نتنياهو سيعرض على عباس البناء على نطاق محدود في المستوطنات

حماس: استئناف المفاوضات المباشرة يمثل «تحديا فظا» للإجماع الوطني الفلسطيني

عامل بناء فلسطيني منهمك في إنجاز عمله بمستوطنة يهودية قريبة من القدس أمس (رويترز)
TT

تنطلق اليوم في شرم الشيخ المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في حضور بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ومحمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، والرئيس المصري حسني مبارك، وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، وجورج ميتشل، المبعوث الرئاسي الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط.

وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن نتنياهو سيعرض على الرئيس الفلسطيني في شرم الشيخ اقتراحا يقضي باستئناف البناء في المستوطنات في الضفة الغربية على نطاق محدود.

ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية قولها إن وتيرة البناء في المستوطنات ستكون مشابهة لوتيرة البناء أثناء حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، حيث تركز البناء داخل التجمعات الاستيطانية الكبيرة.

وكان نتنياهو قد أعلن مساء أول من أمس، بشكل لا يقبل التأويل، أن إسرائيل لا يمكنها أن تقبل بمواصلة العمل بقرار تجميد الاستيطان الذي من المتوقع أن ينتهي العمل به في السادس والعشرين من الشهر الحالي.

وخلال لقائه بمبعوث اللجنة الرباعية توني بلير، قال نتنياهو «إن إسرائيل لا يمكنها أن تستمر في التجميد الكامل»، موضحا أن «إسرائيل» لن تقوم ببناء الوحدات السكنية التي يجرى التخطيط لها، والمقدر عددها بعشرات الآلاف، إلا أنها لن تعلق حياة اليهود الذين يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن نتنياهو سبق أن قدم الاقتراح لكل من الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته كلينتون وميتشل.

وفي غزة، اعتبرت حركة حماس أن انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة في شرم الشيخ، آلية أخرى من الآليات التي تتبعها السلطة الفلسطينية لتضييع الحقوق الوطنية الفلسطينية.

وقال أيمن طه، الناطق الرسمي باسم حركة حماس إن المفاوضات توظف من قبل إسرائيل للتغطية على «الجرائم» التي ترتكبها بحق الفلسطينيين، وعلى رأسها تواصل الاستيطان في الضفة الغربية، والتهويد في القدس المحتلة، معتبرا أن رئيس السلطة الفلسطينية يوفر لإسرائيل المظلة الدولية التي تمكنها من ارتكاب هذه «الجرائم».

وأشار طه في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى حقيقة أن قرار السلطة الفلسطينية بالموافقة على استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل يمثل «تحديا فظا» للإجماع الوطني الفلسطيني الذي عبرت عنه الفصائل والمجتمع الفلسطيني، الذي أعلن بشكل لا يقبل التأويل «أن هذه المفاوضات تستهدف الحق التاريخي للفلسطينيين في أرضهم ومقدساتهم»، داعيا إلى تكثيف الرد الشعبي العام ضد استئناف المفاوضات.

وتوقع طه أن تسفر الجولة الثانية من المفاوضات عن قبول السلطة بالموقف الإسرائيلي القاضي بمواصلة الاستيطان في التجمعات الاستيطانية الكبيرة، مشيرا إلى أن حركته ترفض المفاوضات، سواء كانت في ظل الاستيطان أو من دونه.

ولم يستبعد طه أن توظف إسرائيل المفاوضات المباشرة من أجل التغطية على عدوانها ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، مؤكدا أن تجربة الماضي تؤكد أن إسرائيل وظفت المفاوضات مع بعض العرب للاعتداء على العرب الآخرين.

ورفضت حركة حماس التصريحات التي أدلى بها يوفال ديسكين، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية «الشاباك»، التي قال فيها إن حماس أقدمت على تنفيذ هجمات ضد المستوطنين في الضفة الغربية مؤخرا من أجل إفشال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وقال طه إن حماس ملتزمة ببرنامج المقاومة سواء كانت هناك مفاوضات أم لم تكن، مشددا على أن تزامن تنفيذ العمليات مع استئناف المفاوضات المباشرة أمر عرضي.

وشدد طه على أن عمليات المقاومة تخضع لاعتبارات الزمان والمكان، ولا يتم إخضاعها، البتة، لاعتبارات سياسية، مستدركا بالقول: «إن أدت عمليات المقاومة إلى إفشال المفاوضات المباشرة، فلتذهب المفاوضات للجحيم».

وأكد طه أن عمليات المقاومة تأتي للرد على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، معتبرا أن كل الشرائع الدولية تكفل للشعب الذي يعيش تحت الاحتلال مقاومة المحتل بكل السبل والوسائل.

واعتبر أن المقاومة هي السبيل الوحيد لإرغام حكومة الاحتلال على الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وردعها عن مواصلة ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.

من جهة أخرى، أكدت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية أن 2066 وحدة سكنية في 42 مستوطنة تنتظر بدء عملية البناء في السادس والعشرين من سبتمبر (أيلول) الحالي، موعد نهاية مدة التجميد. وفي تقرير نشرته أمس، أكدت «السلام الآن» أن الوحدات السكنية التي ستبنى هي وحدات تمت المصادقة على بنائها، وحصل المستوطنون فيها على تراخيص بناء في مستوطنات قائمة، تم إعداد البنية التحتية فيها. وتتطابق هذه المعطيات مع معطيات سابقة تم نشرها، وأفادت أنه بإمكان المستوطنين البدء في بناء 2000 إلى 2500 وحدة سكنية مباشرة فور انتهاء مدة التجميد.

وأشارت الحركة إلى أن هناك مخططا لبناء 11 ألف وحدة سكنية في مواقع حصلت على تراخيص لخرائط هيكلية وتخصيص أراض فيها للبناء الاستيطاني من قبل الوكالة اليهودية، والحديث هنا عن مئات الوحدات الاستيطانية في مستوطنات «أفرايم» و«رفافاه» و«تكوع» و«طلمون» و«كيدوميم» و«عمنوئيل» و«مفو دوتان» و«بيت أرييه».

من ناحيته، قال ياريف أوفنهايمر، مدير عام «السلام الآن» إنه من دون صدور قرار باستمرار احترام تجميد الاستيطان فإن السيطرة ستنتقل للمستوطنين الذين سيقومون بتوسيع المستوطنات المعزولة حتى من دون الرجوع للحكومة.

وكان استطلاع للرأي العام قد أجري في أوساط مصوتي حزب الليكود الحاكم أظهر أنهم يخشون أن يؤدي أي قرار بتجميد الاستيطان إلى حدوث انشقاق في الحزب. وتبين من نتائج الاستطلاع أن 54 في المائة من منتسبي الحزب يؤكدون أن قرار تجميد الاستيطان سيفضي إلى حدوث انشقاق داخل الحزب، فيما قال 29 في المائة من المنتسبين إنهم سيتجهون لتأييد حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، الذي يقوده ليبرمان في حال اتخذ قرارا بتمديد تجميد الاستيطان. وأكد 59 في المائة من المنتسبين أنه يتوجب على وزراء الليكود في الحكومة التصدي لنتنياهو وإحباط أي قرار يتخذه بشأن مواصلة تجميد الاستيطان في الضفة الغربية. وقال 50 في المائة من المنتسبين إن استمرار قرار تجميد الاستيطان سيضعف من احتمال تصويتهم للحزب في الانتخابات القادمة.

إلى ذلك، صعد مستوطنون من هجمتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية، إذ استولى بعضهم صباح أمس على نحو 15 دونما من الأراضي الزراعية، قرب قرية دوما في نابلس شمال الضفة، وشرعوا في تجريفها، تمهيدا لزراعتها.

وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، إن المستوطنين وضعوا يدهم على الأرض بالقوة، مثلما فعلوا ذلك قبل أيام في عشرات الدونمات بقرية قريوت.

وكان مستوطنون قد هاجموا أمس أيضا قرية عوريف (جنوب نابلس)، وكتبوا شعارات تهدد بالانتقام من الفلسطينيين، وأضرموا النار في إحدى المركبات، قبل أن ينكشف أمرهم وهم يحاولون إحراق مركبات أخرى، فلاذوا بالفرار.

وفي القدس، قال شهود عيان إن المتطرفين اليهود نظموا جولات في باحات وساحات المسجد الأقصى المبارك، بعد اقتحامه فجر أمس. وقالت مصادر فلسطينية تعمل في المسجد الأقصى، إن الشرطة الإسرائيلية سمحت للعشرات من المتزمتين اليهود بالدخول إلى المسجد الأقصى من بوابة المغاربة، ورافقتهم بهدف الحماية. وأكد سدنة المسجد الأقصى أن خمس مجموعات دخلت من البوابة، يتقدم كل مجموعة أحد كبار الحاخامات، في خطوة لها علاقة كما يبدو بالاحتفال بالأعياد اليهودية.

وحذرت فتح أمس من أن «جرائم المستوطنين تهدد لنسف جهود السلام». وقال أحمد عساف، المتحدث باسم حركة فتح، إن إرهاب المستوطنين «يؤكد موقفنا بأن الاحتلال والاستيطان هما العدو الأول للسلام». وأضاف عساف في بيان صحافي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، «إن جرائم المستوطنين تهدد لنسف جهود السلام المبذولة بقيادة الولايات المتحدة، لأنها تهدف لجر المنطقة إلى دوامة من العنف ومربع الفعل ورد الفعل». وطالب عساف كل أطراف الرباعية الدولية بإلزام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بوقف هذه الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين العزل الذين أصبحوا غير آمنين على حياتهم أو ممتلكاتهم، حتى وهم داخل بيوتهم.