الرئيس اللبناني يدخل على السجالات السياسية الحامية ويدعو إلى «وقف تخطي المؤسسات الدستورية وتهديدها»

حملة من الردود على دعوة عون للانقلاب على «فرع المعلومات»

TT

قوبلت الحملة المتصاعدة التي يشنها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على «فرع المعلومات» بموجة من ردود الفعل المستهجنة التطاول على المؤسسات الدستورية، خاصة بعدما دعا عون أول من أمس إلى الانقلاب على «فرع المعلومات»، مطالبا المواطنين بألا يمتثلوا لأي طلب منه «ويمشكلوا معه على حسابي لأنه غير شرعي ونحن له بالمرصاد» وأن لا يستجيبوا لأوامر النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا.

واللافت أن المواقف المستنكرة جاءت من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي دعا إلى «وقف التشكيك في المؤسسات الدستورية والشرعية والقضائية وتخطيها وتهديدها»، مشددا على «أهمية المحافظة عليها واحترامها وعدم تجاوزها والعمل من ضمنها والاستمرار في خطوات إصلاحها، لأنها الملاذ الراعي والضامن للجميع». ورأى سليمان «أن الأجواء والمواقف السياسية في الآونة الأخيرة ولا سيما منها تلك التي تتعرض للدول الشقيقة والصديقة، خرجت عن منطوق الدستور والمؤسسات وميثاق العيش المشترك، مما يحتم الابتعاد مجددا عن لغة التجريح والتخوين والخروج عن الأصول، والعمل تاليا على تهيئة الأجواء لمواصلة استكمال تطبيق كل بنود اتفاق الطائف والتزام روحيته من دون أي خوف أو تردد». وأكد سليمان أن «السجالات أثبتت بما لا يقبل الشك أنها لا تبني وطنا يحلم به أبناؤه»، مشددا على «أهمية نقل النقاشات إلى داخل المؤسسات الدستورية التي تحفظ حقوق الجميع ومواقعهم»، مشيرا إلى أن «الدستور واتفاق الطائف مقدار ما يؤمنان مشاركة الجميع في السلطة، مقدار ما يحتمان على الجميع أيضا المشاركة في تحمل المسؤولية لإنجاح هذه التجربة وليس الإفادة فقط من الحصص، لأننا في ذلك نخطو عمليا نحو بناء الدولة والمؤسسات وعصرنتها وليس من خلال التنافس على رفع سقف الخطاب السياسي غير البنّاء والمرتفع الوتيرة التي تزيد أجواء التوتر والتشنج» وأضاف: «فلنرحم هذا الوطن... فلنرحم هذا المواطن الذي سئم المشاحنات».

من جهته، استكمل العماد عون حملته، فاعتبر أن «ما يحصل في لبنان ليس سياسة، بل علاقة مافياوية من رأسها حتى أخمص قدميها، في ظل استقالة الرأي العام من دوره مع تضارب إعلامي يشوه الحقائق، إضافة إلى المال الذي ينفق من خزينة الدولة والرشى التي تعطى للمواطنين»، سائلا: «لمن تعمل شعبة المعلومات التي يقال من وقت لآخر إنها أوقفت عميلا أو فككت شبكة؟» ورأى عون أن «السياسة والمؤسسات في لبنان ليست إلا أوانٍ تعكس ما فيها وما يضعه الناس فيها»، مشيرا إلى أن «السياسة هي من صنع الناس مثلها مثل أي حزب، إذا لم يلتزم المبادئ الوطنية يتحول إلى مافيا». وأضاف: «البلد فالت اقتصاديا وأمنيا، والفضيحة الآتية ستكون عن قطع الحساب ونفقات الدولة والموازنة»، وقال: «عندما نقول هذا، نُتّهم بمهاجمة رئيس الجمهورية وغيره من المرجعيات، فأنا أقول هذا الكلام منذ زمن وأنادي بالتغيير ولكن لا أحد يصغي». وشدد عون على أن «لبنان سيشهد الإصلاح، أبى من أبى، وشاء من شاء، فمرحلة الخوف تم اجتيازها، والمطلوب ليس مقاطعة أميركا وغيرها من الدول شعبيا واقتصاديا وثقافيا، بل الوقوف ضد السياسة التي تهدد الوجود».

وفي وقت ندد وزير الدولة جان أوغاسبيان بتمادي بعض قوى (8 آذار) في إطلاق المواقف الحافلة بالتهديد بالفتنة والدعوات إلى الانقلاب على المؤسسات الشرعية ولا سيما القضائية والأمنية منها - أثنى «عاليا» على دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى «وقف التشكيك في المؤسسات الدستورية والشرعية والقضائية وتخطيها وتهديدها»، مؤكدا أن «هذه الدعوة الرئاسية تأتي في وقتها، كونها تلبي ما تحتاج إليه المؤسسات اللبنانية في هذه المرحلة الخطرة من حماية ضرورية، حيث يجب أن يتكاتف جميع المسؤولين اللبنانيين والقيادات في تأمينها ولا سيما الوزراء المعنيون منهم».

ورأت وزيرة الدولة منى عفيش أن «التصعيد الكلامي عبر المنابر والتشنج لا يفيد أحدا، بل يزعج الناس التي هي بحالة ضياع». وعلقت عفيش على خطاب العماد عون، قائلة إن «العماد عون أحد أركان الدولة ويسعى إلى تقوية المؤسسات، ولكن نتمنى أن نعود للمؤسسات لتحقيق مطالبنا»، مشددة على أن «حل الخلافات يجب أن يكون ضمن الدولة، ويجب أن يفصح العماد عون عن الأسباب التي أدت إلى طلبه من الناس عدم الامتثال لمدعي عام التمييز».

بدوره، لفت عضو تكتل «لبنان أولا»، الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، النائب محمد كبارة إلى أن «العماد ميشال عون يتناغم مع اللواء جميل السيد في هذه الحملة المنظمة التي تتزايد شكوكنا في خلفياتها وفي الجهة التي تقف وراءها وتدعمها»، مشيرا إلى أنه «من الواضح أن هناك من يريد إسقاط الحكومة إذا لم يتمكنوا من القبض على قرارها». وأضاف: «لا ندري إذا كان العماد ميشال عون قد قرر تنفيذ انقلاب سياسي - عسكري ضد الدولة ومن داخل الدولة، أو أنه يريد دفع البلد نحو الفوضى حتى يدعو المواطنين إلى العصيان ضد الأجهزة الأمنية، وهو يعرف قبل غيره أن ضرب هيبة الأجهزة الأمنية سيقود إلى انهيار البلد لتحكم فيه شريعة الغاب بحماية العماد عون وتخطيطه الاستراتيجي».

ولفت عضو التكتل نفسه النائب عاطف مجدلاني إلى أن «هذه المحاولة الانقلابية لا يمكن لها أن تمر لأن الشعب اللبناني لن يسمح لها بذلك». وتابع القول: «الشعب اللبناني حريص على الدولة وعلى الشرعية وعلى الأمن والاستقرار وعلى الاعتدال والانفتاح، وهذا الحرص هو ما ترجمه الحريري منذ انتخابه».

وفي إطار توضيح الحملة المبرمجة على «فرع المعلومات»، اعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا أنه «عندما لا يحصل المواطن على حقوقه تسقط الدولة»، متسائلا: «كيف يمكن للمواطن اللبناني أن يؤمن بالقضاء وهو غير قادر حتى على حماية نفسه؟»، ولفت نقولا إلى أن «التحقيقات مع العميد المتقاعد فايز كرم باطلة، لأن (فرع المعلومات) ليس ضابطة عدلية ولا يحق له التحقيق مع المواطنين».

وقال عضو التكتل نفسه النائب سيمون أبي رميا إن الحملة على «فرع المعلومات» لم تأت بعد توقيف العميد فايز كرم، قائلا: «كلامنا ليس جديدا و(فرع المعلومات) مخالف منذ نشأته».