الرعب من القصف الإسرائيلي يعصف بأهالي مناطق التماس في غزة

بعد مقتل عدد من الفلسطينيين جراء القذائف العشوائية

TT

لم يعد بإمكان كل من سليم وعبد الرحمن، السهر عند صديقهما عادل الذي يقطن منطقة أم الجمال، شرق مخيم المغازي للاجئين، وسط القطاع المتاخم للحدود الفاصلة مع إسرائيل. ففي ظل استئناف عمليات القصف العشوائي الإسرائيلي لمناطق التماس فإن قدرة الفلسطينيين على التحرك في هذه المناطق تقلصت مؤخرا إلى حد كبير، كما لو أن هذه المناطق تخضع لنظام حظر التجوال في الليل.

وشكل إطلاق الجيش الإسرائيلي قذائف صوب عدد من المزارعين شمال شرقي القطاع، أسفر عن مقتل ثلاثة منهم، أحدهم عجوز تسعيني، وكذلك على مجموعة أخرى من المزارعين في منطقة جحر الديك الحدودية، مما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة أربعة آخرين، مصدر قلق لأهالي المنطقة وللأشخاص الذين يتجهون إليها سواء الذين يقصدون هذه المناطق لزيارة أقاربهم أو تجار الخضار والماشية الذين يتجهون إلى هناك لشراء المحاصيل الزراعية والدواب.

وقال عبد الرحمن، تاجر الماشية الذي يقصد مناطق التماس الزراعية بحثا عن أغنام يمكن شراؤها بأسعار أقل من الأسعار المتعارف عليها في أسواق الماشية الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه قرر الامتناع عن التوجه إلى هذه المناطق في أعقاب تزايد المخاطر الأمنية. وأضاف عبد الرحمن أنه بات يفضل شراء الدواب والماشية من الأسواق الشعبية، على الأقل في الوقت الحاضر، كما أنه يفضل المجازفة بتقليص نسبة الربح من التجارة في هذه الماشية، على أن يعرض حياته وحياة نجليه اللذين يرافقانه في تنقلاته في مناطق التماس، للخطر.

تدهور الأوضاع الأمنية في مناطق التماس أثر سلبا على خطط الكثير من الأهالي لبناء منازل لهم بدلا من تلك التي دمرت خلال الحرب العدوانية الأخيرة.

منذ عدة أشهر شهد القطاع دخول كميات كبيرة من الإسمنت والحديد المستخدم في عمليات البناء عبر الأنفاق من مصر، مما أدى إلى انخفاض أسعارها بشكل ملحوظ وزاد من وتيرة عمليات البناء في مناطق من غزة. وعلى الرغم من أن الأهالي في مناطق التماس كانوا آخر القطاعات السكانية التي اتجهت إلى بناء منازل لها، فإنه لوحظ مؤخرا أن بعض الأهالي شرعوا في بناء وحدات سكنية متواضعة لهم.

زيدان أبو عمرو كان أحد أولئك الذين كانوا يخططون لبناء منزل من الأسبست لعائلته في مكان بيت العائلة الذي دمر خلال الحرب وذلك في مناطق التماس الزراعية شرق قرية القرارة، شمال خان يونس، جنوب القطاع، وذلك للتخلص من دفع مستحقات الإيجار. وقال زيدان لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر إلى تجميد خططه في أعقاب تدهور الأوضاع الأمنية، إذ بات يفضل مواصلة استئجار شقة سكنية في خان يونس على أن يخاطر ببناء بيت في القرارة قد يدمر في أي لحظة.

ولدى الكثير غيره من الغزيين إحساس بأن لدى إسرائيل نية لشن عمل عسكري كبير في قطاع غزة، لا سيما إثر التصريحات التي أطلقها الجنرال سامي تورجمان، قائد أذرع القوات البرية في الجيش الإسرائيلي، بأن الحرب على غزة وجنوب لبنان باتت مؤكدة، وأن الجيش الإسرائيلي بات يتدرب على حرب تستخدم فيها الأنفاق.

إلى ذلك، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة باللغة الرسمية أن قذيفة صاروخية أطلقت من غزة فجر أمس سقطت قرب المنطقة الصناعية جنوب عسقلان من دون وقوع إصابات أو أضرار. وقالت الإذاعة العبرية إن قذيفتي «هاون» سقطتا أيضا صباح أمس على النقب الغربي دون إصابات أو أضرار.

على صعيد متصل، ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة صوب اسدروت قبل أيام هي من النوع المعدل، حيث دلت التجارب على أن مدى تلك الصواريخ أكثر من 10 كيلوات وتحمل رؤوسا متفجرة تصل أوزانها إلى 10 كيلوغرامات أيضا. وقال المراسل العسكري للتلفزيون إن الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية ترصد باستمرار تجارب صاروخية لفصائل المقاومة في غزة لتحسين قدراتها القتالية.