الرئيس المؤقت للبرلمان العراقي: تشكيل الحكومة من دون القائمة العراقية سيكون نقصا كبيرا

فؤاد معصوم القيادي الكردي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: الكتل سبقتنا إلى ترشيح طالباني رئيسا للجمهورية

فؤاد معصوم (تصوير: حاتم عويضة)
TT

يشخص الدكتور فؤاد معصوم، المعروف بتوازن علاقاته مع جميع الكتل والقادة السياسيين، الوضعين العراقي والكردي، بحكمة السياسي المجرب والمتأني بإطلاق الأحكام في ظل وضع سياسي متأزم للغاية، حتى أنه لا يتوانى عن نصيحة الأطراف السياسية «للاستمرار في الحوار وطول البال وإلا فإن الاقتتال سيكون هو البديل». معصوم، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، ورئيس مجلس النواب العراقي الذي اختير مؤقتا بصفته أكبر الأعضاء سنا، تحدث في حوار لـ«الشرق الأوسط» في لندن، وبكل وضوح وصراحة، عن الخروقات الدستورية، ونواقص الدستور العراقي، معترفا بأن الخلافات السياسية في البرلمان السابق أدت إلى حرمان البلد والناس من تحقيق إنجازات كثيرة.

كما عرج معصوم على الأوضاع في إقليم كردستان ليؤكد أن وفد الائتلاف الكردستاني موحد، وأن مبادرات جيدة أوقفت الهجمات الإعلامية بين حزبه وحركة التغيير المعارضة. وفيما يلي نص الحوار:

* هل وضع مجلس النواب العراقي الآن دستوري؟

- مجلس النواب بوضعه الحالي دستوري، نعم، لكن هل ارتكب مجلس النواب مخالفة دستورية؟ نعم. أول وأهم مخالفة للدستور هي أن مجلس النواب كان عليه أن ينتخب في أول جلسة رئيسا له، وخلال شهر كان عليه انتخاب رئيس للجمهورية، ومضى أكثر من شهر ولم يتم انتخاب رئاسة مجلس النواب ولا رئاسة الجمهورية، ومن هنا جاءت المخالفة، أو الخرق للدستور.

* لماذا عقدتم الجلسة الأولى وتركتموها مفتوحة إذن؟

- عندما عقدنا الجلسة الأولى كانت هناك قناعة بأن يتم التوصل والتوافق على اختيار رئيسي مجلس النواب والجمهورية خلال أسبوعين، لكن المشكلة أنه لم يتم التوصل إلى الاتفاق حول الرئاستين حتى اليوم، وليس هناك أي موعد محدد للاختيار، ويجب الاتفاق على تحديد الرئاسات الثلاث (مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة) كونها مرتبطة بعضها ببعض.

* ألم يكن بمستطاع الكتل السياسية الاتفاق على رئيس مجلس النواب، على أقل تقدير؟

- المشكلة هي أنه جرى عرف بين الكتل والأحزاب السياسية العراقية مفاده أنه إذا تم اختيار رئيس لمجلس النواب من كتلة معينة فإن هذه الكتلة سوف تحرم من الحصول على منصب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، ويجب أن تتم العملية ضمن اتفاق واحد (سلة واحدة) وأن توزع المناصب الرئاسية الثلاثة بالاتفاق بين الكتل الرئيسية ودفعة واحدة، وهذا لم يتم حتى الآن. ولو كنا مثل الدول الديمقراطية المتقدمة كان يمكن للحزب أو الكتلة التي لها 50 مقعدا زائد واحد أن تنتخب رئيس الجمهورية وأن يكون منها مرشح رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب، وللأسف لم تفز أي كتلة بهذا العدد من المقاعد البرلمانية، وبالتالي فإنه ليست هناك جهة سياسية تستطيع الاعتماد على مقاعدها ونفسها في تشكيل الحكومة، لهذا فهناك حاجة لائتلاف الكتل مع بعضها، وهذا يعني أنه يجب أن يتم الاتفاق بين هذه الكتل على المناصب السيادية الرئيسية في البلد.

* هل هناك في الدستور العراقي ما ينص على الجلسة المفتوحة، ومدة انعقاد هذه الجلسة؟

- لا يوجد في الدستور أي نص على عدم جواز الجلسة المفتوحة، فهي جائزة، ولم يقل الدستور إن الجلسة المفتوحة غير دستورية. وفي عام 2006 استمر انعقاد الجلسة المفتوحة 42 يوما، طبعا هذه المرة استمرت الجلسة المفتوحة لفترة أطول من ذلك بكثير، ثم مارس مجلس النواب السابق أسلوب الجلسات المفتوحة طوال فترة عمله، والسبب كان أنه في حالة مناقشة أي قانون للتصديق عليه يجب أن تكون هناك قراءة أولى وقراءة ثانية ومن ثم التصويت عليه، ولأنه لم يتوفر النصاب في القراءة الأولى أو الثانية فنضطر إلى اللجوء إلى الجلسة المفتوحة حتى يتم إقرار القانون أو المصادقة عليه، وإلا نضطر إلى إلغاء الكثير من الجلسات بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.

* وفي حال إغلاق الجلسة، ماذا سيحصل؟

- إذا قرر رئيس المجلس إغلاق الجلسة فهذا يعني الانتظار لحين توفر النصاب القانوني، وهذا يعني الانتظار أحيانا لأسبوعين أو أكثر، ذلك لأنه غالبا كان المجلس يعاني من عدم اكتمال النصاب القانوني، بل إن هناك، وفي الغالب، أعضاء في المجلس لم يكونوا يحضرون الجلسات إلا بشكل متقطع، لهذا كنا نضطر إلى إبقاء الجلسات مفتوحة.

* وهل سيتكرر ذلك في هذا المجلس؟

- الآن الوضع مختلف تماما، إذ ليس هناك رئيس لمجلس النواب ولا رئيس للجمهورية ولا رئيس للوزراء، فلم يتم انتخاب رئيس الجمهورية ولم يتم تكليف أحد لتشكيل الحكومة.

* على هذا الأساس هل تعتبرون الجلسة المفتوحة دستورية وليس فيها خرق دستوري؟

- الجلسة المفتوحة في حد ذاتها هي ليست خرقا للدستور، ولكن ما يترتب عليها هو خرق دستوري.

* أنتم كنتم عضوا فاعلا في مجلس النواب السابق، والآن تشغلون منصب رئيس المجلس كونكم الأكبر سنا، كيف تقيمون عمل المجلس السابق؟

- في أول سنتين من عمر المجلس السابق، أستطيع القول إن المجلس كان نشيطا، ولكن عندما بدأت الخلافات بين الحكومة والتيار الصدري ومن ثم بعد انتخابات مجالس المحافظات حصل ارتباك كبير في عمل المجلس، حيث كانت الخلافات كثيرة وعميقة، والكثير من القوانين التي قدمتها الحكومة لم ينظر فيها مجلس النواب نتيجة هذه الخلافات، وعدة مرات كانت تأتي أسماء المرشحين لمناصب وكلاء الوزارات ولم تناقش هذه الترشيحات، وحتى الآن كل وكلاء الوزارات يمارسون أعمالهم بالوكالة، يعني وكيل الوزارة الفلانية هو معين بالوكالة وليس أصليا، والسبب هو الخلافات داخل المجلس.

* هذا يعني أن الخلافات داخل مجلس النواب السابق انعكست على الناس وصارت ضد مصالح الشعب الذي انتخب أعضاء المجلس كي يكونوا بمساعدته.

- نعم، نعم، أدت الخلافات داخل المجلس إلى عرقلة الكثير من القوانين والأمور التي تهم البلد والناس.

* ومن كان الضحية في اعتقادكم؟

- بالتأكيد الشعب.

* هذا يعني أن المجلس الذي انتخبه الشعب، لم يقدم أي شيء للشعب.

- بالتأكيد.

* هل يتضمن الدستور أي فقرة أو فقرات تشير إلى أن مجلس النواب إذا لم يمارس مهامه ولم يجتمع يجب أن يُحل؟

- لا. هناك آليتان لحل مجلس النواب، الأولى هي أن يقدم رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان مقترحا بحل مجلس النواب، ويجب أن توافق الأكثرية المطلقة من أعضاء المجلس بحل مجلسهم، والآلية الثانية هي أن يتقدم ثلث أعضاء مجلس النواب بمقترح حل المجلس وإذا وافقت الأكثرية من أعضائه على مقترح حله فعند ذاك يتم حل المجلس، هذا يعني أن حل مجلس النواب لا يتم إلا من داخله، يعني أن يحل نفسه بنفسه، وأنا لا أعتقد أن هناك أعضاء في مجلس النواب يعملون على حله بعد أن وصلوا إليه وصاروا أعضاء فيه. وأنا أعتبر أن هذا نقص في الدستور العراقي، فكما يمنح الدستور الحق لمجلس النواب بسحب الثقة من رئيس الوزراء، فكان من المفروض أن تكون هناك آلية لحل المجلس لا تعتمد على أعضاء المجلس نفسه، مثلا أن يعطي الحق لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في حل المجلس إذا اتفقا على ذلك.

* وهذا يعني أن مجلس النواب مؤمن بقاؤه سواء كان يعمل أو لا يعمل.

- نعم، هذا صحيح، وكان من المفروض في نظامنا البرلماني وضع آلية لحل المجلس من خارجه، ففي النظام الرئاسي مثلا، ولنأخذ الولايات المتحدة مثلا، لا يستطيع الرئيس الأميركي حل البرلمان، كما لا يحق للبرلمان سحب الثقة من الرئيس إلا إذا كانت هناك مشكلة وطنية أو فضيحة أو أن الرئيس متورط في عمل جنائي، وفي النظام البرلماني الذي نتبعه، فما دام يحق لمجلس النواب سحب الثقة من رئيس الحكومة فلا بد أن تكون هناك طريقة لحل البرلمان من قبل رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية، أو هما معا.

* كيف لكم كأعضاء في مجلس النواب أن تقنعوا الذين انتخبوكم بأحقية وأهلية وجودكم في البرلمان، وأن تتمتعوا بامتيازاته الكثيرة والكبيرة، بينما المواطن يعاني من سوء الخدمات وسوء الأوضاع الأمنية؟

- بالتأكيد هذا يخلق ردود فعل سلبية لدى المواطن الذي تحدى الإرهاب والمشكلات الأمنية والخدمية وذهب ليصوت وينتخب ممثله في مجلس النواب ثم يرى هذه النتائج، لا بد أن تكون له ردود فعل سلبية.

* هناك إشكال دستوري آخر، ومهم يتعلق بمصير ومستقبل البلد، وهو تعريف الكتلة الأكبر التي من حقها تشكيل الحكومة، فالقائمة العراقية، ، بزعامة إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، هي الفائزة ومتمسكة بحقها في تشكيل الحكومة، بينما يصر نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها على البقاء في منصبه باعتباره من الكتلة الأكبر، التحالف الوطني، كيف تنظرون أنتم لهذا الإشكال؟

- الدستور يقول الكتلة النيابية الأكبر من غير أن يحدد فيما إذا كانت الكتلة الفائزة أو الكتلة التي تتشكل فيما بعد، وهنا أيضا يضعنا الدستور في إشكالية أخرى، فالدستور لا يقول إن من حق الكتلة الفائزة تشكيل الحكومة، وإنما يقول الكتلة النيابية، وفي هذه الحالة هناك تفسيران، الأول هو الكتلة الفائزة في الانتخابات، والثاني هو الكتلة التي تتشكل من برلمانيين بعد أدائهم القسم الدستوري.

* بغياب المحكمة الدستورية، من يبت في مثل هذه القضايا؟

- هناك المحكمة الاتحادية التي تقوم بمهام المحكمة الدستورية، والمحكمة الاتحادية تعطي رأيها بعد أن يطلب منها ذلك، وفي هذه الحالة يكون رأيها غير ملزم، أما إذا أحيلت إليها قضية وأن هناك دعوى، ففي هذه الحالة يكون قرارها القضائي ملزما. وفي موضوع تفسير الكتلة الأكبر أعطت المحكمة الاتحادية رأيها وتفسيرها وقالت إن هناك تفسيرين، ولم تصدر قرارا ملزما، بل مجرد رأي وهذا الرأي غير ملزم لأنه ليست هناك قضية ودعوى تنظر فيها بشكل قضائي. وهذه المادة لها تفسيران.

* أنتم كنتم في لجنة صياغة الدستور، هل تمت صياغة الدستور بهذه الطريقة لكي يتحمل عدة تفسيرات؟ هل كانت هذه العملية مقصودة بشكل أو بآخر؟

- كل دساتير العالم هكذا، تتحمل التفسير والتأويل، وبالتالي فإن التفسير هو عبارة عن كلمات وجمل، وهذه الجمل قد تؤدي إلى هذا المعنى، أو إلى معنى آخر، لهذا فإن الدستور بحاجة إلى تعديلات كثيرة، وهناك غموض بحاجة إلى توضيحات، وهناك جمل فضفاضة بدلا عن مصطلحات وتعريفات قانونية محددة، وأستطيع القول إنه تم حتى الآن تعديل أكثر من 60 مادة من قبل لجنة التعديلات الدستورية، وكل هذه المواد تتعلق بمثل هذه المشكلات، إيضاح وتعريف وتفسير.

* وهل تم تنفيذ هذه التعديلات؟

- لا. يجب أن تتفق الكتل السياسية حولها.

* أربع سنوات مضت، ودورة برلمانية كاملة ولم تتمكنوا من الاتفاق على التعديلات الدستورية؟

- لا لم يتم الاتفاق عليها، وكان رأينا نحن في التحالف الكردستاني هو أن يتم عرض هذه التعديلات على المجلس ومن ثم نجري عليها الاستفتاء، لكننا كنا نواجه بتأجيل ذلك إلى الدورة البرلمانية القادمة (هذه الدورة) وهكذا بقيت الأمور على ما هي عليه. وكان الرأي السائد إما أن نجري التعديلات كلها وتتم مناقشة كل شيء أو لا شيء.

* أنتم عاصرتم جميع البرلمانات في العراق بعد 2003، مجلس الحكم والجمعية الوطنية ودورة مجلس النواب السابق والحالي، في اعتقادكم هل سيكون المجلس الجديد أفضل من سابقه؟

- نعم أتوقع أن يكون المجلس الحالي أفضل من السابق لأن هناك كتلا كبيرة متنافسة وليست كتلة واحدة تقريبا، ففي البرلمان السابق كانت هناك كتلة الائتلاف الوطني التي كان لها 130 مقعدا، هذا قبل أن تنشق وتتوزع على كتل أخرى أصغر، وكنا نحن التحالف الكردستاني الكتلة الثانية وكان لنا 58 مقعدا برلمانيا، والتوافق (سنية) 44 ثم العراقية 25 مقعدا، وأيضا حدث انشقاق في جبهة التوافق، كما خرج بعض الأعضاء عن العراقية. في المجلس الحالي الوضع مختلف فالكتل تحاول أن تبقى متماسكة، يضاف إلى ذلك وجود نسبة كبيرة من الشباب البرلمانيين الذين يبشرون بالخير.

* في اعتقادكم لماذا لا تتوفر ثقافة المعارضة في العملية السياسية في العراق، يعني كتلة تحكم والأخرى تعارض لصالح البلد؟

- تجربة ست سنوات من الديمقراطية لم تنقلنا إلى مرحلة متقدمة من العمل السياسي الديمقراطي، ونحن بحاجة إلى سنوات أخرى من العمل الديمقراطي الجاد حتى تقتنع بعض الأحزاب بأن تكون في المعارضة وليس في الحكم فقط، والدول التي سبقتنا وتطور فيها العمل الديمقراطي هي الأخرى كانت قد عانت في بدايات تجربتها الديمقراطية. وليس سهلا أن تنقل الشعب من حالة القهر والحكم الدكتاتوري السيئ إلى واحة من الديمقراطية والحرية، لا هذا صعب جدا، ونحن بحاجة إلى وقت، يضاف إلى هذا أن هناك ازدواجية لدى الكثير من سياسيينا فهم عندما يتحدثون تجدهم ديمقراطيين جدا، ولكن بالممارسة سوف تكتشف أنهم متعصبون إلى أقصى درجات التعصب.

* هل تعني أن الشعارات الانتخابية التي رفعت خلال الحملات الدعائية والتي أعلن أصحابها أنهم ضد الممارسات الطائفية والمحاصصة، بقيت مجرد شعارات؟

- قد تكون هذه الممارسات خفت، أو في الأقل أن أصحابها قد وضعوا لممارساتهم شعارات غطت على ممارساتهم الطائفية، وهذا تقدم.

* وكيف تفسرون طروحات رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نوري المالكي، التي قال فيها بأن رئاسة الوزراء يجب أن تبقى للشيعة والبرلمان للسنة مع أنه يجب أن يقف على مسافة واحدة من العراقيين؟

- لا، رئيس الوزراء لا يقف على مسافة واحدة من الجميع، وإنما على رئيس الجمهورية أن يمارس أبوته على الجميع، وهذا ما يقوم به الرئيس جلال طالباني، لكن رئيس الوزراء من حزب معين وليس مطلوبا منه سياسيا أن يكون على مسافة واحدة من الأحزاب الأخرى.

* نحن لا نعني من الناحية السياسية ولكن من الناحية الطائفية، ألا تعتقد أن تقسيم العراقيين بهذه الطريقة من قبل رئيس الحكومة يكرس الطائفية في البلد؟

- حتى الآن هذه الهواجس باقية ولم نتخلص منها، ويمكن في المستقبل، بعد مرور دورة أو دورتين برلمانيتين قد نتخلص من هذه الهواجس، وأملنا في الجيل الجديد من أعضاء مجلس النواب لا سيما أن غالبية أعضاء المجلس الحالي هم من جيل الشباب ويبشرون بالخير، وأنهم لم يعانوا كثيرا من ممارسات النظام السابق، ولم تترسخ في تفكيرهم الطائفية.

* اليوم هناك ثلاثة من القادة السياسيين، كل واحد منهم يعتقد أنه الأحق برئاسة الحكومة، علاوي كونه مرشحا عن الكتلة الفائزة في الانتخابات، والمالكي الذي يعتقد أنه الأفضل، حيث كان قد قال بأنه «ليس هناك مرشح أفضل مني»، وعادل عبد المهدي مرشح الائتلاف الوطني، ترى كيف سيكون الحل باعتقادكم؟

- المفروض أن يحسم التحالف الوطني أمره باختيار مرشح لرئاسة الحكومة، إما عبد المهدي أو المالكي، عند ذلك يدخلون في حوارات مع العراقية والتحالف الكردستاني لتشكيل الحكومة.

* لكن العراقية هددت بالانسحاب من العملية السياسية إذا حرمت من استحقاقها الانتخابي لتشكيل الحكومة؟

- لا أعتقد أنهم سوف ينسحبون لأن الانسحاب ليس في صالح أي جهة سياسية، وإذا انسحبت العراقية فستكون هناك مشكلة كبيرة، وأكرر اعتقادي بعدم انسحابهم، ذلك لأن الطابع الغالب على العراقية هو العلمانية والواقعية. وتشكيل حكومة بلا العراقية سيعني أن هناك نقصا كبيرا في هذه الحكومة، والتحالف الكردستاني يسعى بكل جهده لأن تكون العراقية جزء مهم من أي حكومة تتشكل.

* هل تعتقد أن العراقية ستقبل بتحجيمها ومنحها منصب رئاسة البرلمان، وهي الكتلة الفائزة؟

- الآن هناك فكرة تشكيل المجلس السياسي للأمن الوطني أو للاستراتيجيات وبصلاحيات وعلى أساس أن يتولاها الدكتور علاوي.

*لكن المالكي رفض أن يتنازل عن أي من صلاحياته؟

- المشكلة الحقيقية هي أننا لا نجد أن هناك حوارا جادا بين الأطراف الأساسية في العراق وأن كل ما يجري من حوارات أو اتفاقات يتم في العراق من خلال الإعلام، والاتفاقات الأساسية التي تتعلق بمصير البلد لا يمكن أن تتم من خلال الإعلام، ولا بد أن تتم في غرف مغلقة، يتناقشون ويتباحثون ويتفقون ثم بعد ذلك يعلنون عن نتائج هذه الاتفاقات، لكن ما يحدث هو أن ما إن تنته جلسة حوارات بين السياسيين حتى نرى أن أحد الأطراف يخرج ويدلي ببيان للإعلاميين، ثم يدلي سياسي آخر ببيان أو حديث إعلامي مغاير لما طرحه الأول، وهكذا، وتكون النتيجة هي الفشل.

*هل تلمسون أن هناك جدية في الحوارات بين الكتل السياسية؟

- نحن كوفد مفاوض عن الائتلاف الكردستاني لم نلمس أي جدية في الحوارات مع جميع الكتل السياسية، نحن نطرح أفكارنا ونسأل عن آرائهم فلا نحصل إلا على العموميات، والدخول إلى صلب الموضوع متوقف لحين تحديد من سيكون رئيس الوزراء.

* هل تم الحوار مع بقية الكتل حول مرشح التحالف الكردستاني، الرئيس جلال طالباني، لرئاسة الجمهورية؟

- أستطيع القول بأن الكتل السياسية إذا كانت متفقة على أمر معين، فهي متفقة على أن مام جلال هو المرشح الوحيد لمنصب رئاسة الجمهورية، وأنه الوحيد القادر على شغل هذا المنصب في الظروف التي يمر بها البلد، وهذا رأي العراقية ودولة القانون والائتلاف الوطني، ونحن مصرون على أن يكون مرشحنا (طالباني) رئيسا للجمهورية. بل إن قسما من الكتل السياسية سبقتنا، سبقت التحالف الكردستاني بترشيح مام جلال لرئاسة الجمهورية. وموقف الرئيس طالباني متوازن مع الجميع وهو غير منحاز سواء مع أو ضد أي طرف، وهذا موقف التحالف الكردستاني أيضا لأننا نؤمن بأن دورنا هو التقريب بين وجهات نظر الكتل وأن لا نكون جزءا من المشكلة بل نكون عنصرا فعالا في حلها.

* ألا يدعم التحالف الكردستاني مرشحا معينا أو كتلة معينة في بغداد؟

- نحن موقفنا مثلما أوضحنا دائما هو العمل على تقريب وجهات النظر فيما بين الكتل السياسية العراقية، ولكن لنا تصوراتنا في برنامج الحكومة العراقية وكذلك مقترحاتنا التي قدمناها على شكل نقاط (19 نقطة).

* هل هذه النقاط هي مقترحات أو شروط أو خطة عمل؟

- هي مطالب غير ملزمة وطرحناها على بقية الكتل وسيكون هناك نقاش حولها، ربما تعدل، ربما نحذف هنا ونزيد هناك، فهي ليست شروطا ملزمة للمشاركة في الحكومة، والتفاوض حولها يخضع لطبيعة الحوار والطرف المقابل، فعندما نجد أن الطرف الآخر يتحكم وهناك نوع من التسلط فإن الوضع يختلف، ولكن إذا وجدنا أن الطرف الآخر هادئ وقادر على التعاطي في النقاش فسيكون هناك أخذ ورد مثلما يقولون. لكن هناك قضايا حساسة ومهمة بالنسبة لنا، خاصة التي تتعلق بالدستور، لا يمكن التنازل عنها، ربما نتنازل عن وزارة أو منصب معين أما المادة 140 مثلا وهي مادة دستورية من غير المعقول التنازل عنها، وإذا تخلينا عنها فهذا يعني ابتعادنا عن شارعنا وعن ناخبينا الذين صوتوا لنا لنكون ببغداد وندافع عن قضاياهم ضمن الدستور، ولا أحد من الأحزاب الكردية أو الكردستانية يمكنه التنازل عنها، وسنصر عليها ضمن الآليات الدستورية.

* لكن حكومة المالكي المنتهية ولايتها كانت قد وعدت بتنفيذ المادة 140 وكذلك فيما يتعلق بقانون النفط والغاز ولم تنفذ وعودها؟

- في تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها، كنا على عجل، ولم نقف طويلا عند نقاط تنفيذ المواد الدستورية، أما الآن فالأمر يختلف سوف نناقش كل شيء حول برنامج الحكومة، وإذا تأخر تشكيل الحكومة 6 أشهر فليس من مشكلة أن نتأخر شهرا آخر من أجل مناقشة برنامج وآليات عمل الحكومة القادمة لنضمن الاستقرار في البلد، وأنا لا أتحدث عما يتعلق بكردستان فحسب، بل عن عموم العراق. ونحن ناقشنا مع جميع الكتل برامجهم الانتخابية وفيما يتعلق بتصوراتهم عن برنامج الحكومة القادمة، والمفرح أن برامج جميع الكتل متقاربة في توجهاتها. لكن المهم هو التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها، هذا يحتاج إلى آلية لتنفيذها ومن هنا تأتي أهمية المجلس السياسي للأمن الوطني الذي سيضم أطرافا في الحكومة.

* ما هو في اعتقادكم الحل في الوضع العراقي الراهن؟

- الاستمرار في الحوارات، وطول البال من أجل الوصول إلى حكومة يشترك فيها الجميع، وبعكس ذلك، فإن البديل سيكون الاقتتال، ولا بد من العمل من أجل الوصول إلى اتفاق، فظروف العراق صعبة، وهناك تدخلات إقليمية من أطراف عدة، لكن يختلف تدخل هذه الدولة عن تلك.

* هل هناك تصور لموعد تشكيل الحكومة؟

- أعتقد أن الشهر المقبل سيشهد حوارات جدية لتشكيل الحكومة.

* ألا تعتقدون أن الفترة صارت طويلة؟

- بالتأكيد، ولكن ما العمل، شر لا بد منه.

* هل هناك أي خلافات بين الأطراف الكردية؟

- هناك اختلافات في وجهات النظر وليست خلافات، نحن لنا الآن في البرلمان العراقي 63 صوتا، مع التغيير والإسلاميين والمستقلين والمسيحيين، وموقفنا موحد، وهناك اتفاق على أن يكون موقف الجهات الكردية أو الكردستانية واحدا في بغداد.

* هناك أنباء عن تقارب فيما بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير التي يتزعمها نوشيروان مصطفى، ما هي صحة هذه الأنباء؟

- هناك مبادرات جيدة لوقف الحملات الإعلامية ضد بعضنا، وموقفنا موحد في مجلس النواب العراقي، وهم معنا في وفد المفاوضات الموحد.

* الإعلام الكردي ذكر أن عدنان المفتي، القيادي في الاتحاد الوطني ورئيس البرلمان السابق هو المرشح لمنصب نائب رئيس إقليم كردستان، ما صحة ذلك؟

- هذا الموضوع لم يبحث حتى الآن، الصحافة في إقليم كردستان كل يوم ترشح اسما، اليوم هذا وغدا شخص آخر، لكن هذا الموضوع لم يبحث في المكتب السياسي ولم تتم مفاتحة رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني.

* وماذا عما أشيع عن أن مدة حكومة الإقليم التي يترأسها الدكتور برهم صالح سنتان فقط؟

- هذا غير صحيح، مدة الحكومة أربع سنوات، والدكتور برهم صالح شخص حيوي ونشط، ويتمتع بخبرات كبيرة في الإدارة سواء في حكومة كردستان أو في الحكومة الاتحادية ببغداد، وهو مدعوم من قبل الاتحاد الوطني كونه نائب الأمين العام للاتحاد، وكذلك مدعوم بشكل خاص من قبل رئيس الإقليم السيد بارزاني، ومن قبل السيد نيجيرفان بارزاني، الرئيس السابق لحكومة إقليم كردستان، إذ صرح لعدة مرات أنه يؤيد هذه الحكومة، وهي ليست حكومة برهم صالح، وإنما هي حكومة مشتركة بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني وتشارك فيها أحزاب كردستانية أخرى، كما أنها ليست حكومة الاتحاد الوطني بل هي حكومة إقليم كردستان، وهناك الأعلى من هذه الحكومة والحريص على الإقليم السيد رئيس الإقليم.

* ما هو المنصب الذي سيشغله فؤاد معصوم في الحكومة المقبلة؟

- أنا عضو مجلس النواب العراقي وهذا يكفي. ثم إنني أكبر الأعضاء سنا (يضحك).