الصومال: حاكم إقليم «بونت» يتوسط بين الرئيس ورئيس الوزراء

مقديشو: مصرع ثاني مقاتل أميركي في صفوف حركة «الشباب» في معارك بالعاصمة

لاجئة وصلت حديثا إلى معسكر كاكوما للاجئين في شمال غربي كينيا تحمل قطعة من المعدن لغطاء سقف خيمتها بينما يبدو آخرون وهم يشيدون مبنى في المعسكر (أ.ف.ب)
TT

قال حاكم إقليم «بونت لاند»، عبد الرحمن فارولي، إنه بدأ مساعي وساطة في الخلاف بين الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد ورئيس وزرائه عمر شارماركي. وقال فارولي الذي تربطه علاقة قبلية مع رئيس الوزراء الذي ينتمي هو الآخر إلى «إقليم بونت» إنه أجرى اتصالات هاتفية مع كل من الرئيس شريف، ورئيس الوزراء شارماركي، في مسعى جديد للتوسط بين الرجلين في ما يتعلق بالخلافات السياسية التي اندلعت بينهما علي خلفية وضع الدستور الجديد للبلاد وإنهاء الوضعية الانتقالية للمؤسسات الحكومية وتحويلها إلى وضعية دائمة.

وذكر فارولي أنه حث الرئيس ورئيس الوزراء على حل خلافاتهما السياسية بالحوار، وقال: «بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها الصومال، فإن هذه الخلافات الجديدة بين الرئيس ورئيس الوزراء مؤسفة وغير مقبولة». وأضاف: «إن حكومة بونت لاند تبذل ما بوسعها لحل الخلافات السياسية التي اندلعت بين الرئيس ورئيس الوزراء، مؤكدا وقوف بونت لاند إلى جانب شعب مقديشو الذي يواجه مرحلة صعبة بسبب المعارك المتواصلة التي تشعلها مجموعات مرتبطة بالإرهاب الدولي، على حد وصفه.

في هذه الأثناء، اتهم رئيس الوزراء جهات لم يذكر اسمها، بتضليل النواب الذين يعقدون اجتماعات في القصر الرئاسي ويطالبون باستقالته. وبسبب الخلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء انقسم النواب إلى فريقين، معسكر مؤيد للرئيس، وآخر مؤيد لرئيس الوزراء. وكانت الدعوات المطالبة باستقالة رئيس الوزراء تتزايد منذ اندلاع الأزمة بينه وبين الرئيس شريف. وبينما يقول الرئيس شريف إنه لا يقبل بأقل من استفتاء شعبي للمصادقة على الدستور الجديد، ليكون معتمدا، يرى شارماركي اعتماد إجراءات بديلة عن الاستفتاء الشعبي، نظرا للظروف الحالية التي تمر بها البلاد، والتي لا تسمح بإجراء استفتاء شعبي عام للمصادقة على الدستور، حيث لا تسيطر الحكومة إلا على أجزاء قليلة من مقديشو.

وبينما يبدو أنه معركة استقطاب في البرلمان الصومالي، بدأ النواب يتوافدون من دول الجوار إلى العاصمة مقديشو استعدادا للجلسات التي سيعقدها البرلمان والتي ستتطرق إلى الخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء، ووصل نحو 40 نائبا من البرلمان الصومالي إلى العاصمة مقديشو أمس قادمين من نيروبي، وتأتي عودة النواب الصوماليين في الوقت الذي تجري تحركات للإطاحة برئيس الوزراء عن طريق حجب الثقة من قبل البرلمان، وتأتي أيضا في الوقت الذي دعا رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم جميع أعضاء البرلمان المتغيبين عن جلسات البرلمان إلى العودة فورا إلى العاصمة، وكان رئيس البرلمان قد هدد النواب المتغيبين عن الجلسات لفترة بالطرد ما لم ينتظموا في جلسات البرلمان. ومن المتوقع أن يصل مزيد من النواب إلى العاصمة مقديشو خلال الأيام القادمة، وهناك عدد كبير من النواب منتشرين في دول الخارج.

على صعيد آخر، تجدد القتال بين قوات إقليم بونت لاند ومقاتلي الشيخ «محمد سعيد أتم»، في المرتفعات الجبلية بمنطقة «غال غالا» القريبة من مدينة بوصاصو بشمال شرق البلاد. وقال الشيخ أتم إن قوات بونت هاجمت معاقل لمقاتليه، إلا أن قوات بونت هزمت في القتال، وأن مقاتليه حققوا نصرا عسكريا في القتال، على حد قوله. وذكر الشيخ أتم كذلك أن مقاتليه يسيطرون حاليا على منطقة غال غالا، على الرغم من أنهم انسحبوا من بعض القرى لتكتيك عسكري، وقال: «نسيطر حاليا على معظم مواقع القتال، كما أنهم استولوا على أسلحة وعتاد عسكري من جنود بونت». وتوعد الشيخ أتم بتصعيد الحرب في المنطقة حتى يخرجوا منها قوات بونت، على حد وصفه. ونفي مسؤولون من حكومة بونت ادعاءات الشيخ أتم، وقالوا إن قوات الأمن استولت على بعض معاقل المسلحين.

وأعلنت الحكومة الصومالية عن مصرع مقاتل أميركي من أصل صومالي، في معارك الأسبوع الماضي في مقديشو، التي دارت بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة الشباب، ويدعى طاهر شيخ علي جوليد، وكان يقاتل في صفوف حركة الشباب. ويصبح جوليد ثامن مقاتل أميركي من أصل صومالي يقتل في الصومال منذ عام 2007. ومنذ عام 2006، انضم عشرات من الشبان الأميركيين من أصل صومالي عادوا من أميركا إلى صفوف الجماعات الإسلامية، وخاصة حركة الشباب، بعضهم نفذوا تفجيرات انتحارية، وبعضهم قتلوا في المعارك، بينما لا يزال آخرون يقاتلون في صفوف الحركة، ويدعى هؤلاء «المقاتلون المهاجرون». ولم يصدر تأكيد أو نفي من قبل حركة الشباب حول مصرع المقاتل الأميركي في مقديشو.

في هذه الأثناء، قالت منظمة «إلمان» - وهي منظمة محلية ناشطة للسلام وحقوق الإنسان – إن عدد القتلى والجرحي جراء المعارك الأخيرة في العاصمة مقديشو ارتفع لأكثر من 900 شخصا، معظمهم من المدنيين. وقال علي ياسين جيدي، نائب رئيس منظمة «إلمان»، «عدد القتلى منذ 14 أغسطس (آب) الماضي (وهو اليوم الذي أعلنت حركة الشباب شن حملة عسكرية سمتها عملية «نهاية المعتدين») يبلغ نحو 300 وقتيلين، والجرحى أكثر من 600 آخرين، ليصبح بذلك شهر أغسطس الأكثر دموية منذ العام الحالي، وأضاف جيدي: «معظم الضحايا سقطوا نتيجة القصف العشوائي الذي استهدف أحياء شعبية وأسواقا مزدحمة». وذكرت المنظمة أن عدد القتلى منذ بداية العام الحالي يبلغ أكثر من 1300 مدنيا، والجرحى أكثر من 3100. وأشارت المنظمة كذلك إلى أن عدد القتلى خلال الـ9 الأشهر الأولى من العام الحالي ارتفع بشكل حاد، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2009، وقالت: «قتل نحو 800 شخص وأصيب 3400 آخرون في الفترة نفسها من العام الماضي».