شعث لـ«الشرق الأوسط»: المفاوضات ستبدأ اليوم بلقاءات منفردة يعقدها الرئيس المصري مع القادة

تنطلق في شرم الشيخ بملفات الأمن والحدود والأرض.. و4 عقبات تهدد استمرارها

نبيل شعث (أ.ف.ب)
TT

قال الدكتور نبيل شعث، عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، إن المفاوضات ستنطلق اليوم بلقاءات منفردة يعقدها الرئيس المصري حسني مبارك مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، كل على حدة، قبل عقد جلسة عامة تضم جميع الأطراف.

وأكد شعث لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس المصري سيحاول دفع إسرائيل لمفاوضات جادة من دون شروط مسبقة، وسيبذل جهوده خلال هذه الاجتماعات من أجل تقريب وجهات النظر، وجسر الهوة بين مواقف الأطراف، قبل بدء اللقاءات المباشرة.

وتنطلق المفاوضات المباشرة اليوم، بعد انقطاع دام نحو 20 شهرا، وبعد جهود كبيرة وضغوط أكبر مارستها الولايات المتحدة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق على جميع الملفات (القدس والحدود والأمن والمياه واللاجئين والمستوطنات والأسرى)، خلال عام واحد، على أن يتم التطبيق لاحقا.

وقال شعث إنه لا اقتراحات على الطاولة الآن من أي طرف من الأطراف، وإن طاولة المفاوضات هي الفيصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأكدت هذا الموقف أمس مصادر سياسية إسرائيلية مسؤولة، بقولها إنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق مع الفلسطينيين على أي موضوع، وإن الوزيرة كلينتون التي ستحضر هذه المباحثات لا تحمل في جعبتها أي صيغة حل وسط.

وأوضح شعث أن جولة اليوم ستبحث 3 ملفات مهمة، وهي الأرض والحدود والأمن، بخلاف ما يقوله الإسرائيليون الذين يريدون بدء المفاوضات بملف الأمن وحده. وعقب شعث على الطلب الإسرائيلي بقوله: «لا أمن من دون الأرض والحدود وهم يعرفون ذلك جيدا».

ويتضح اليوم أن لا أحد من الطرفين فرض أجندته على طاولة المفاوضات فيما يخص أول قضية سيتم بحثها. وهذه عقبة من بين 4 عقبات تعتري طريق المفاوضات في بدايته فقط.

أما العقبة الثانية، فهي مسألة الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية. وكان نتنياهو أكد أول من أمس أن الاعتراف بإسرائيل كوطن قومي لليهود يعتبر أساس السلام. وأمس دعا وزير المالية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس الفلسطينيين إلى «عدم تفويت الفرصة السانحة حاليا لتحقيق السلام، وعدم تكرار أخطائهم الماضية المتمثلة في إهدار الفرص المماثلة». لكنه قال في كلمة له أمام مؤتمر الأعمال الصغرى والمتوسطة في تل أبيب إنه «يستحيل المضي قدما نحو الاعتراف بالحقوق الوطنية للفلسطينيين قبل اعترافهم بوجود وطن قومي لليهود تمشيا مع قرارات الأمم المتحدة».

وقال شعث إن هذه القضية ليست أبدا للنقاش، وإنه يستحيل على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، موضحا أن إسرائيل تريد من الفلسطينيين الاعتراف بها يهودية كي تقطع الطريق أمام مطالبتهم بعودة أي لاجئ فلسطيني.

وأضاف شعث «نحن غير مطالبين بأن نعترف بأن أميركا مسيحية، ومصر مسلمة مثلا».

والقضية الثالثة، هي ما إذا كانت المفاوضات ستبدأ من حيث انتهت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت.

وتقول إسرائيل إن المفاوضات ستبدأ من الصفر، وعلمت «الشرق الأوسط» أن إسرائيل اعترضت على بدئها من حيث انتهت مع أولمرت. وقال شعث «موقفنا هو أن نبدأ من حيث انتهت مع أولمرت، أما هم فيرفضون ذلك، ونحن نتمسك بهذا الموقف».

أما القضية الرابعة التي قد تنسف المفاوضات مبكرا، فهي قضية الاستيطان. وفجرت هذه القضية خلافات كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبين الإسرائيليين أنفسهم.

إلى ذلك، قال شعث «نحن سنواصل المفاوضات حتى 26 الجاري، وسنتصرف بعدها وفق الموقف الإسرائيلي». وأوضح «سننسحب من المفاوضات إذا ما استأنفت إسرائيل البناء.. هذا موقف لا تغيير عليه أبدا».

ورفض شعث فكرة استمرار البناء في الكتل الكبيرة، وقال «هذا يصعب المسألة، نحن لا نعترف بأي مستوطنات على أرضنا ولا بشرعية أي بناء، وهذا سيظهرنا كمن يعترف بهذه الكتل على أرضنا».

وتوجهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس إلى مصر أمس للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة. وتحضر كلينتون المفاوضات في شرم الشيخ اليوم، والقدس يوم غد، في خطوة أميركية للبرهنة على التزام واشنطن بعملية السلام والعمل الجدي على التوصل إلى حل للنزاع في الشرق الأوسط.

وتعتبر إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن مشاركة كلينتون في المفاوضات في المرحلة الأولى منها ضرورية لتثبيت مسار المفاوضات ولكن من غير المقرر بعد إذا كانت كلينتون ستشارك في اللقاءات المستقبلية بين عباس ونتنياهو بشكل دوري، أم تترك الأمر للمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، جورج ميتشل. وتعتبر مشاركة كلينتون، بعد استضافة أوباما لعباس ونتنياهو في البيت الأبيض قبل أسبوعين، في محادثات اليوم وغدا إشارة إلى الاهتمام الأميركي بالعملية.

وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كنا واضحين بأن هناك أوقات سنشارك وأخرى لن نشارك في المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، رافضة الخوض في تفاصيل كيفية اتخاذ قرار المشاركة في الجولات المقبلة. واكتفت بالقول إن «السيناتور ميتشل يلعب دورا مهما»، في إشارة إلى إمكانية أن يكون ميتشل هو من يمثل واشنطن في المفاوضات في حال غابت كلينتون بسبب التزامات أخرى.

يذكر أن ميتشل يرافق كلينتون في زيارتها إلى المنطقة، بالإضافة إلى مساعد وزيرة الخارجية جيف فيلتمان.

واعتبر حسين أبيش من «فريق العمل الأميركي عن فلسطين» أن التمثيل الأميركي في المفاوضات أمر مهم، ويمثل دليلا على الخطط الأميركية للمرحلة المقبلة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تساؤلات حول مستوى التمثيل الأميركي في المحادثات خلال الفترة المقبلة. ومن المهم مراقبة هذه المسألة لمعرفة إذا كانت واشنطن تنوي الخوض بشكل أقوى في التوصل إلى حل للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي».

وتحرص واشنطن على التوضيح بأن المسؤولين الأميركيين يساعدون في تقريب وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية بدلا من فرض حلول أميركية، وهو الأمر الذي أكدت كلينتون عدم فعله. ولفت أبيش إلى أن الدور الأميركي في الوقت الحالي في المفاوضات هو «دور مسهل بدلا من طرح الحلول». ولكنه أردف قائلا: «الإدارة الأميركية تبذل جهدا لإعطاء الطرفين فرصة لإحراز التقدم بمفردهما، أو قد لا يحرزون التقدم، مما قد يدفع إلى دور أميركي أكبر».

يذكر أن أوباما كان قد قال يوم الجمعة الماضي في مؤتمر صحافي إنه في حال فشلت المفاوضات الحالية، سيواصل العمل على التوصل إلى حل للنزاع، من دون توضيح تفاصيل حول الخيارات الأخرى المطروحة.

واعتبر أبيش أن «هناك خيارات عدة مطروحة في حال فشلت المفاوضات، مثل الابتعاد عن المفاوضات المباشرة ووضعها في إطار دولي أوسع، أو التفكير في إطلاق خطة أميركية تتوصل إلى حل نهائي». ولكنه أوضح أن «كل هذه الخيارات ستكون بحاجة إلى شكل من أشكال التفاوض.. ولكن ما يحاول أوباما توضيحه هو أن هذه مسألة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة ولن يتخلى عنها».

وبالإضافة للمشاركة في المفاوضات المباشرة في شرم الشيخ، تلتقي كلينتون بالرئيس المصري حسني مبارك اليوم، قبل التوجه إلى القدس للمشاركة في اليوم الثاني من المفاوضات المباشرة. ومن المرتقب أن تجري كلينتون لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين يومها، قبل التوجه إلى رام الله يوم الخميس للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وتختتم كلينتون جولتها في المنطقة في عمان حيث تلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وحول أجندة اللقاء مع الرئيس المصري والعاهل الأردني، قالت الناطقة: «هما طرفان مهمان في المفاوضات، كما كان واضحا من حضورهما في واشنطن قبل أسبوعين». وتشمل محادثات كلينتون مع مبارك والملك عبد الله بحث تطور المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، بالإضافة إلى بحث العلاقات الثنائية.