أفيشاي برافرمان لـ«الشرق الأوسط»: ارتكبنا خطأ فاحشا عندما لم نتلقف مبادرة السلام العربية

وزير شؤون الأقليات الإسرائيلي: تحقيق السلام سيكون أكبر ضربة للمشروع الإيراني الحربي

أفيشاي برافرمان («الشرق الأوسط»)
TT

وجه وزير شؤون الأقليات في الحكومة الإسرائيلية، الذي ينافس إيهود باراك على رئاسة حزب العمل، انتقادا شديدا للحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة أرئيل شارون، بشأن تعاملها مع المبادرة العربية للسلام. وقال إن هذه المبادرة تاريخية، وكان يجب تلقفها وتبنيها. ودعا إلى تصحيح هذا الخطأ والإفادة منها لصنع السلام التاريخي مع جميع الدول العربية والإسلامية.

وقال أفيشاي برافرمان، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» إن هذا السلام ممكن. ويحتاج إلى قائد شجاع. ودعا رئيس حكومته الحالي، بنيامين نتنياهو، إلى أن يتحلى بالشجاعة، ويتحرر من القيود الآيديولوجية القديمة، التي ولى زمانها، ويسعى لإنجاح مفاوضات السلام مع الرئيس الفلسطيني. واعتبر قضية البناء الاستيطاني مسألة ثانوية لا تستحق أن تفشل المفاوضات بسببها، مع العلم أنه لا يمانع في الاستمرار في تجميد البناء ما دامت المفاوضات مستمرة.

وأعرب عن امتعاضه من تصريحات وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، التي تناقض تماما أقوال نتنياهو، ودعا إلى استقالة ليبرمان أو إقالته.

وبرافرمان هو بروفسور في الاقتصاد. ولد سنة 1948 في تل أبيب. درس الإحصاء والاقتصاد وحصل فيهما على شهاداته الأكاديمية، اللقب الأول والثاني في جامعة تل أبيب، واللقب الثالث في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة. ومن هناك انتقل إلى البنك الدولي ليعمل موظفا كبيرا في واشنطن، ويتخصص في «تطوير الاقتصاد من دون المساس بالعدالة الاجتماعية»، ثم عاد إلى إسرائيل ليرأس جامعة بن غوريون في بئر السبع. وبقي في هذا المنصب 16 عاما متتالية، تمكن خلالها من توسيع الجامعة وتطويرها ونقلها إلى مصاف الجامعات المتقدمة في إسرائيل والعالم.

وحرص خلال رئاسته لهذه الجامعة على إقامة علاقات ودودة مع محيطها العربي البدوي، ووضع برنامجا لتسهيل الالتحاق بها من جانب الطلبة البدو والطالبات بشكل خاص.

وأعرب برافرمان عن اعتزازه بأنه عندما تسلم رئاسة الجامعة كان عدد الطلاب من بدو النقب 35 طالبا، بينهم 5 طالبات، واليوم أصبح عددهم 550 بينهم 300 طالبة، هذا عدا عن مئات الخريجين، ويوجد بينهم 5 بروفسورات، وقريبا ستنضم إليهم بروفسورة بدوية لأول مرة في تاريخ النقب.

في 2005، قرر برافرمان دخول عالم السياسة. وتوقع كثيرون أن ينضم إلى حزب كديما الجديد، بقيادة شارون وشيمعون بيريس، وكل منهما معروف بالانتماء إلى منطقة النقب. لكنه فاجأ الجميع بالانتساب إلى حزب العمل تحت قيادة عمير بيرتس. وفي السنة التالية انتخب نائبا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). في 2007 تنافس على رئاسة حزب العمل في مواجهة باراك، ولكنه تراجع وانضم إلى عامي أيلون لتوحيد القوى ضد باراك. لكنهما خسرا بفارق أصوات قليل. وفي الانتخابات المقبلة ينوي منافسة باراك، ويسانده في معركته هذه أيلون.

في حكومة نتنياهو، خير برافرمان ما بين استلام وزارة الاقتصاد، أو وزير بلا وزارة مسؤول عن الأقليات، فاختار الثانية. وهو، كما يقول، يحارب داخل الحكومة من أجل تصفية سياسة التمييز ضد العرب من فلسطينيي 48 ودمجهم في حياة الدولة العبرية «ليس على أساس المساواة فحسب، بل الشراكة الكاملة».

وتصدى برافرمان للقوانين العنصرية التي حاول زملاؤه في الحكومة تمريرها. وهاجم تصريحات وزراء اليمين المتطرف وقادة المستوطنين. ودعا إلى تجميد الاستيطان في سبيل إعطاء فرصة لإنجاح مفاوضات السلام. وفيما يلي نص الحوار

* ما مدى جدية حكومة إسرائيل في المفاوضات، وما الجديد الذي يمكن إقناعنا بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قرر التخلص من قناعاته اليمينية المتطرفة، وإحداث الانعطاف والانتقال إلى مسيرة سلام؟

- أنا أعتقد أننا وصلنا إلى ساعة الحقيقة بالنسبة للروح القيادية لدى نتنياهو وأبو مازن. كل واحد منهما يستطيع أن يجد حجة يتذرع بها للانسحاب والعودة إلى جولة ثانية وثالثة. وهذه حسب رأيي ستكون كارثة. فإذا توجها إلى المفاوضات من دون وضع هدف واضح للتوصل إلى اتفاق، فإن الأمر يعني، بالنسبة لي كيهودي، تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل. والكثيرون من أصحاب القدرات والمواهب سيتركون البلاد.

* هذا ما يريده الكثيرون من رافضي العملية السلمية. وأنت تشجعهم عمليا؟

- لا تعتقد أن الخطر على إسرائيل سيقتصر على دولتنا. سيهجر الدولة العقلاء، ولكن المتطرفين وأنصار الحروب سيبقون. والخطر سيكون شاملا على الجميع. سنخسر دولة العلم والثقافة والديمقراطية والازدهار الاقتصادي. وسيربح أولئك الذين يريدون لإسرائيل أن تكون دولة يهودية ظلامية.

* وهل نتنياهو يؤمن بذلك؟

- قبل سنة و3 أشهر، عندما دعاني نتنياهو للقائه من أجل ضمي للحكومة، قلت له إن النظام الديمقراطي متعب. أنت تعيش الحريات وسلطة القانون والانتخابات وكل شيء يكون تمام التمام، ولكن إلى حد معين، وهذا الحد يمكن أن يكون قبل 10 دقائق فقط من اشتعال النيران. القائد الحقيقي، وفي التاريخ يوجد قادة حقيقيون كثيرون، مثل تشرتشل ومانديلا وغيرهما، الذين يؤمنون بالديمقراطية ليس فقط كحكم الأكثرية، بل كحكم يأخذ في الاعتبار أيضا مصلحة الأغلبية الصامتة، ومستقبل الأطفال. قلت له أنت أمام خيارين: فإما أن تكون حدثا عابرا في التاريخ أو أن تصبح قائدا تاريخيا. اليوم عليه أن يتقدم بشجاعة للبحث في القضايا الكبرى في الصراع، الحدود والأمن والقدس وإيجاد صيغة مقبولة للطرفين في موضوع اللاجئين، ووقف التحريض.

* لكن ثمة سؤال لم تجب عليه. ما هو الضمان لأن يكون نتنياهو صادقا وجادا؟

- أنا أقول له: اذهب في قيادة المعسكر وتقدم. إذا جئت باتفاق، فإن غالبية الوزراء حتى من الليكود وغالبية الشعب معك، وستجد غطاء دوليا عملاقا يساندك يضم الولايات المتحدة والغرب كله والدول العربية والإسلامية المعتدلة. وإذا دخلت أزمة ائتلافية واحتجت مساندة، فإن حزب كديما مستعد للدخول إلى الائتلاف. أنت تعمل من أجل التاريخ.

* لكن القضية ليس ما يقال له، بل ماذا يقول هو. كيف يرد عليك عندما تقول له هذه الكلام؟

- الامتحان ليس بالأقوال، بل بالأفعال.

* تعال نتحدث في الأفعال. في 26 من الشهر الجاري ينتهي مفعول قرار الحكومة تجميد البناء الجزئي في المستوطنات. ماذا سيحدث فعلا، وليس حسب التقديرات؟

- أقول لك بوضوح. أتمنى أن يستمر نتنياهو وأبو مازن في المفاوضات وأن يجدا صيغة معقولة ومقبولة أيا كانت. فإذا لم يفعلا، برأيي أن الاستمرار في التجميد 4 أو 5 شهور أو أي فترة يحتاجانها، لن يكون مشكلة. البناء الاستيطاني هو قضية ثانوية أمام القضايا المركزية. الأهم لإسرائيل هو الأمن والحدود والقدس وتسوية القضايا الكبرى العالقة.

* وزير الخارجية في الحكومة الإسرائيلية يقول إن هذه القضايا لن تجد حلولا لها لا في هذه السنة ولا في الجيل المقبل.

- حكومة إسرائيل تختلف عن كل الحكومات في هذه الدنيا. رئيس الحكومة، نتنياهو، يقف أمام الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والرئيس الفلسطيني والرئيس حسني مبارك والملك عبد الله وأمام العالم أجمع ويقول إنه جاء لكي ينجز اتفاق سلام خلال سنة بكل مسؤولية، وإن هذا الاتفاق يحتاج إلى عدة سنوات لتطبيقه، ويعود ليردد هذه الكلمات أمامنا في جلسة الحكومة قبل أيام، ولكن وزير الخارجية، السيد أفيغدور ليبرمان، يطلق تصريحات معاكسة. من جهتي، لا أنكر أن ليبرمان إنسان قدير ويستطيع أن يؤدي مهمات وزارية كثيرة. ولكن وزير الخارجية يكون عادة الناطق باسم رئيس الحكومة. أي صورة يبني لنا أمام العالم، عندما يقول رئيس الحكومة شيئا ويقول وزير الخارجية شيئا مناقضا؟ مثل هذا التناقض لا تجده في أي دولة في العالم. لذلك اقترحت أن يستقيل ليبرمان أو أن يقيله رئيس الحكومة. إنه لا يستيطع تأدية مهمة وزير الخارجية.

* لكن، ربما يكون ليبرمان هو الناطق الصادق باسم اليمين الإسرائيلي. لماذا تلقي عليه باللائمة. لماذا لا يكون هناك تقاسم أدوار متفق عليه بينه وبين نتنياهو؟

- يوجد وزراء آخرون في اليمين يتفوهون ضد تصريحات نتنياهو. هذا شرعي. ولكن وزير الخارجية شيء آخر. إنه يوحي بأننا لسنا جادين.

* ليست قضية جدية فحسب. فلربما يكون نتنياهو مخادعا. ببساطة يضلل العالم، لكن وزير خارجيته لا يريد المشاركة في هذه اللعبة ويقول بصدق ما يفكر فيه اليمين! - أنا لا أريد أن أحلل شخصية ليبرمان. ولكنني لا أستبعد أن يكون هدف ليبرمان هو رفع شعبيته لدى هذا الجمهور اليميني. وقد حاول تمرير قوانين في الكنيست، مثل قانون النكبة وغيره، وبذلك ألحق ضررا بدولة إسرائيل وبالعلاقات الحساسة بين اليهود والعرب في إسرائيل. ولكننا منعناه من تحقيق شيء. ومن المفيد أن يعرف العالم أن هناك ليبرمان وهناك برافرمان.

* ومع ذلك، فإن نتنياهو لا يقبل اقتراحك. ويبقي ليبرمان وزير خارجية. لعله راض عن هذا التناقض في حكومته؟

- أنا لست محللا سياسيا. أنا أقول إن القضية الأساسية هي أن أمام نتنياهو فرصة تاريخية. وهو يناور بين قوتين: الأولى هي البقاء في الحكم. هنا يناور ما بين حزب العمل، من جهة، وبين رفاقه في اليمين من جهة ثانية. ولكن حان وقت اتخاذ القرار. لا مجال للمزيد من المناورات. إذا كان يريد اتخاذ قرار تاريخي، يستطيع ذلك. وإن لم يرد، فإن النتيجة لن تكون فراغا. فهناك من يأتي مكانه ويعبئ الفراغ.

* هل أنت تتحدث من خلال فحص ومعرفة توازن القوى أم من خلال التقديرات المتفائلة؟

- كانت لي أحاديث طويلة مع الكثير من القوى. لكن القضية الأساسية هي أن الفرصة سانحة اليوم. إذا أردت صناعة التاريخ، عليك أن تدفع الثمن. وإذا لم تفعل، فإن حزب العمل لن يكون في الائتلاف.

* تهديد جدي! - ليس تهديدا. نحن دخلنا هذه الحكومة ليس بسبب المناصب. لدينا وزراء جيدون، هرتسوغ وبن أليعازر وسمحون. دخلنا من أجل عملية السلام بالأساس.

* لم تذكر باراك بين وزراء حزب العمل الناجحين، أهذه صدفة؟

- باراك أيضا وزير دفاع ناجح. المهم عملية السلام. وأنا أعتقد أنه لولا وجود حزب العمل في الحكومة لما كنا تقدمنا إلى هذه المرحلة في المفاوضات. ولكن هذا لا يكفي، وحان الوقت لإحداث قفزة في المحادثات. وأنا لا أحمل مسدسا فوق رقبة رئيس الحكومة، بل أحاول مساعدته ليصبح قائدا تاريخيا. لديه إمكانية.

* لنفترض أن لديه رغبة في ذلك، فهل يستطيع نتنياهو اتخاذ القرار وتمرير القرار في الحكومة؟

- أعتقد أن كل قائد يهودي صهيوني يقرأ الواقع ويريد دولة يهودية ديمقراطية حضارية تعطي مواطنيها اليهود والعرب حقوقا متساوية وفرصة للشراكة، يستطيع تمرير اتفاق سلام. الخلاصة، توجد لدى نتنياهو القدرة. إنه إنسان حكيم. السؤال يكمن فيما إذا كان يملك الشجاعة للتحرر من القيود الآيديولوجية التي كبل نفسه بها، فهذه القيود ولى زمنها.

* دعنا نعود إلى قضية تجميد الاستيطان. ما هو الحل الذي يمكن أن يرضي الطرفين؟

- بما أن الطرفين يتمسكان بالأمور الشكلية، فإننا أمام مشكلة. ولكنني أعتقد أن هناك حلا ما توصل إليه نتنياهو وأبو مازن، سيتيح الاستمرار في المفاوضات. كل منهما يدرك أن هذه قضية ثانوية لا تستحق إفشال المفاوضات بسببها.

* هل كنت مستعدا لأن تنصح الرئيس الفلسطيني أن يستمر في المفاوضات حتى لو لم يتم تجميد الاستيطان؟ ماذا تعده مقابل ذلك؟

- أنا لا أريد أن أمس أبو مازن ولا أن أستخف بالمعارضة التي يواجهها. ولكنني أؤكد أن البناء الاستيطاني هو قضية ثانوية. يجب أن نتجاوزها من أجل القضايا الكبرى. فهذه القضايا هي الامتحان الحقيقي.

* أنت ترشح نفسك لرئاسة حزب العمل، وتطمح للوصول إلى منصب رئيس الحكومة في إسرائيل. فلو كنت..

- أنا لم أصرح بذلك بعد.

* لنفترض أنك أصبحت رئيس حكومة، ما الذي كنت ستغيره في سياسة الحكومة؟

- والدي الراحل، حرص على تعليمي بأن «كل شيء في وقته حلو». أنا حاليا أركز على مهمتي كوزير لشؤون الأقليات. أرى مهمتي أن أسعى لتحقيق المساواة والشركة للمواطنين العرب، وأن أدفع عملية السلام إلى الأمام. وعلى الصعيد الحزبي أخذت على عاتقي أن أقود حزب العمل نحو عملية تجدد وإنعاش. ولكن لكي لا أبدو متهربا من الرد على سؤالك، أقول: لو كنت رئيس حكومة إسرائيل الآن، لكنت أعلنت عن تبني مبادرة السلام العربية. فهذه مبادرة تاريخية لصنع السلام الشامل مع الأمة العربية. لقد كان تعامل رئيس الحكومة الأسبق، أرئيل شارون، مع هذه المبادرة خطأ فاحشا. كان عليه أن يتبناها، ولكنه بدلا من ذلك راح يلتف عليها. في حينه، التقيت صديقي ومعلمي وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جورج شولتز، الذي كان صديقا حميما لإسرائيل. لقد علمني في جامعة ستانفورد سنة 1975، ومنذ ذلك الوقت وأنا على علاقة معه. هذا الرجل لم ينتقد إسرائيل يوما. ولكن، بعد 3 أيام من طرح المبادرة العربية كمبادرة سعودية، قال لي مستهجنا: «كيف يمكن أن لا تتلقفوا هذه المبادرة؟ ما الذي أصابكم؟». فأجبته: «إنني مثلك لا أفهم هذا التصرف». وأنا اليوم أقول إنها تصلح أساسا للتسوية.

* ما الذي تراه ملائما لك فيها؟

- إنها تحتوي على 5 أسس مهمة لي كيهودي إسرائيلي. أولا: حدود 1967 كأساس مع ضمان تبادل أراض. ثانيا: قضية اللاجئين. فالمبادرة تتحدث عن تسوية باتفاق مشترك إسرائيلي - فلسطيني حول الموضوع. وثالثا: القدس. ورابعا: إنهاء الصراع. وخامسا: علاقات سلام وتطبيع. لقد حاربنا عشرات السنين من أجل ذلك، وعندما يأتي العرب ويقترحونه علينا نرفضه؟ علينا أن نقبل المبادرة. فهي ممتازة. لا أقول نقبلها برمتها، بل كأساس للتسوية.

* ماذا تقصد بـ«أساس للتسوية»؟ أتعرف أن هذه الصيغة تزعج العرب؟ اليمين يقول إنه يرفضها. واليسار يقول إنه لا يقبلها كما هي ويريد أن يتفاوض عليها.

- لا تفهمني خطأ. أنا أقول إنها ممتازة. وتصلح أساسا. فهي تنطوي على تحول تاريخي لدى العرب يستحق تحولا تاريخيا عندنا. ولكنها تتضمن بنودا تحتاج إلى محادثات ومفاوضات لتطبيقها، مثل الأمن وتبادل الأراضي في مسألة الحدود وغيرهما. وأنا عندما أتحدث أمام الإسرائيليين، أبناء شعبي، عن ضرورة قبول هذه المبادرة، لا أفعل ذلك من باب انتهاز فرصة آنية. إنما أنطلق من منطلق آخر. من منطلق الحاجة للانتقال ببلادنا إلى العصر الجديد. أنت تعلم بالتأكيد أن إسرائيل تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في موضوع إقامة الشركات الصناعية الجديدة الناجحة. لا توجد دولة في العالم تنافس إسرائيل في نسبة الاختراعات الجديدة. وبالمناسبة عندما أتكلم عن مخترعين أقصد مخترعين يهودا وعربا. ولكن، إسرائيل هذه تعاني من نواقص وقصور شديدة. أولا في موضوع التعليم. وهناك إهمال للريف. وهناك عدم استغلال للطاقات البشرية لمجموعتين كبيرتين من السكان، المواطنين العرب والمواطنين اليهود الحريديم (المتزمتين). وهنالك بيروقراطية في التعاطي مع الاستثمارات والبناء. تصور لو أننا استطعنا حل هذه المعضلات؟ إن النمو الاقتصادي يحتاج إلى تغيير جذري في هذه المجالات. ولكي ننجح في التغيير، نحن بحاجة إلى موارد. وهذه الموارد لن تأتي من دون تغيير الواقع السياسي. السلام سيعود علينا بثورة تكنولوجية وعلمية وسيغير واقعنا المعيشي بشكل هائل، وأنا كنت قد صوت ضد زيادة ميزانية الدفاع، لأنني أريد تكريس الموارد للعلم والتطور.

* المعروف أن من يطرح تقليص ميزانية الجيش لا يبقى لديه أمل في الوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة في إسرائيل! - أنا لا أطرح المساس بالأمن وبالقدرات العسكرية لإسرائيل. بل بالعكس. أنا أريد إسرائيل قوية جدا وقادرة. أريدها أن تكون قادرة على مواجهة الحرب المقبلة إذا وقعت. ولكن ما يحصل اليوم هو أننا نكرس الأموال للحروب السابقة. وأقصد الأسلحة القديمة والحسابات القديمة. فإذا حققنا السلام مع الفلسطينيين والعرب، ستتغير المعادلات. وقد نجد أنفسنا نمنع الحرب المقبلة.

* مع إيران! - أنا أعتقد أن أكبر ضربة لإيران تكمن في تحقيق السلام. فإيران دولة حرب، تريد أن تنسف كل إمكانية للتعايش بين إسرائيل والعرب. تريدنا أن نظل في حرب دائمة تنهك قوى الإسرائيليين والعرب وتقضي عليهما حتى آخر نفس. ولذلك ترسل حماس إلى تنفيذ عمليات إرهاب. ولكن، إذا حققنا السلام، فإن ذلك سيربك مشاريعها ويعزلها، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى إسقاط مشاريع إيران العدوانية، التي تهدد ليس إسرائيل وحدها بل أيضا العالم العربي والغربي.