«الأمانة العامة» تشد عصب «14 آذار» وتتهم حزب الله بشن حملة انقلابية

استعاضت عن إصدار بيان بتوجيه «نداء» إلى اللبنانيين

TT

لا تكل الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار من العمل على إعادة شد عصب مكوناتها، على خلفية النكسات المتتالية التي طالتها في الآونة الأخيرة، وتداعيات بعض الأحداث والمواقف السياسية على أدائها، بدءا من انعطافة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وسحب ممثليه منها، مرورا بامتعاض ممثلي حزب الكتائب وانسحابهم في وقت لاحق، وصولا إلى المواقف الأخيرة لرئيس الحكومة سعد الحريري عبر «الشرق الأوسط»، وما تبع ذلك من مواقف عالية النبرة، كان آخرها ما عبر عنه اللواء جميل السيد في مؤتمره الصحافي الأخير.

في حين قرأت بعض القوى السياسية في مواقف الحريري «نسفا» للأدبيات التي قام عليها الخطاب السياسي لقوى «14 آذار»، إما لناحية توجيه الاتهام السياسي لسورية أو لناحية نفي وجود «شهود زور» أسهموا في «تضليل» التحقيق، فقد أعادت الأمانة العامة بالأمس رفع سقف خطابها السياسي، متجاوزة أشواط سقف الخطاب السياسي لرئيس الحكومة سعد الحريري، حيال جملة من القضايا والقوى السياسية.

وبعد أن استعاضت أمس عن إصدار بيان عقب اجتماعها المؤجل منذ الأسبوع الماضي، بتوجيه نداء إلى اللبنانيين، تلاه منسقها النائب السابق الدكتور فارس سعيد، شددت على أن «لبنان يتعرض في هذه الأوقات إلى محاولة انقلابية شرسة هدفها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إلى ما قبل انتفاضة الاستقلال في 14 مارس (آذار) 2005، والحكم على مستقبل اللبنانيين بالإعدام».

وأشارت إلى أن «حزب الله كشف عن ذلك المشروع الانقلابي بنفسه، إذ أعلن رفضه الوقائع والمعادلات السياسية والوطنية والشعبية، وأكد عزمه على تغييرها، وتلاه في إسقاط القناع، وجه أصفر برتبة ضابط من رموز النظام الأمني البائد، وتابع الدعوة في هذا الاتجاه النائب ميشال عون، محرضا المواطنين على التمرد والعصيان». وانتقدت «سياسة انقلاب حزب الله على الإجماعات اللبنانية: من المحكمة الدولية، إلى القرار 1701، إلى السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، إلى إجماع اللبنانيين على تجاوز ذاكرة الحرب الأهلية المشؤومة»، مشددة على أن «تمادي حزب الله في ارتهان الوضع اللبناني لاعتبارات خارجية هو تماد مرفوض ويؤدي إلى خراب عميم».

وفيما تعتبر أوساط «14 آذار» أن بيان الأمس «واضح في مضمونه ونبرته» إزاء «الهجمة الشرسة» التي تتعرض لها إنجازات «انتفاضة الاستقلال»، وأنه «يعيد جبر ما انكسر»، في إشارة إلى تداعيات مواقف الرئيس الحريري الأخيرة، وما تبعها من ردود ومواقف، قال عضو الأمانة العامة، النائب السابق إلياس عطا الله، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يرفض الحديث عن «تفكك في قوى (14 آذار)»، موضحا أنه «قد يحصل بعض التباين أحيانا نتيجة المواقع السياسية، ولكن موقف الأمانة العامة هو موقف (14 آذار)».

ويبدو واضحا اتجاه أوساط «أمانة 14 آذار» إلى الفصل بين الخطاب السياسي لـ«14 آذار» والخطاب السياسي للرئيس الحريري، باعتبار أنه محكوم بموقعه السياسي وبالتصرف كرئيس حكومة كل لبنان. وفي هذا الإطار يقول عطا الله: «إننا نتفهم الرئيس الحريري في موقعه، لكننا لا نتمنى بعض الأمور». ويضيف: «هذا أمر طبيعي لأنه في موقع رئيس حكومة وليس في موقع أخذ قرارات، وثمة ضرورات موضوعية ومسائل ذات أبعاد إقليمية تفرض نفسها، ولكننا لا نستطيع أن نقدم تنازلات في الموضوع الداخلي اللبناني، لأنها تستخدم دائما من أجل الهجوم على منجزات ثورة الأرز، خاصة استهداف المحكمة». ورأى أن «معوقات الأداء الحكومي تكمن في الأساس الذي قامت عليه الحكومتان، الحالية والسابقة، وهو اتفاق الدوحة»، معتبرا أن «نقطة الضعف هناك، وليس في الأداء الشخصي، لأنها قامت على أسس مخالفة للطائف».

وانتقد «تحميل حديث الحريري الأخير لـ(الشرق الأوسط) أكثر من اللازم»، ولفت إلى أن «اللبنانيين متمسكون بسلامة مسارهم السياسي منذ عام 2004»، وإنجازات انتفاضة الاستقلال تتعرض اليوم لهجوم كبير»، مؤكدا «أننا نقف اليوم في مواجهة محاولات تعطيل هذه الإنجازات عبر وسائط وأدوات وقوى سياسية متعددة، من حزب الله إلى ناطقين، إلى حاملي رسائل، إلى ميشال عون».

وكان النائب السابق فارس سعيد، قد شدد في نداء الأمانة العامة لـ«14 آذار»، على «أننا نواجه اليوم مرحلة بالغة الخطورة، والحفاظ على لبنان واستقلاله الثاني وسلمه الأهلي واستقراره ومؤسساته الدستورية الشرعية مسؤوليتنا جميعا»، متوجها إلى اللبنانيين بالقول: «أمام السلاح الذي يهددوننا به، فسلاحنا الدائم أنتم أيها اللبنانيون، بكل شرائحكم وطاقاتكم، بعقولكم وعرقكم ونضالكم أنى كنتم في لبنان أو بلاد الانتشار». وأضاف: «إننا استبشرنا ورحبنا بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية، وللأسف الشديد فإن الجهود الاستثنائية التي بذلت في هذا السبيل، جرى ويجري تعطيلها بشكل منهجي من قبل جماعات وقوى سياسية تدعي التحالف مع سورية إلى حد النطق باسمها أحيانا، وهي ذاتها الجماعات والقوى التي أساءت إلى العلاقة بين البلدين منذ عام 1990، بعد أن استباحت الدولة وحولتها إلى دولة أمنية، ولا تكف اليوم عن استحضار المرحلة السوداء بالتهديد والتخوين وقسمة اللبنانيين، وبكلام يصدم الحياء والقانون وأدب الخطاب، وهو بالضبط ما يؤدي إلى فتنة أشد من القتل». وحذر من أن «هذا التمادي خطير وينبغي وضع حد له، لأنه ينذر بعواقب وخيمة على الصعيد الداخلي، ويسيء أولا إلى علاقة لبنان بسورية، كما أخذ يسيء إلى علاقته بالدول العربية الشقيقة»، مشددا على أنه «ليس من حق أحد، مهما علا كعبه في حقبة سوداء، أن يتطاول على مليون ونصف المليون لبناني، دخلوا سجل الشرف الوطني، منذ أن اجتمعوا وتصالحوا وتوحدوا، مسلمين ومسيحيين، في ساحة الحرية دفاعا عن لبنان العظيم».

وعاهد باسم قوى «14 آذار»: «هذا الشعب العظيم على الثبات تحت رايته، وعلى المضي قدما من أجل الحفاظ على السيادة والاستقلال، والعبور إلى دولة الحق والقانون، والدفاع عن حقوقه الأساسية، ودعم المحكمة الدولية وصولا إلى جلاء الحقيقة وتنفيذ حكم العدالة في قضية اغتيال قادة الحرية والاستقلال».