انعدام الأمن يمثل التحدي الأكبر في الانتخابات الأفغانية

إيساف: أحبطنا هجوما كان مقررا يوم السبت

شرطي أفغاني يحاول ضبط إيقاع حركة السير في أحد ميادين العاصمة كابل. وقد ظهر في الخلف صور مرشحي الانتخابات الأفغانية التي ستجرى يوم السبت (رويترز)
TT

أعلنت قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) أمس أن القوات الأفغانية والقوات الدولية أحبطت هجوما على العاصمة كابل كان سيتم تنفيذه خلال أيام الانتخابات المقبلة. وقالت القوة العاملة تحت لواء حلف شمال الأطلسي (الناتو) إن 3 أفراد يشتبه بأنهم من «خلية مسلحة» اعتقلوا في كابل أمس. ويعتقد أنهم كانوا يخططون لشن هجوم بقذائف صاروخية على معسكر تدريب عسكري خلال الانتخابات البرلمانية المقررة يوم السبت المقبل. وتقوم الشرطة الأفغانية باستجواب المشتبه بهم. وفيما كان زهاء 3 آلاف شخص من بينهم مسؤولون حكوميون ورجال شرطة يهمون بأداء الصلاة انبرى رجل قائلا بصوت عال إن لديه رسالة يريد أن يبلغهم بها. فقد احتشد هذا الجمع الغفير من الناس لأداء صلاة عيد الفطر يوم الجمعة الماضي لكنهم بدلا من ذلك استمعوا إلى رسالة طالبان لهم حيث تقدم الشاب نحو المايكرفون. وقال الشاب وهو يقرأ من رسالة تقع في صفحة واحدة بمنطقة باراكي باراك بإقليم لوغار الواقع على بعد 70 كيلومترا جنوب كابل «إذا كنتم تؤثرون السلامة فلا تشاركوا في الانتخابات البرلمانية وبلغوا هذه الرسالة لجميع غير الموجودين هنا». وكان هناك أكثر من 12 رجل شرطة يقفون لحراسة المصلين لكنهم لم يحركوا ساكنا حتى انتهى الشاب من تلاوة رسالته التي تماثل رسائل جرت تلاوتها في عدة مساجد أخرى في ذلك اليوم بالإقليم. وقال مسؤول حكومي في لوغار طلب عدم الإفصاح عن هويته إن الشرطة لم تعتقل الرجل لأن ذلك «كان سيحدث حالة من الفوضى ويفسد فرحة الجميع بالعيد». غير أنه أيا كان سبب هذا التصرف من جانب الحكومة إزاء هذه الواقعة إلا أنها جعلت أهالي المنطقة يعتقدون أن الحكومة باتت ضعيفة للغاية إلى حد لا يمكنها توفير الأمن أثناء الانتخابات السبت المقبل. فقد تساءل عبد الكريم وهو من أهالي باراكي باراك قائلا: «عندما يستبد الذعر بقوات الشرطة المفترض أنها توفر الأمن لنا إلى حد العجز عن منع أحد عناصر طالبان من تهديدنا فكيف إذن يضمنون لنا عدم تعرضنا لهجمات عندما نذهب للتصويت؟» لكن مسؤولي الانتخابات الأفغان يقولون إنه تم عمل جميع الاستعدادات حتى يتمكن 12.5 مليون أفغاني من اختيار مجلس النواب بالبرلمان (ويلسي جيرغا) لكن في ضوء حركة التمرد التي تقودها طالبان فإنه من المتوقع على نطاق واسع أن يكون الإقبال على التصويت ضعيفا. فقد لقي ما لا يقل عن 3 مرشحين وأكثر من 12 مشاركا في حملات الانتخابات مصرعهم على أيدي مسلحين يشتبه بأنهم ينتمون لطالبان خلال الشهرين الماضيين. كما أصيب أو اختطف عدد آخر. لذا يقول الكثير من المرشحين الذين يربو عددهم على 2500 مرشح يتنافسون على 249 مقعدا إنهم يعتريهم الخوف من القيام بحملات انتخابية ولا سيما في جنوب وشرق أفغانستان حيث تنشط عناصر طالبان. وقال داود سلطانزوي الذي يسعى للفوز بمقعد عن إقليم غزني المضطرب بجنوب البلاد «السفر من منطقة إلى أخرى يعد مستحيلا وهناك حوادث خطف وهجمات بالقنابل اليدوية في المدينة».

وأوضح عدة مرشحين آخرين في جنوب البلاد أن كل ما استطاعوا عمله هو تعليق اللافتات الانتخابية في أنحاء دوائرهم. كما آثر كثيرون آخرون الانسحاب من السباق حيث رأوا أن الحفاظ على حياتهم أفضل من الفوز بمقعد في البرلمان.

لقد مرت قرابة 9 أعوام على الإطاحة بحكومة طالبان المتطرفة في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لكن ليس هناك أي مؤشر على انحسار حركة التمرد بقيادة طالبان على الرغم من نشر أكثر من 150 ألف جندي أجنبي. فقد نفذت طالبان أثناء الانتخابات الرئاسية في أغسطس (آب) من العام الماضي عددا قياسيا من الهجمات. صحيح أنها لم تؤد إلى تعطيل الانتخابات لكنها تسببت في ضعف نسبة الإقبال على التصويت ودفعت الأفغان إلى التساؤل حول مدى شرعية حكومتهم. وقال محللون إنهم يعتقدون أن انتخابات السبت المقبل إما أن تساعد على تعزيز الديمقراطية الهشة في البلاد أو تجعلها، أي البلاد، تنزلق في براثن حقبة جديدة من التخبط السياسي.

في هذا الصدد يرى المحلل السياسي وحيد موزهدا الذي كان مسؤولا بارزا في حكومة طالبان «الانتخابات الضعيفة تفرز برلمانا أضعف وأن ذلك يساهم في تكريس عدم شرعية الحكومة». وقال إنه في حال قيام طالبان بشن هجمات أثناء الانتخابات وتكرار التزوير الذي حدث في انتخابات 2009، وهو التزوير الذي جعل حميد كرزاي يفوز بإعادة انتخابه، فإن ذلك قد يجعل الأفغان ينقلبون على ديمقراطيتهم القائمة على النموذج الغربي وزيادة التعاطف مع حركة التمرد بقيادة طالبان وهدفها المتمثل في تنصيب حكومة إسلامية مجددا. وقالت الشرطة الأفغانية وشهود عيان إن الشرطة أطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفرقة آلاف المحتجين الغاضبين المناهضين للولايات المتحدة في العاصمة الأفغانية أمس وسقط قتيل كما أصيب 5 أشخاص على الأقل.

وكان المحتجون يرددون «الموت لأميركا» و«الموت للمسيحيين» و«الموت لكرزاي» في إشارة إلى الرئيس الأفغاني كرزاي في أكبر احتجاجات منذ الاضطرابات التي اندلعت الأسبوع الماضي بسبب خطط قس أميركي لحرق مصاحف. وصرح ضابط الشرطة محمد عثمان لـ«رويترز» أن هناك أكثر من 10 آلاف متظاهر وبعضهم يلوح بعلم حركة طالبان.

وتأتي الاحتجاجات قبل 3 أيام من انتخابات برلمانية توعدت حركة طالبان بتعطيلها. وينظر للانتخابات على أنها اختبار رئيسي للاستقرار في أفغانستان قبل أن يجري الرئيس الأميركي باراك أوباما في ديسمبر (كانون الأول) مراجعة استراتيجية الحرب في أفغانستان.

كما تلي 3 أيام من الاحتجاجات في مطلع الأسبوع بسبب خطط قس أميركي مغمور تخلى عنها فيما بعد لحرق مصاحف في ذكرى 11 سبتمبر (أيلول). وقتل 3 أشخاص في هذه الاحتجاجات. وحذر مراقبون بينهم دبلوماسي رفيع من الأمم المتحدة في أفغانستان من أن حركة طالبان قد تحاول استغلال الاحتجاجات على خطط حرق المصحف.

وصرح مصدر باسم الشرطة في وقت لاحق بأن شخصا قتل أمس كما أصيب 5 وأن العدد قد يرتفع. وأوضح تلفزيون «رويترز» لقطات لمحتجين يلوحون بأعلام بيضاء اللون وهي الرمز الذي يستخدمه أنصار حركة طالبان.

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حركة طالبان إن الحركة على علم بالاحتجاجات ولكن ليس لها أي دور فيها. واستطرد لـ«رويترز» من مكان مجهول: «ربما يكون الناس رفعوا أعلام طالبان لإبداء تعاطفهم مع الحركة».

وعند جسر قندهار في كابل تلقت الشرطة تعليمات بالتقدم صوب مجموعة من مئات المحتجين يقذفون حجارة ويهتفون في وجه الشرطة. وشوهدت الشرطة وهي تطلق أعيرة نارية في الهواء وتجر عددا من المحتجين بعيدا. وفي مرحلة ما كان بالإمكان سماع دوي إطلاق وابل من الأعيرة النارية. وتفرق المحتجون واحتمى بعضهم بمنازل قريبة في منطقة بكابل يغلب على سكانها البشتون والطاجيك. وكان المحتجون تجمعوا في وقت سابق في غرب كابل وأشعلوا النيران في إطارات وسدوا طريقا سريعا رئيسيا إلى الجنوب. وتصاعد دخان أسود كثيف فوق المنطقة وأبقت الشرطة الصحافيين على بعد مئات الأمتار.

ورأى شهود من «رويترز» شخصين فقدا الوعي وملطخين بالدماء وهما ينقلان بعيدا بعد إصابتهما على ما يبدو بأعيرة نارية.