء بلاد حدود) سابقا، لدى الجزائريين على المستويين الرسمي والشعبي، ووقع اختياره في النهاية على رافاران»، وذلك في إشارة إلى تصريحات أطلقها كوشنير في أبريل (نيسان) الماضي، وُصِفت جزائريا بأنها «عدائية وتدخل في شؤون الجزائر الداخلية».

وصرح وزير خارجية فرنسا للصحافة بأن «العلاقات مع الجزائر يمكن أن تتحسن لو رحل جيل الثورة عن الحكم»، وفهم كلامه حينها على أنه موجه ضد الرئيس بوتفليقة، الذي شارك في تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي.

ونشرت صحف فرنسية أمس «رسالة التكليف بمهمة»، أصدرها ساركوزي لرافاران تناولت اللقاء الذي جرى بين أمين عام الرئاسة الفرنسية، كلود غيان، ورئيس الوزراء الجزائري، في يونيو (حزيران) الماضي. ومن بين ما جاء فيها أن الرجلين اتفقا على اختيار شخص يعهد له بتطوير العلاقات الثنائية، وعلى هذا الأساس وقع الاختيار على عضو مجلس الشيوخ، جان بيار رافاران. وورد في الرسالة أن دور رئيس الوزراء الأسبق يكمن في «تنسيق التعاون الاقتصادي الجزائري - الفرنسي، وتطوير الاستثمارات الفرنسية بالجزائر والاستثمارات الجزائرية بفرنسا».

وحرصت رسالة ساركوزي على تأكيد أن فرنسا «مصممة على أخذ حصتها من السوق الجزائرية»، ويرجح أن ذلك يعني بشكل مباشر الاستثمار في مشاريع ضخمة، مدرجة في إطار المخطط الخماسي (2010 - 2014)، الذي رصدت له الدولة الجزائرية 286 مليار دولار.

وتفيد إحصاءات رسمية بأن فرنسا هي ثالث مستثمر أجنبي بالجزائر خارج المحروقات، بعد مصر وإسبانيا.

وتبلغ قيمة المشاريع الفرنسية حاليا 650 مليون دولار، وهو مستوى ضعيف قياسا إلى ما تطلع إليه البلدان في إطار «الشراكة الاستراتيجية» التي تم الاتفاق على إنجاز مرحلتها الأولى في حدود 2011، أثناء زيارة ساركوزي للجزائر نهاية 2007.

وسيكون لعدة أعضاء في الحكومة الجزائرية لقاءات الشهر المقبل مع مسؤولين في الحكومة الفرنسية، أبرزهم ماري إدراك، وزيرة دولة مكلفة التجارة الخارجية. وستبحث هذه اللقاءات «رفع العراقيل» عن شركات فرنسية بالجزائر والاستفادة من تسهيلات يمنحها قانون الموازنة التكميلي 2010.

وتأتي هذه الحركية في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، بعد أيام من تسوية ملف سياسي ثقيل تسبب في تسميم الروابط على الصعد كافة، ويتعلق بتبرئة القضاء الفرنسي مدير التشريفات بوزارة الخارجية الجزائرية، محمد زيان حسني، من تهمة اغتيال محامٍ وناشط معارض جزائري بباريس عام 1987. وقضى حسني قرابة عام (2008) تحت الرقابة القضائية بباريس جراء التهمة.