حكمتيار: لا سلام في أفغانستان قبل رحيل القوات الأجنبية

الجنرال بترايوس يطلب من الناتو تشجيع الاقتصاد الأفغاني

طفل افغاني يصوب «مسدس دمية» إلي جندي ايطالي من قوات «ايساف» في هراة أمس (رويترز)
TT

حذر أحد قادة التمرد في أفغانستان، قلب الدين حكمتيار، من أن السلام لن يحل في أفغانستان قبل مغادرة «القوات الأجنبية» البلاد, وذلك في مقابلة مع صحيفة «ليبراسيون» وإذاعة فرنسا الدولية، نشرت أمس. ويرأس حكمتيار الحزب الإسلامي، وهو حركة مسلحة، تعد الحركة الثانية للمتمردين الإسلاميين بعد حركة طالبان في أفغانستان. وقال حكمتيار في شريط فيديو يرد فيه على أسئلة حصل عليها لاحقا من الوسيلتين الإعلاميتين الفرنسيتين «وحده رحيل قوات الاحتلال سينتهي إلى وقف المعارك». وتابع «ينبغي وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية يوافق عليه الجميع. بعدئذ ينبغي مناقشة طريقة انسحابها»، متحدثا لاحقا عن «انتخابات حرة ومستقلة». وأضاف زعيم الحرب الباشتوني «مقابل رحيل القوات الأجنبية, فإن المجاهدين مستعدون لضمان ألا يطرح الأفغان أي مشكلة للدول المجاورة وألا يهددوا لا الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية». ويقيم الحزب الإسلامي علاقات ملتبسة مع طالبان، فيتحالف معهم في بعض الولايات ويواجههم في غيرها مع مواصلة مواجهة القوات الدولية. وتبنى حكمتيار مسؤولية كمين أغسطس (آب) 2008 في وادي أوزبين، الذي يبعد 60 كلم شرق كابل، حيث قتل عشرة جنود فرنسيين مما أثار الكثير من المشاعر في فرنسا. ويشارك نحو 3750 عسكريا فرنسيا في أفغانستان في ولاية كابيسا ومنطقة ساروبي شمال شرقي كابل. ومجموعة حكمتيار كانت لها خلافات مع طالبان في الماضي، وهناك تقارير تشير إلى أن حزبه قد يكون أكثر استعدادا من أي مجموعات متمردة أخرى للتفاوض على تسوية مع حكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.

وقال حكمتيار في التسجيل «منذ الاجتياح الروسي لطالما كانت منطقتا كابيسا وساروبي معقلين لحزب الإسلام. وموقع الجيش الفرنسي هناك سيئ، حيث يتعرض جنوده لهجمات مستمرة تتزايد وتيرتها يوميا, إنهم منهكون، ومعنوياتهم متدنية. وهم لا يعرفون شيئا عمن ولماذا وكيف يقاتلون؟»، وأبدى الحزب الإسلامي منذ ستة أشهر مؤشرات للانفتاح على الحوار، فأرسل في مارس (آذار) إلى كابل وفدا للقاء الرئيس كرزاي لمناقشة خطة سلام.

لكن حكمتيار انتقد الحكومة الأفغانية بحدة في المقابلة مع «ليبراسيون». وقال «الأفغان لا يثقون في حكومة كابل، والمجاهدون يرون أنها لا توفر أيا من شروطهم. ولم تبدر عنها أي ردة فعل, إنها حكومة بكماء وبلا فائدة». وشغل حكمتيار لفترة وجيزة منصب رئيس الوزراء في التسعينات، وهو مدرج على «اللائحة السوداء» للأمم المتحدة، ومطلوب لدى الولايات المتحدة بتهمة «نشاطات إرهابية» وعلاقاته بـ«القاعدة». واتهم حكمتيار بجرائم كثيرة، وهو أحد أهم قادة الحرب ضد السوفيات (1979 - 1989)، حيث تلقى الحيز الأكبر من مساعدات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي إيه) من حيث التسليح, وكذلك في الحرب الأهلية التي تلتها (1992 - 1996)، حيث أدت مواجهته للقائد الراحل أحمد شاه مسعود لتدمير كابل بالكامل تقريبا.

وتتفاقم وتيرة التمرد في أفغانستان على الرغم من وجود نحو 150 ألف جندي أجنبي، ثلثاهم من الأميركيين. من جهة أخرى أصدر قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس توجيهات جديدة لقواته تتعلق بعشرات آلاف العقود الموقعة مع شركات, لتشجيع الاقتصاد المحلي، والحد من الفساد. وقال الجنرال في توجيهاته التي صدرت في الثامن من سبتمبر (أيلول), «إذا كان إنفاقنا سريعا ومن دون رقابة كافية على المبالغ المالية الطائلة في العقود, فمن الممكن أن يغذي قسم من هذه الأموال الفساد من دون أن ندري». ومنذ تسلم مهام منصبه في بداية يوليو (تموز), أصدر بترايوس, الذي يتولى قيادة 150 ألف جندي من القوات الأميركية، ومن 56 بلدا يخدمون في إطار قوة الحلف الأطلسي في أفغانستان, مجموعة من التوجيهات، لتحسين استراتيجية التصدي للتمرد, فيما يواصل المتمردون بسط سيطرتهم على مزيد من الأراضي. وتهدف هذه القواعد الجديدة إلى تأطير توقيع العقود التي أبرمتها القوات الدولية مع شركات أجنبية وأفغانية: عقود لتأمين المواد الغذائية للقوات, وحماية القوافل التي تنقل معدات اللوجيستية, وتأمين ملابس الجيش الأفغاني, وقد أنفقت القوات الأميركية والأجنبية 14 مليار دولار في شكل عقود عام 2009، كما قال الجنرال ستيفن لايونز، المسؤول عن الشؤون اللوجيستية في القوة الدولية للمساعدة في بسط الأمن (إيساف).

وطلب بترايوس من قادة وحداته أن يفضلوا الموظفين الأفغان على سواهم، وأن يشتروا مزيدا من المنتجات الأفغانية. وكتب الجنرال بترايوس «استخدموا هذه العقود حتى تستعينوا بالعمال الأفغان والشركات التي يملكها أفغان». وإضافة إلى ذلك, فإنه يتعين على القوات الدولية دفع الشركات الأجنبية إلى توظيف أفغان. وأضاف بترايوس «ركزوا جهودكم على تشجيع الصناعات بهدف حصول تطور فوري وبعيد المدى». ويدعو العسكريين أيضا إلى الاستعلام عن الأشخاص الذين يبرمون عقودا معهم, لتجنب «تسرب الأموال» إلى المتمردين خاصة. وأكد بترايوس «عندما لا يتوافر بديل من الشركات المرتبطة بمجموعات إجرامية (متمردين), من الأفضل التخلي عن هذا المشروع». واعتبر الأميرال كاثلين دوسو، المسؤول عن عقود القوات الأميركية, أن «الانتقادات التي وجهت إلينا هي أننا نعمل مع مجموعة صغيرة من الأشخاص والشركات. يجب أن نرفع مزيدا من الشركات إلى مستوى عال من التنافس». وتأخذ قوة إيساف من شركة «مللي» الأفغانية التي باتت تؤمن الأحذية للجيش الأفغاني مثالا. وتكلف طلبية من 125 ألف حذاء من شركة في الولايات المتحدة 14 مليون دولار في مقابل 7.5 مليون مع شركة «مللي». ومع هذه المؤسسة الأفغانية, تتضاءل مهل صنع الأحذية، وليس هناك مهل للتسليم. وقال الجنرال لايونز إن فريقا من المحللين يعمل منذ بداية الصيف على مقابلة عشرات آلاف العقود التي أبرمتها القوات الأجنبية مع استمارات الاستخبارات العسكرية، لمحاولة كشف صلات محتملة مع التمرد.

وتأتي هذه التوجيهات فيما هاجمت الرئاسة الأفغانية شركتين أمنيتين خاصتين واتهمتهما بالانتماء إلى «مافيا اقتصادية» تشكلت في أفغانستان بسبب «عقود الفساد» التي تشجعها المجموعة الدولية. وقد أمر الرئيس حميد كرزاي في أغسطس، حكومته بمنع الشركات الأمنية الاثنتين والخمسين, الأفغانية والدولية المسجلة في البلاد, منعا تاما قبل نهاية السنة. ويعمل في هذا القطاع المزدهر 26 ألف شخص, حسب المعلومات الرسمية, لكنه يستطيع تشغيل 40 ألف شخص.