الإمام فيصل عبد الرؤوف يبحث عن تسوية.. لكنه مصر على موقع المركز الثقافي الإسلامي

إمام مسجد نيويورك في حملة إعلامية مكثفة

TT

قال الإمام فيصل عبد الرؤوف، الذي يشرف على بناء مركز ثقافي إسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي في نيويورك الذي دمره هجوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أمس إنه يبحث «كل الخيارات لتسوية الجدل الخاص بهذه الخطط». وأضاف أن «جميع الأمور مطروحة على الطاولة. نحن نركز في الحقيقة على تسوية هذا الأمر».

غير أن عبد الرؤوف، الذي ألقى خطابا أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، قال أيضا إنه مصمم على بناء مسجد سيخدم كل الديانات في الولايات المتحدة. وأضاف: «هل يستحق كل هذه الضجة؟ الجواب نعم. سيكون هذا المركز تكريما لنيويورك وللأميركيين في العالم بأسره».

لكن، لم يفصح عبد الرؤوف عن تفاصيل المفاوضات التي يشترك فيها، أو مع من يتفاوض. لكنه قال إنه حصل على تأييد واسع من مسلمين، وسياسيين ورؤساء دول في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وذلك لأن المسجد سيكون ملتقى للديانات الثلاث: اليهودية والإسلام والمسيحية.

وقال إنه عرض عليه موقع جديد بعيد عن مكان مركز التجارة العالمي لكنه رفض الاقتراح. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن عبد الرؤوف، بعد أن عاد من جولة استغرقت فترة طويلة في دول إسلامية، بدأ حملة إعلامية مكثفة لمواجهة معارضة بناء المسجد. وأنه ظهر في مقابلة مع لاري كينغ في تلفزيون «سي إن إن». ثم في مقابلة مع تلفزيون «إي بي سي». ثم خاطب أمس مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، وهو واحد من مراكز تجمع خبراء يصنعون السياسة الأميركية أو يقدمون استشارات وآراء حولها. وفي خطابه أمام المجلس، دافع عبد الرؤوف بقوة عن حقه كمسلم أميركي، وأنه شخص «معتدل». ويريد منع المتطرفين المسلمين من «خطف» النزاع حول المسجد ليكون في مصلحتهم.

ودعا الأميركيين إلى عدم مساواة «المتطرفين» مع «المعتدلين»، وأن الذين نفذوا هجوم 11 سبتمبر من «المتطرفين». وقال: «إنهم لا يمثلون ديننا على الإطلاق ولا يتعين علينا أن نسمح لهم بأن يملوا علينا إسلامنا. المعركة الحقيقية التي يجب أن نخوضها اليوم ليست بين المسلمين وغير المسلمين. المعركة بين المعتدلين من كل الديانات والمتطرفين من كل الديانات». ودعا عبد الرؤوف إلى «تحالف المؤمنين من كل الديانات للعمل سويا لقيادة هذا القتال». واستطرد: «ليس عيبا أن تكون مسلما في أميركا». وواجه المشروع معارضة قوية من بعض الأميركيين الذين يعتقدون أنه لا يجب إقامة مسجد بالقرب من مثل هذا الموقع الحساس». وكان عبد الرؤوف، في مقابلة مع تلفزيون «إي بي سي» أول من أمس، قال إن هناك زيادة في «الخوف من الإسلام». وإن المتطرفين جعلوا النقاش يتخذ طابعا متشددا. وإن «المتطرفين في الولايات المتحدة والمتطرفين في العالم الإسلامي يغذون بعضهم البعض». وإن «مجرد الاهتمام الذي توليه لهم وسائل الإعلام يزيد المشكلة».

وأوضح أن التخلي عن بناء المركز الإسلامي (الذي سيضم مسجدا) سيفسره المسلمون «بأن الولايات المتحدة تحارب الإسلام». وسيغذي المتشددين في العالم الإسلامي وسيمكنهم من تجنيد المزيد. وسيعرض «مصالحنا وسفاراتنا وجنودنا للخطر».

وأضاف، في المقابلة التلفزيونية، أنه يريد تصحيح سوء فهم في العالم الإسلامي بأن المسلمين في الولايات المتحدة يتعرضون لضغوط، وأنهم لا يستطيعون ممارسة عقائدهم الدينية بحرية، مؤكدا أنها ليست الحقيقة على الإطلاق، فهم يمارسون عقيدتهم، وتحميهم القوانين، وعلى العالم الإسلامي أن يدرك ذلك. وأوضح أن الهدف من بناء المركز الثقافي في نيويورك هو «بناء جسور. لكن يعتبر الناقدون أنه يمثل لا مبالاة بضحايا الهجمات».

وقال مراقبون في واشنطن إن تصريحات عبد الرؤوف جاءت بعد أن نالت المشكلة اهتماما إعلاميا عالميا. بالإضافة إلى تهديدات قس أميركي كان مغمورا، وصار مشهورا، وهو تيري جونز، في غينسفيل (ولاية فلوريدا).

وأشار المراقبون إلى أن تصريحات عبد الرؤوف جاءت مع أخبار عن عروض شراء على مالكي الأرض المزمع بناء المسجد عليها. وأن الملياردير الأميركي دونالد ترامب قدم عرضا لشراء المكان بزيادة 25% على سعره الأصلي. وكتب، وهو أشهر تاجر عقارات في الولايات المتحدة، رسالة إلى هشام الزناتي، كبير المستثمرين في المشروع، قال فيها: «أتقدم بهذا العرض بصفتي مواطنا من مدينة نيويورك ومواطنا أميركيا، وليس لأنني أعتقد أن الموقع مذهل، لأنه في الواقع ليس كذلك. بل لأنه سينهي جدلا مثيرا وخطيرا سينتهي بنظري نحو الأسوأ». لكن، لم يعتبر الزناتي العرض جديا حسب ما قال محامي الزناتي، ولوديماير ستاروسولسكي. الجدير بالذكر أن الزناتي، وهو أميركي من أصل مصري، يملك نسبة 51% من الأرض، بالإضافة إلى شريكين، واحد منهما هو الأميركي المصري شريف الجمل.

وقال مراقبون في واشنطن إن استطلاعات الرأي الأخيرة أوضحت أن أغلبية كبيرة وسط الأميركيين تعارض بناء المركز الإسلامي في مكانه الحالي. وإن هذا يوضح أن أغلبية الأميركيين لا تزال تربط بين الإسلام والإرهابيين الذين نفذوا الهجوم قبل 9 سنوات.

وأشار المراقبون إلى أن الرئيس أوباما مرات كثيرة أكد الحق الدستوري لكل المجموعات الدينية في إقامة دور للعبادة في أي مكان تريد. ويوم السبت، أكد في خطابه بمناسبة ذكرى الهجوم أن أميركا ليست في حرب ضد الإسلام، بل ضد «القاعدة». ودعا الأميركيين إلى عدم الاستسلام «للكراهية». وقال «كما ندين التعصب والتطرف في الخارج سنبقى أوفياء لتقاليدنا هنا كأمة متنوعة ومتسامحة».