أميركا وأوروبا تتهمان طهران بترويع وكالة الطاقة الذرية

واشنطن: إيران مصممة على امتلاك قنبلة نووية

سفير إيران لدى وكالة الطاقة الذرية، أصغر سلطانية، قبيل جلسة ساخنة عقدت بمقر الوكالة في فيينا أمس (أ.ب)
TT

اتهمت الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إيران، أمس، بمحاولة ترويع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نزاع متفاقم بشأن منع طهران بعض المفتشين النوويين من ممارسة عملهم. وأدانت هذه الدول، مسلك طهران بشأن منع المفتشين من دخول البلاد، وقالت إن هذه محاولة واضحة للتأثير على عمل الوكالة. واقترحت الولايات المتحدة على أعضاء مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعددهم 35، التفكير في اتخاذ «تحرك مناسب» ضد إيران بسبب ذلك.

وهدد المندوب الأميركي لدى الوكالة بأن مجلس أمناء الوكالة، المكون من 35 دولة، ربما يبحث في مرحلة ما اتخاذ إجراءات ضد إيران بشأن هذه المسألة. وقال السفير الأميركي غلين ديفيز، وفقا لنسخة من كلمته أمام اجتماع الأمناء: «هذا غير مسبوق أن ترفض دولة دخول مفتشين لأنهم يعدون تقاريرهم بدقة.. يسجلون ما يرونه ويسمعونه». وأضاف أن إيران تقوم بـ«محاولة واضحة» لترويع المفتشين والتأثير على عملهم.

وقال ديفيز للمجلس: «من أجل ذلك فإن الولايات المتحدة تدعم في شكل تام إدانة الوكالة لمعاملة إيران بعض المفتشين، حيث نعتبرها محاولة واضحة لمضايقة المفتشين، وبالتالي التأثير على نتائج عملهم في إيران». وأضاف أن على المجلس «التفكير في اتخاذ تحرك مناسب» ضد إيران لأن رفض المفتشين يتعارض مع فقرة في مجموعة الضوابط تحظر محاولات أي دولة «عرقلة» عمل الوكالة الدولية. وحتى الآن تجنب مدير الوكالة الدولية يوكيا أمانو استخدام كلمة «عرقلة»، واكتفى بالقول إن قرار إيران منع دخول مفتشين يتمتعون بالخبرة «يعوق» عمل الوكالة.

وفي بيان منفصل صدر خلال اجتماع مغلق لمجلس الوكالة عبرت فرنسا وألمانيا وبريطانيا عن قلقها مما وصفته بإخفاق إيران المتزايد في التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة. وقالت نسخة من البيان، تلاها مبعوث فرنسي: «رفض إيران التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحاولاتها المتعمدة لمنعها من القيام بالمهام المكلفة بها في الأراضي الإيرانية.. مزعج ومستهجن». وأضاف البيان: «من الواضح أن السلطات الإيرانية تحاول ترويع الوكالة لتؤثر على قدرتها على رفع تقارير للمجلس وتقوض قدرتها على تطبيق نظام الضمانات في أراضيها بفعالية». ووصف البيان تقرير أمانو الأخير بشأن إيران، الذي تم توزيعه على أعضاء المجلس الأسبوع الماضي بأنه «يدعو إلى القلق». وجاء في التقرير أن الجمهورية الإسلامية تواصل عمليات تخصيب اليورانيوم رغم فرض أربع مجموعات من العقوبات الدولية عليها. وترفض الإجابة عن أسئلة حول أي أبعاد عسكرية محتملة لبرنامجها النووي. وقال البيان إن «رفض إيران التعاون بشكل تام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحاولاتها المتعمدة لمنعها من ممارسة صلاحياتها على الأراضي الإيرانية.. تدعو إلى القلق وتستحق الإدانة». وأضافت أن «الاستنتاج الوحيد الذي يمكن أن نخرج به هو أن إيران لا تزال مصممة على متابعة برنامجها النووي الذي يمكن أن يوفر لها قدرات عسكرية». وحض البيان إيران على الاستجابة إلى «انفتاح المجتمع الدولي على الحوار والمفاوضات وإظهار استعدادها الجدي للدخول في حوار ومعالجة جوهر مخاوفنا بطريقة مخلصة».

وشرح المندوب الأميركي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مدى الصلاحيات المتوفرة لمجلس أمناء الوكالة، وقال إن من بينها رفع شكوى لمجلس الأمن الدولي في حال داومت إيران على استغلال حقها في رفض مفتشي الوكالة، وإعاقة فرص عملهم داخل أراضيها. وأشار ديفيز إلى أهمية أن ينظر الأمناء إلى تلك القضية المتفاقمة لاتخاذ موقف حيال المحاولات الإيرانية بإعاقة عمل الوكالة عن طريق ترويع المفتشين الدوليين، ورفضها أن يعملوا داخل أراضيها. مستنكرا أن ترفض إيران المفتشين بسبب نتائج توصلوا إليها أثناء عمليات تحر وتحقق أجروها داخل إيران وتم تضمين نتائج ما توصلوا إليه من تجاوزات إيرانية في تقرير لمدير عام الوكالة. متسائلا عما إذا كانت إيران بذلك تستهدف الوكالة أم أمينها العام.

وقال ديفيز إن «الخيار أمام قادة إيران واضح، وعليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيفون بالتزاماتهم أو سيزيدون العزلة، وما يترتب على ذلك من ثمن». وأضاف: «نأمل في أن لا تضيع إيران هذه الفرصة لاحتواء الأزمة المستمرة منذ 8 سنوات مع المجتمع الدولي».

إلا أن مبعوث إيران لدى الوكالة، علي أصغر سلطانية، رفض تلك الاقتراحات. وصرح في وقت سابق أنهم «يحاولون أن يجعلوا من هذا الأمر قضية»، مؤكدا أنه بموجب اتفاقية الضوابط والقوانين الموقعة مع الوكالة فإن من حق إيران الموافقة على المفتشين، بالإضافة إلى أن الدول الأعضاء غير مجبرة على تقديم سبب لذلك. وقال إن «من السخف» أن تشتكي الوكالة من قرار منع مفتشين اثنين فقط رغم وجود مجموعة «من أكثر من 150 مفتشا» يمكن الاختيار من بينهم.

وكانت إيران قد طلبت من الوكالة يونيو (حزيران) الماضي استبدال مفتشين أشارا إلى اختفاء معدات حساسة من مفاعل جابر بن حيان دون أن تخطر إيران الوكالة بذلك وهذا ما تنفيه إيران، مصرة على أن المعدات ظلت دائما في موقعها متهمة مفتشي الوكالة بالكذب. من جانبها نفت الوكالة الاتهامات الإيرانية متمسكة بتقنية وحيادية مفتشيها وصحة تقاريرهم، بينما أكد مديرها يوكيا أمانو أن إصرار إيران على تغيير المفتشين ينعكس عليهم وعلى أدائهم سلبا، كما يؤخر من سرعة الأداء بعد أن يكون المفتشون قد كسبوا خبرة تساعدهم على العمل بفاعلية أقوى داخل إيران وطريقة العمل فيها.

من جانبه كان المندوب الإيراني السفير علي أصغر سلطانية قد شدد على حق بلاده قانونيا في الاحتجاج على مفتشين في حال لم ترتح لطريقتهم في العمل متسائلا عما وصفه بتصعيد من جانب الوكالة، لا سيما أن الوكالة يعمل معها أكثر من 150 مفتشا تؤكد مرارا أنهم جميعا خبراء ومتدربين.

إلى ذلك، أكدت الولايات المتحدة، أمس، أن إيران مصممة على امتلاك قنبلة نووية، بينما طلبت لجنة تابعة للأمم المتحدة من عدد أكبر من الدول إبلاغها بطرق تطبيقها العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية. وفي إشارة إلى تقرير جديد أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس في نقاش في مجلس الأمن تناول تقرير لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة إن «إيران ترفض تبديد مخاوفنا بشأن الانتشار النووي وتبدو مصممة على امتلاك سلاح نووي». وأضافت أن على مجلس الأمن ولجنة العقوبات «التفكير في رد مناسب على انتهاكات إيران المتواصلة لقرارات مجلس الأمن».

وذكرت لجنة العقوبات في تقريرها أن 36 دولة فقط أرسلت تقارير حول كيفية تطبيقها للعقوبات. وقالت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إنه يجب أن تقدم دول أخرى تقاريرها في هذا الشأن. وقالت رايس: «هناك حاجة ملحة لمضاعفة جهودنا لتطبيق العقوبات الدولية». وأضافت: «لقد شهدنا بالفعل جهودا غير مسبوقة للرد على تحدي إيران للضغوط. على الدول الأعضاء التحرك بسرعة للوفاء بالتزاماتها تطبيق العقوبات الجديدة». وتنفي إيران المزاعم حول سعيها لامتلاك سلاح نووي، إلا أن التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الخلاف مع إيران يقول إن الجمهورية الإسلامية تملك كميات متزايدة من اليورانيوم المنخفض التخصيب واليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة.