الممرضة ريجي التي لا تقهر.. لا تزال تعمل في «غراوند زيرو»

الإرهابيون فشلوا في قتل شين عام 1993 ومرة أخرى في هجمات سبتمبر

ريجينا شين في موقع «غراوند زيرو» (نيويورك تايمز)
TT

لقد فشلت جميع المحاولات الرامية إلى إثناء ريجينا شين عن العمل في المكان الذي أرادت.

لم ينجح الإرهابيون في قتل شين عام 1993، وفشلوا في قتلها مرة أخرى عام 2001. وعندما أرادت العودة، حاولت والدتها مخاطبة الفطرة السليمة لديها، حيث قالت: هل فقدت صوابك يا ريجينا؟ هذا لم ينجح أيضا. لذا، تذهب شين، الابنة المرحة من ستيتن آيلاند والتي تشتهر باسم الممرضة «ريجي»، إلى العمل كل صباح فيما يمكن بكل صراحة وصفه على أنه المكان المفضل لديها في المدينة، إنه موقع مركز التجارة العالمي.

«بكل تأكيد، لدي ملاك يحرسني»، هكذا قالت في الشاحنة الصغيرة المكتوب عليها «المساعدات الأولية» أسفل برج تحت الإنشاء، سيصبح ارتفاعه في يوم من الأيام 1776 قدما.

وتعود شين، التي نجت مرتين من الهجمات على مركز التجارة العالمي، إلى الموقع كل صباح كجزء من فريق طبي يعمل على علاج الجروح والكدمات والحروق التي تصيب عمال البناء الذين يعيدون تشييد المركز.

وقالت شين، 63 عاما، «أحب هذا المكان؛ أحبه فعلا». وكانت شين ترتدي قبعة قوية وتقف وسط موقع الإنشاء.

وفي عام 1993، كانت شين تعمل ممرضة في وحدة صحة الموظفين في هيئة موانئ نيويورك ونيوجيرسي، في الطابق 63 من البرج الجنوبي. وقالت: «لقد كنت محظوظة للغاية». لقد كانت في ردهة المبنى عندما انفجرت القنبلة. وكان ذلك في وقت الغداء. ونشرت صحيفة «يو إس إيه توداي» بعد ذلك صورة لها وهي تدفع امرأة خارج المبنى في عربة للقهوة.

وقالت: «لقد شعرت كأني أحد عمال الإنقاذ. لم أكن أرغب أن تكون حياتي في خطر. لم نفكر مطلقا في أن المبنى قد ينهار».

وغيرت شين وظيفتها بعد ذلك، وعملت في نيوجيرسي وفي النهاية استقر بها الحال في شركة «فيريزون» في قسم الموارد البشرية، حيث كانت تعمل في مكتب تعويضات العمال. وعندما نقتلها «فيريزون» إلى مكتب الشركة في الدور التاسع في البرج الجنوبي بمركز التجارة العالمي في أواخر تسعينات القرن الماضي، كانت سعيدة أن تعود للعمل في هذا المكان.

وفي الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، سمعت شين وقوع انفجار ورأت ألسنة اللهب ومبنى البرج الشمالي يتهاوى أمامها. وقالت: «لقد اهتز الطابق، وأخفقت الأضواء. وأسرع شخص وقال لقد كان ذلك طائرة ركاب تصطدم بالمبنى. أسرعنا بالخروج؛ لقد كنا محظوظين للغاية».

وفي رواق المبنى، أخبر شخص ما المجموعة التي كانت تعمل بها أنها ستكون آمنة بالداخل. وتجاهلت هذا الكلام، وركضت هي وأحد العمال إلى مبنى «سينشري 21». ولم تنظر إلى الخلف عندما انهارت المباني.

وقالت: «لقد شعرت بالذنب لأنني لم أحاول البقاء وإنقاذ مزيد من الأشخاص، لكنني بكل صراحة كنت خائفة على حياتي. كنت سأقفز في النهر إذا انفجر أي شيء آخر».

وكانت والدتها، في ميدلاند بيتش، على حدود ستيتن آيلاند، تخشى عليها، حتى اتصلت بها شين في النهاية عقب الوصول بأمان إلى المنزل في مدينة ستويفيسانت، حيث لا تزال تعيش. وكانت أمها، سانتا ماريا شين، المولودة عام 1927، من أصول إيطالية، وكان لها آراء متعددة. واستغربت من لقب الممرضة ريجي.

وقالت شين: «لم تكن أمي تنادي بهذا الاسم مطلقا، وكانت تقول: لم أسميك بهذا الاسم».

وتوقف جميع المزاح عقب الهجمات. وقالت: «في الثاني عشر من سبتمبر، قلت: سأعود. وقالت أمي: لن أتحدث إليك بعد ذلك».

وكانت جادة، وتخلت عن وظيفتها الرسمية، وأقبلت على العمل في مكتب «فيريزون» في الشارع 38 لتقديم الأقنعة للعمال قبل إصلاح خطوط الهاتف بالقرب من منطقة «غراوند زيرو»، موقع مركز التجارة العالمي. ولم يكن هناك أي حديث عن الانتقال إلى وسط المدينة. وقالت: «لم يجر مناقشة هذا الأمر مطلقا».

وتوفي والد شين عام 2005. وتوفيت والدتها، التي كانت تعاني من تصلب الجلد لأعوام، عام 2006، عن عمر يناهز 79 عاما.

وبعد ذلك بأسبوع أو أسبوعين، كانت شين تقرأ إحدى الصحف ووقعت عينها على إعلان صغير في نهاية إحدى الصفحات. وقالت: «هذا جيد». كان هذا الإعلان يبحث عن شخص يعمل في مجال الصحة المهنية للعمل في جنوب مانهاتن. واتصلت بالرقم المكتوب، وسألها رجل من شركة «كونسينترا هيلث سوليوشنز»: «هل سمعت عن برج الحرية؟» وقالت: «لقد كان الأمر مثل القسمة والنصيب. كنت متأكدة أن أمي كانت تقول: حسنا، اسلكي الطريق الذي تريدين. بمقدورك العودة للعمل هناك».

وتعمل العيادة، التي يشمل طاقم العاملين بها 5 فنيين طوارئ و2 من الأطباء الاستشاريين والسيدة شين، على مدار الساعة خلال 6 أيام في الأسبوع ومعظم يوم الأحد. ووسط معالجة الإصابات، تقدم شين برامج الأمان لعمال البناء والتشييد.

وعادت شين إلى الموقع منذ 3 أعوام، ويجب أن تكون في أي يوم أسعد شخص في المنطقة، التي تعج بالعمال الكادحين والمعارضين الغاضبين لبناء مركز ثقافي إسلامي في المنطقة. وكان رأي شين هو أن لا شأن لها بديانة الآخرين.

وفي اليوم التالي، تحدثت إلى الزائرين حول احتياطات السلامة للعمال – مثل كيفية إيقاف النزيف – وتبادلت التحية مع الشباب الذين زاروا سيارتها.

وتحدثت بخبرة رائعة حول مراحل المشاريع المتعددة، بما في ذلك خطوط مترو الأنفاق تحت الأرض، والساحة التذكارية والمصاعد التي تنقل العمال إلى قمة البرج. وقالت: «الناس ودودون للغاية، ويخبرونني عن بعض الأشياء التي تخصهم».

وتتعامل شين مع 5 عمال في اليوم المشغول، لعلاج الحروق الناتجة عن اللحام والتواء الكاحل، أو دخول الغبار في العين. وتنتهز كل فرصة لقياس ضغط الدم وإلقاء محاضرات قصيرة حول التطعيمات ضد التيتانوس وكيفية منع الإصابة بأي عدوى وتناول الطعام على نحو أفضل. وقالت: «الناس يشبّهون هذا الأمر بالعمل في المدارس، لكن هؤلاء أطفال كبار».

وتحصل شين على وجباتها من شاحنة تقدم الطعام، مثل الآخرين، ويبدو أن أكبر شكوى لها هي الانزعاج من التوقف عن التدخين منذ 3 أسابيع. إنها فخورة بالعمال، والطريقة التي يعتنون بها ببعضهم البعض. وقالت: «لقد مات عدد كاف من الناس هنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»