مقتل 16 في انفجار وقصف للناتو جنوب أفغانستان

بعد 9 سنوات.. العبوات الناسفة المصنعة يدويا هي أكبر قاتل للجنود الأجانب

العداءة الأفغانية روبينا جلالي تقف بين مؤيديها في الانتخابات البرلمانية بوسط العاصمة كابل أمس (أ.ب)
TT

صرح مسؤولون أمس بأن مدنيا ورجل شرطة قتلا في انفجار دراجة مفخخة فيما قتل 14 آخرون يشتبه في انتمائهم لحركة طالبان في قصف شنته قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) جنوب أفغانستان.

وصرح داود أحمدي المتحدث باسم حاكم إقليم هلمند بأن دراجة مفخخة انفجرت أمس وسط منطقة سانجين بالإقليم، ما أسفر عن مقتل رجل شرطة ومدني وجرح رجلي شرطة آخرين.

وشنت قوات الناتو هجمات جوية أمس في إقليم أوروزجان بعدما هاجم مسلحون قوات أفغانية ودولية. وقتلت طائرة تابعة للحلف 16 مسلحا في 3 هجمات استخدمت فيها الذخيرة الموجهة، وأشار بيان للحلف إلى أن التقارير الأولية توضح عدم إصابة مدنيين. وتزايدت هجمات طالبان مع اقتراب موعد توجه الأفغان السبت المقبل إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب الأفغاني للمرة الثانية منذ الإطاحة بنظام طالبان. من جهة أخرى يسير عدد من المظليين الأميركيين والجنود الأفغان وراء بعضهم البعض في خط واحد ترافقهم الكلاب لدى خروجهم من موقع قتالي للقيام بمهمة خطرة هي إزالة العبوات الناسفة في إحدى مناطق جنوب أفغانستان. يقول الكابتن جيمس ثوماسون قائد قوة «ألفا» في الفرقة المجوقلة 101 «سنقوم بتطهير أحد الطرق». وتعرف هذه الفرقة التي يطلق عليها اسم «الصقور الصارخة» بتاريخها من الإنجازات العسكرية في الجيش الأميركي. فقد شاركت هذه الفرقة في الإنزال على سواحل نورماندي بفرنسا في يونيو (حزيران) 1944 ومعركة هامبرغر هيل في فيتنام وغزو العراق، وتقاتل حاليا على جبهة أميركية أخرى هذه المرة في جبال وسط آسيا. وبعد نحو 9 سنوات من الحرب في أفغانستان، تظل العبوات الناسفة المصنعة يدويا هي أكبر قاتل للجنود الأجانب في أفغانستان، فهي رخيصة الثمن وبسيطة الصنع وباستطاعة مقاتلي طالبان صنعها ببساطة وسهولة، إضافة إلى أنها فتاكة. وهذه العبوات المصنعة يدويا التي تدفن على جوانب الطرق أو تخبأ في أفخاخ وتفجر عن طريق أجهزة توقيت أو بواسطة أجهزة التحكم عن بعد، تتسبب في مقتل المئات وتحدث إصابات بالغة تدمر حياة الكثيرين. وتنفق واشنطن مليارات الدولارات لمواجهة هذا التهديد، وعلى ثوماسون ورجاله أن يقوموا بإزالة هذه العبوات. ويقع المعسكر الذي يتمركز فيه الجنود ويدعى معسكر نولين نسبة إلى جندي قتل في إحدى المعارك، على مشارف قرية جيلاوار في وادي أرغانداب بولاية قندهار، معقل حركة طالبان. وقبل أن يتوغل الجنود في طريق يطلق عليه «طريق العبوات الناسفة المصنعة يدويا» يصدر السرجنت جورج روبرتسون توجيهاته للجنود الأفغان، ويقول «ابقوا على مسافة خمسة أمتار من بعضكم البعض». وفجأة يرفع الجندي المكلف بأحد الكلاب قبضته المغلقة ليأمر الدورية بالتوقف.

وعلى الأثر يتجمد الرجال في أماكنهم ويدور الكلب وهو من فصيلة «لابرادور» حول أحد المواقع ويشمه وينظر إلى سيده ويجلس وهو يلوح بذيله. ويقول الجندي «عبوة ناسفة، تراجعوا جميعكم إلى الوراء». ويوضح الميجور توم بوريل «نحن على بعد 600 متر من مقاتلي طالبان. لقد بنوا حزاما دفاعيا من العبوات الناسفة اليدوية الصنع حول مواقعهم»، مضيفا أن «ما بين 60 إلى 65 في المائة من الإصابات بين صفوفنا سببها العبوات الناسفة اليدوية الصنع». ويتم استدعاء خبراء تفكيك المتفجرات تقودهم امرأة في العشرينات من العمر رفعت شعرها إلى الأعلى وغطته بخوذة واقية. وتزحف الجندية الشابة إلى مسافة نحو 50 مترا من النقطة التي دل عليها الكلب فيما يقوم الفريق بإعداد رجل آلي (روبوت) سيقوم بتفجير العبوة الناسفة وهي عبارة عن قذيفة هاون من عيار 82 ملم مزودة بجهاز وآلية تفجير. ومعركة الفوز «بقلوب وعقول» الأفغان ليست بالأمر السهل في هذا المكان الذي يعد معقلا لطالبان. ويوضح ثوماسون «لا يمكن أن نغادر المعسكر دون أن يعلم مقاتلو طالبان بذلك. إن لهم عيونا في كل مكان نطلق عليهم (طالبان العشرة دولارات) لأنهم يقومون بذلك من أجل المال فقط».

ويقول قائد الكتيبة الكولونيل ديفيد فلين «عثرنا على مئات العبوات الناسفة المصنعة محليا. ولم يدلنا السكان سوى على نسبة صغيرة جدا من هذه العبوات».

وإلى جنوب إحدى قنوات المياه، يتمركز عدد من مقاتلي طالبان يراقبون الوضع. ويصرخ أحد الجنود الأفغان بلغة الباشتو المحلية «إنني أرى حركة، إنني أرى حركة». ويطلق الجندي، الذي يثبت على جسده أحزمة تحتوي على الرصاص ويرتدي قميصا أحمر وطاقية سوداء تجعله يشبه أحد ثوار جنوب أميركا، وابلا من الرصاص من بندقيته الرشاشة فيما يبدأ المظليون الأميركيون في تحضير قاذفات الصواريخ. ويتردد صدى الصواريخ ويصرخ الكابتن مطلقا أوامره «إلى اليسار قليلا. إلى اليمين قليلا». ويصيح السرجنت ريك ماكلين «لقد أصبناه، لقد أصبناه. هيا بنا لنقبض عليه». وفي الموقع الذي أصيب فيه مقاتل طالبان خلف حائط منخفض، يعثر الجنود على ولاعة وبقع دماء وفردة حذاء. وتمتد بساتين الرمان على مد النظر. ويصرخ المترجم «نعلم أنك تختبئ وأنك مصاب. اخرج وسنعتني بك». ولكن مسلح طالبان لا يظهر. ويأمر الكابتن الجنود بالعودة. أما السرجنت ماكلين فيقول مازحا «لقد أخذت فردة الحذاء، وسنذهب للبحث عن سندريلا في القرية».