علماء في الأزهر يؤيدون قرار مجلس الشيوخ الفرنسي بحظر النقاب

آخرون رأوا أنه الزي الإسلامي وأنه لا يجوز إجبار المسلمات على خلعه

TT

أثار قرار مجلس الشيوخ الفرنسي بالتصديق على مشروع قانون يحظر النقاب في الأماكن العامة جدلا بين علماء الأزهر، فبينما قال بعض العلماء إنه ينبغي على المسلمين المقيمين خارج البلاد الإسلامية أن يلتزموا بالقوانين التي تنظم حياة المجتمع هناك مهما كانت، اعتبر آخرون أن النقاب هو الزي الإسلامي وأنه لا يجوز إجبار المسلمات على خلعه.

وقال الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، عضو مجمع البحوث الإسلامية (هيئة كبار العلماء بالأزهر) «ينبغي على المسلمين في هذه البلاد (أي فرنسا) أن يلتزموا بالقوانين التي تنظم حياة المجتمع هناك، ويجب عليهم ألا يخرجوا على هذه القوانين وأن يكونوا قدوة طيبة لغيرهم في الالتزام لأن عدم الالتزام بالقوانين والخروج عليها يعطى انطباعا سيئا عن الإسلام والمسلمين في تلك البلاد».

وأضاف «بالنسبة لقانون حظر ارتداء النقاب الذي أصدرته السلطات الفرنسية وما وضعته من عقوبة لمن لم يلتزم به، فهذا أمر من شأن السلطات التي تحكم البلاد ولا ينبغي لأحد التدخل فيه، وعلى المسلمين أن يمتثلوا للقوانين التي تنظم أمور المجتمع في هذه البلاد، خاصة أن النقاب في الإسلام ليس فريضة كالحجاب وإنما هو لون من التزيد وهو عادة وليس عبادة، وبالتالي فهو ليس مفروضا ولا مرفوضا».

وأشار عاشور إلى أنه إذا كانت قوانين تلك البلاد تفرض على المرأة في تلك البلاد ألا ترتدي النقاب فيجب ألا تتمسك به وتقع تحت طائلة القانون عملا بالقاعدة الشرعية (درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة).

وقال عاشور «على المرأة المسلمة الالتزام بالزي الإسلامي كما حددت الشريعة الإسلامية أوصافه بأن يكون ثوبا لا يصف ولا يشف وأن ترتدي الحجاب وهذا هو الزي الشرعي في الإسلام».

من جهته، أكد عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر عبد المعطي بيومي أنه يؤيد قرار فرنسا بحظر النقاب في الأماكن العامة، معتبرا أن ارتداءه ليس فرضا إسلاميا.

وأضاف بيومي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «لا سند في القرآن أو السنة للنقاب».

وردا على سؤال حول هذا الحظر الذي أقره بشكل نهائي البرلمان الفرنسي أول من أمس، قال «أنا شخصيا مؤيد تماما لهذا القرار ونحن في المجمع نرى أن النقاب لا يستند إلى الشريعة ولا يوجد قطعيا لا في القرآن ولا في السنة» ما يلزم المرأة المسلمة بارتداء الحجاب. وأضاف «أريد أن أبعث برسالة للمسلمين في فرنسا وأوروبا لأؤكد لهم أنه لا سند للنقاب في القرآن ولا في السنة».

وتابع «كنت أستاء عند زيارتي لفرنسا عندما أرى منقبات لأن هذا لا يعطي صورة حسنة للإسلام».

بينما انتقد الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة هذا القرار، مؤكدا أنه يتعارض مع الحريات، خاصة أن فرنسا، كما يطلق عليها، بلد الحريات.

وتساءل البدري قائلا: «لماذا لا يسمح للمرأة التي ترغب في ارتداء النقاب بأن ترتدي ما تشاء تحت مسمى الحرية مثل المرأة التي تسير في الشارع شبه عارية، فإذا قلنا إن العري سلوك حر فارتداء النقاب أيضا حرية».

وأضاف «يجب على بلد الحريات ألا تنتقص من قدر هذه الحريات والمساواة بين الناس، ولماذا التضييق والحظر على هؤلاء النساء، وهل حدثت جرائم بسبب النقاب أو أية أمور جعلت النظام العام للدولة معرضا للخطر».

وطالب البدري القائمين على أمر الحريات وحقوق الإنسان في هذه البلاد بإعادة الأمور إلى نصابها لكي تظل فرنسا بلد الحريات دائما. وقال «يجب على المرأة التي ترتدي النقاب في فرنسا إذا كانت مضطرة للعمل أو الخروج إلى خارج المنزل أن تطبق القاعدة الشرعية (الضرورات تبيح المحظورات)»، مضيفا «الأمر يحتاج إلى مرونة مؤقتة، خاصة أن النقاب واجب في الإسلام وتأكد وجوبه في هذا الزمان في ظل تدني الأخلاق والآداب».

وكان مجلس الشيوخ الفرنسي (الغرفة العليا في البرلمان) قد أجاز بالأغلبية النص القانوني الذي صادقت عليه الغرفة السفلي في البرلمان في يوليو (تموز) الماضي. وينص مشروع القانون الذي سيسري مطلع العام المقبل، وأقره المجلس الدستوري على فترة سماح تستمر ستة أشهر وبعد ذلك تغرم كل من تصر على ارتداء النقاب 150 يورو، كما قد تتعرض للتوقيف، ويغرم مشروع القانون كل من يرغم امرأة على لبس النقاب 30 ألف يورو.