الأطباء الألمان يدعون إلى حل قضية «اندماج الأجانب» بدءا من الطفولة المبكرة

قالوا إن انتشار القنوات جعلهم يشاهدون برامج باللغة التركية أو لغات بلادهم الأم

TT

يتحدث الجميع في ألمانيا حاليا عن موضوع واحد وهو «اندماج الأجانب» خاصة بعد التصريحات المثيرة للجدل لعضو مجلس إدارة البنك المركزي تيلو زاراتسين التي انتقد فيها عدم استعداد الأجانب في ألمانيا للاندماج في المجتمع الذي يعيشون فيه.

وكانت الحكومة الألمانية قد قررت في اجتماعها الأسبوعي دمج جميع التدابير والخطوات الخاصة بالاندماج على مستوى الدولة والولايات والبلديات في برنامج موحد بهدف تحقيقها وضبط الإشراف عليها. وقال وزير الداخلية توماس دو ميزيير في مؤتمر صحافي إن هدف البرنامج هو تنظيم العمل في مختلف البرامج والمشاريع والإطلاع على تطورها، مشيرا إلى أن الاندماج مطلوب، ولكن لا يمكن أن يفرض.

وإذ شدد على أن أساس الاندماج هو تعلم اللغة الألمانية، لفت إلى وجود 1.1 مليون أجنبي لا يتحدثون الألمانية بصورة كافية. وتحدث الوزير عن أن من 10 إلى 15 في المائة من المهاجرين لا يرغبون في الاندماج في البلد ولفت إلى أن هذه النسبة غير سيئة تماما مقارنة بدول هجرة معروفة. وأضاف في السياق ذاته: «لكي نرى كامل الصورة يجب النظر إلى التسعين في المائة الراغبين في الاندماج».

وفي هذا الإطار، أدلى الأطباء في البلاد بدلوهم حول هذا الموضوع وقالوا في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الاندماج في المجتمع يبدأ مع الأشخاص المنحدرين من أصول أجنبية منذ نعومة أظافرهم. ويرى طبيب الأطفال ديتليف جايس الذي يعمل في حي يعاني من مشكلات اجتماعية في مدينة كولونيا، أن عليه وزملائه مهمة كبيرة تتمثل في المساعدة على الاندماج.

وقال الطبيب الذي يتمتع بخبرة عملية تقارب الـ30 عاما والذي تعامل مع الكثير من أبناء المهاجرين ومع أطفال ينحدرون من 70 دولة: «يبدأ الاندماج في عمر الطفولة المبكرة»، مشيرا إلى أن طبيب الأطفال يلمس سريعا وخلال الفحوصات المنتظمة للطفل، أي خلل محتمل لدى الرضع.

ويضيف جايس: «المشكلة الأساسية تكمن في اللغة فأنا أقول دوما للآباء والأمهات أن الحضانة أو المدرسة وحدها لا تكفي. بعض الأسر تستمع إلى نصيحتنا أم البعض الآخر فلديه فكرة متأصلة بأن المدرسة هي من يجب عليها لعب هذا الدور».

ويؤكد الطبيب راينهارت فرويند الذي يتعامل مع نسبة كبيرة من أبناء المهاجرين أن «البدء في تعلم الألمانية في الحضانة في سن الثالثة متأخر للغاية»، ويؤكد أن الحديث مع الطفل قبل دخول الحضانة بخليط يجمع الألمانية بلغات أجنبية أخرى مثل التركية على سبيل المثال، لا يجدي نفعا على الإطلاق.

وبعيدا عن مسألة تعلم اللغة، يشكو الأطباء الذين يتعاملون مع أطفال ينحدرون من أصول أجنبية، من مشكلات أخرى لدى هؤلاء الأطفال مثل السمنة على سبيل المثال.

ويقول الطبيب جايس: «تذوق بعض المهاجرين طعم الفقر وعندما أتوا إلى هنا ووجدوا أن كل شيء متاح أمامهم صاروا يعطون أبناءهم الطعام بكميات زائدة عن الحد ويعتبرون هذا نوعا من الحب».

وحمل الأطباء التقدم التقني مسؤولية القصور في اندماج أبناء المهاجرين حيث قال فرويند: «قديما لم تكن هناك وصلات لمشاهدة القنوات الخارجية وبالتالي كان الأطفال يضطرون لمشاهدة القنوات الألمانية ويستفيدون منها أما الآن فهم يشاهدون برامج باللغة التركية أو لغات بلادهم الأم».

ولكن جايس يؤكد من واقع خبرته أن هناك بعض تجارب الاندماج الإيجابية في بلاده ويقول: «أتعامل مع أطفال لديهم نهم للعلم والمعرفة وبدأوا حياتهم من الصفر ونجحوا في الدراسة الجامعية رغم أن أمهاتهم لا يتحدثن ولا كلمة واحدة في اللغة الألمانية».

يأتي كل هذا في الوقت الذي تسعى فيه حكومة برلين لبذل جهود مكثفة من أجل المساعدة في اندماج الأجانب حيث تقدم منذ سنوات دورات تدريبية للمساعدة في عملية الاندماج.

ويسعى وزير الداخلية توماس دي ميزير في الوقت الحالي إلى زيادة عدد المعلمين المنحدرين من أصول أجنبية في المدارس الألمانية حتى يتمكنوا من الوصول إلى أبناء المهاجرين بصورة أفضل.