الجزائر: برلمانيون يحتجون على رفض رئاسة البرلمان إنشاء لجنة تحقيق في قضايا فساد كبيرة

إدانة ناشط في مجال محاربة الفساد بالسجن غير النافذ بتهمة «التزوير»

TT

بينما تلقت جمعيات حقوقية واتحادات مهنية في قطاعي الإعلام والطب بالجزائر، باستياء بالغ إدانة الصحافي والطبيب جيلالي حجاج، الناشط في مجال محاربة الفساد، بالسجن غير النافذ في قضية «يشتم منها رائحة تصفية حساب»، حسب تلك الجمعيات، احتج برلمانيون على رفض رئاسة البرلمان إنشاء لجنة تحقيق في قضايا فساد كبيرة.

وكانت محكمة العاصمة الجزائرية أدانت مساء أول من أمس، الصحافي والطبيب رئيس «الجمعية الجزائرية لمحاربة الرشوة» جيلالي حجاج، بالسجن مدة 6 أشهر مع وقف التنفيذ.

وكان القضاء أدانه غيابيا بالسجن مدة 3 سنوات مع التنفيذ بناء على تهمة «تزوير شهادة طبية» لفائدة زوجته التي صدر بحقها حكم بالسجن مدة سنة مع التنفيذ. وقال حجاج أمام هيئة المحكمة وبحضور عدد كبير من الصحافيين، إنه قام فعلا بإصدار 3 شهادات طبية لزوجته المريضة، تتيح لها التوقف عن العمل مدة سنة «لكن ذلك لم يكن بغرض الحصول على التعويض وإنما لتفادي فقدان منصب عملها كمدرّسة».

وذكر النائب العام، متوجها للمتهم، بأنه كان قد توقف عن ممارسة مهنة الطب عندما أصدر لزوجته الشهادات الطبية التي حملت اسم عيادة كانت قد أغلقت أبوابها.

واعترف حجاج بأنه استقال من وظيفته كطبيب ومستشار بـ«صندوق التأمينات الاجتماعية» منذ 1993 ليتفرغ للكتابة الصحافية والنضال في مجال محاربة الفساد، ومع ذلك بقي يعالج المرضى في عيادة خاصة. ونفى حجاج أن يكون استعان بأشخاص مسؤولين بـ«صندوق التأمين» لتستفيد زوجته من التوقف عن العمل بناء على الشهادات الطبية.

وأضاف «كنت أشعر بأنني سبب مرض زوجتي، أقصد ابتعادي عنها في فترة الإرهاب وخوفها علي من تهديدات الإرهابيين، كان ذلك سببا في تدهور حالتها الصحية»، يقصد سقوط عدد كبير من الصحافيين تحت ضربات الإرهاب مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي، ومغادرة آخرين أحياء شعبية كانوا يسكنون بها إلى الإقامة بفنادق تقع بمناطق أكثر أمنا.

وقال محامون ينتمون إلى «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن متابعة حجاج «مجرد ذريعة تخفي قلق السلطات من نشاطه في كشف المستور عن الفساد والرشوة في هيئات الدولة».

وانتقد المحامي ميلود إبراهيمي وضعه في الحبس الاحتياطي قبل المحاكمة «فهو طبيب وصحافي معروف وليس منحرفا ولا مجرما حتى يتصرف معه القضاء بهذه الطريقة».

يشار إلى أن شرطة مطار قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة) اعتقلت حجاج قبل 10 أيام عندما كان متوجها إلى فرنسا، بناء على مذكرة اعتقال صدرت بحقه.

وفي سياق متصل بمحاربة الفساد، احتج 25 برلمانيا على رفض رئاسة الغرفة البرلمانية الأولى (المجلس الشعبي الوطني)، إنشاء «لجنة تحقيق برلمانية في قضايا فساد».

وقال علي إبراهيمي، ممثل البرلمانيين، الذي ينتمي للحزب العلماني المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» في بيان، إن الرفض «غير مبرر»، واتهم رئيس الغرفة البرلمانية عبد العزيز زياري بـ«الوقوف حائلا دون استعمال آليات الرقابة البرلمانية المنصوص عليها في الدستور، ولجان التحقيق إحدى أهم هذه الآليات».

وبررت رئاسة الغرفة رفضها بكون طلب تأسيس لجنة «يغلب عليه الطابع العام ولم يحدد أصحاب الطلب قضية معينة يرغبون بالتحقيق فيها».

ويوجد ضمن فريق البرلمانيين الذي أطلق نهاية يونيو (حزيران) الماضي، مبادرة بإنشاء لجنة تتحرى قضايا الفساد، نواب من الحزبين الإسلاميين، «حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني».

وجاءت الفكرة انطلاقا من فضائح اقتصادية كبيرة كتبت عنها الصحافة، أبرزها تبديد أموال شركة المحروقات (سوناطراك)، ودفع عمولات ورشى في مشروع «الطريق السيار شرق غرب» الذي تجاوزت تكاليف إنجازه 13 مليار دولار.