أفغانستان: تصاعد المخاوف بعد ظهور بطاقات انتخاب مزورة

الأمم المتحدة تعتبر إجراء الانتخابات التشريعية السبت «معجزة»

عامل أفغاني يقوم بترتيب مواد الاقتراع من أجل تحميلها على شاحنات أمس لنقلها إلى مراكز الاقتراع قبل الانتخابات البرلمانية في كابل (أ.ب)
TT

قال مسؤولون أمس إنه عثر على آلاف من بطاقات الاقتراع المزورة في مختلف أرجاء أفغانستان وطلب مراقبون من الحكومة العمل على منع التزوير على نطاق واسع في الانتخابات المقررة السبت المقبل.

ورأى الممثل الخاص للأمم المتحدة في كابل ستيفان دي ميستورا أن الانتخابات ستظهر للسكان أن الديمقراطية «تتقدم»! إلا أنه لفت إلى أن هذا الاستحقاق يأتي «في أسوأ لحظة» تمر بها البلاد وأن إجراء الانتخابات يعتبر بمثابة «معجزة».

وينظر للانتخابات البرلمانية باعتبارها اختبارا رئيسيا للاستقرار في أفغانستان حيث بلغ العنف أسوأ درجاته منذ الإطاحة بحركة طالبان الإسلامية من السلطة عام 2001 قبل أن يجري الرئيس الأميركي باراك أوباما مراجعة لاستراتيجية الحرب في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

والافتقار للأمن والتزوير من أكبر المخاوف في البلاد قبيل الانتخابات التي توعدت طالبان بتعطيلها بضرب القوات الأجنبية ثم أهداف أفغانية.

ووصمت انتخابات الرئاسة العام الماضي بتزوير واسع النطاق إذ تخلصت لجنة الشكاوى الانتخابية التابعة للأمم المتحدة من نحو ثلث الأصوات التي حصل عليها الرئيس حميد كرزاي باعتبارها مزورة.

وقالت لجنة الشكاوى الانتخابية والمفوضية المستقلة للانتخابات في أفغانستان إنه عثر على بطاقات انتخابية مزورة في هرات في الغرب وقندوز وبغلان في الشمال ونورستان وبكتيا في الشرق. ولا تملك أي من الجهتين أرقاما محددة ولم تتمكن أيهما من تحديد الجهة التي تقف وراء البطاقات المزورة لكن بعض التقارير الإعلامية قدرت الرقم بأنه 3 ملايين بطاقة أي نحو سدس عدد الناخبين المسجلين في أفغانستان وعددهم 17.5 مليون ناخب، حسب «رويترز».

وقال دي ميستورا في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية «في عالم مثالي، سيكون هناك توقيت أفضل لتنظيم هذه الانتخابات، لأن أفغانستان تمر بمرحلة حساسة للغاية». وأضاف «على الرغم من ذلك، إذا لم تجر الانتخابات، فإن الدستور سيصاب بالضعف»، معتبرا أنه في هذه الحالة «كانت الرسالة التي ستوجه مفادها أن لا مستقبل للديمقراطية في أفغانستان».

وأشار الدبلوماسي إلى أن «مجرد تنظيم (الانتخابات) يعتبر معجزة»، مضيفا «ليس هناك لحظة أسوأ من محاولة الحصول على أفضل نتيجة ممكنة».

وبحسب دي ميستورا، يبقى الأهم في الموضوع «نظرة المجتمع الأفغاني إلى الديمقراطية على أنها مسار صعب لا يزال في مرحلته الجنينية لكنه يتقدم». وتابع «في تعبير آخر، تشكل بطاقات الاقتراع وسيلة أفضل من الأسلحة لحل المشكلات». وبعد أن كانت مقررة في أبريل (نيسان) ثم في مايو (أيار)، أرجئ موعد الانتخابات التشريعية في أفغانستان إلى 18 سبتمبر (أيلول) على الرغم من تصاعد حدة العنف نتيجة تزايد هجمات المتمردين. وأطلق متمردو طالبان حملة ترهيب واغتيال تطال مسؤولين محليين ومرشحين إلى الانتخابات. ودعي نحو 10.5 مليون أفغاني إلى الإدلاء بأصواتهم لاختيار 249 نائبا من بين أكثر من 2500 مرشح، و68 مقعدا في الجمعية الوطنية الأفغانية من بين هؤلاء ستخصص لنساء.

وأوضح دي ميستورا أن الانتخابات التشريعية تكتسب أهمية أيضا «كي يشعر المجتمع الدولي بأنه دفع مالا! وللأسف دما! في سبيل قضية ترتبط بالقيم الديمقراطية». وتنظم السلطات الأفغانية هذه الانتخابات بتكلفة قدرها 150 مليون دولار يمولها المجتمع الدولي. وتخلل انتخابات 20 أغسطس (آب) 2009 الرئاسية شوائب تمثلت في عمليات التزوير الكبيرة التي كان لها أثر سلبي بالغ على سمعة الرئيس المجدد له حميد كرزاي. ونشرت اللجنة الانتخابية في 18 أغسطس لائحة بمكاتب الاقتراع قبل شهر من الاستحقاق. ولفت دي ميستورا إلى أن نشر هذه اللائحة عام 2009 حصل قبل يومين من الاستحقاق الرئاسي. وقال الدبلوماسي السويدي «قبل يومين، كي يعلم الناس أين سيقترعون؟ كي يعلم المرشحون إلى أين سيرسلون مراقبيهم؟». وأشار إلى أن المرشحين سيتمكنون في الانتخابات المقبلة من «معرفة (المعلومات عن الناخبين ومراكز الاقتراع) مسبقا والأجهزة الأمنية ستكون كذلك حاضرة». وبحسب اللجنة الانتخابية، سيتعذر فتح 938 مركزا للاقتراع، أي 14% من مجموع المراكز، لدواع أمنية.

وتوقع ممثل الأمم المتحدة أن تتخطى نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة تلك المسجلة في عام 2009، خصوصا في المناطق الأقل استقرارا، أي في الجنوب، حيث لم تسجل نسب المشاركة العام الماضي سوى ما يتعدى الـ10% بقليل.