قادة أجهزة المخابرات في 4 دول أفريقية يتفقون بالجزائر على إنشاء وحدة من ألف عسكري

لتدريبهم على تكتيكات حرب العصابات في منطقة الساحل.. وتجفيف منابع الإرهاب

TT

بحث قادة أجهزة المخابرات في 4 دول أفريقية هي: الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، أمس، إجراءات لتطويق نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتجفيف منابع تمويل أنشطته بالساحل الأفريقي.

ويرتقب أن ينتهي الاجتماع اليوم، بإنشاء «خلية استعلامية» تكون بمثابة وعاء تتجمع فيه كل المعلومات عن السلفيين المسلحين، وشبكات المهربين التي يتعاملون معها، ومصادر تمويل نشاطهم في الصحراء الكبرى.

وقال مصدر مطلع على الاجتماع، الذي جرى بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن النقاش بين قادة أجهزة المخابرات انصب في جلسة أمس على نقطتين: الأولى، تكمن في التحديد بدقة مصادر تمويل تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» في منطقة الصحراء جنوب الساحل، وإيجاد الوسائل الفعالة لشلها. أما الثانية، فتتعلق بتدريب وحدات خاصة على تكتيكات المعارك في الصحراء.

وأفاد المصدر ذاته بأن خبراء الأمن الذين حضروا الاجتماع بعد أن رفعوا لقادة أجهزة المخابرات ملفات عن القضايا الأمنية المطروحة، «لاحظوا أن أموال الفدية التي تحصل عليها عناصر الجماعات المسلحة، نظير الإفراج عن رعايا غربيين احتجزوهم خلال سنوات 2008 و2009 و2010، تعد مصدر خطر كبير على أمن واستقرار المنطقة، ومصالح دول أجنبية بها، لأن هذه الأموال تستعمل لشراء أسلحة ومتفجرات».

ويرى مسؤولو مصالح الاستخبارات، حسب المصدر، أن ذلك ليس هو مصدر التهديد الوحيد، على أساس أن «القاعدة» تملك صلات وثيقة مع مهربي بضائع ممنوعة مثل السجائر، ومع التجار وأعيان قبائل الصحراء الذين يوفرون لها دخلا من المال في إطار «التقاء المصالح»، مما يسمح لها بتمويل أنشطتها.

وفيما يخص تدريب نخبة من جيوش الدول الأربع على تكتيكات معارك الصحراء، فإن الأمر يتعلق، حسب المصدر، باختيار ألف عسكري ممن يملكون القدرة والمهارة على القتال في الصحراء في النهار كما في الليل، سواء مشيا على الأقدام أو على ظهر الجمال. فضلا عن تدريبهم على إتقان اللهجات المحلية المتفرعة عن اللغة الطوارقية، مثل الحسانية والإيفوغاس. والهدف من تعلم اللهجات هو إمكانية التواصل مع قبائل الصحراء بسهولة.

وأضاف المصدر «أن هذه الأفكار التي تداولها قادة المخابرات في منطقة الساحل، والتي ستترجم إلى تدابير في الميدان، تعكس نظرة معينة لدى المصالح المكلفة محاربة الإرهاب، مفادها أن القضاء على العدو يتطلب إتقان نفس التكتيك الذي يستعمله هو في الحرب التي يخوضها ضدك».

وستتم هذه التدريبات بمركز خاص يقع بمدينة تمنراست (1900 كلم جنوب العاصمة الجزائرية). يشار إلى أن الاجتماع يجري مغلقا وفي سرية كبيرة، ولم تدع وسائل الإعلام لتغطيته. وهو مكمل لسلسلة لقاءات على مستوى عال بين مسؤولي الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، بدأت بوزراء الخارجية في مارس (آذار) الماضي ثم بلقاء قيادات أركان الجيوش في الشهر الموالي.

وفي نفس الموضوع، نقلت وكالة «رويترز» عن «مصادر أمنية» بالنيجر بأن الدول التي تحاول احتواء «القاعدة» تخطط، عبر اجتماعها بالجزائر، لتجنيد خبراء في غسل الأموال لتعقب ملايين الدولارات التي يحصل عليها عناصر التنظيم من خلال الخطف والتهريب.

وكانت حكومات منطقة الساحل تركز حتى الآن على الطرق التقليدية لإلقاء القبض على المتورطين في الإرهاب أو قتلهم، لكنها الآن تريد استهداف الإيرادات التي تستخدمها «القاعدة» في شراء أسلحة وتمويل شبكة دعم من المرشدين والمسؤولين المتورطين في الفساد بحكومات الساحل. وقالت المصادر، حسب وكالة «رويترز»، إن لقاء أمس هو خطوة أولى تبحث سبل التعاون في مكافحة غسل الأموال والتهريب.

وأكد مصدر مقرب من أجهزة الأمن في النيجر أن غسل الأموال هو محور التركيز في الاجتماع.

وأضاف أن «أجهزة الشرطة والجمارك والجيش المتخصصة في المخابرات الاقتصادية والمالية. تضع الأسس لتعاون نشط في مكافحة الاحتيال، وأعتقد أن ذلك يشمل غسل الأموال».

وزاد قائلا: «الدول الأربع ستركز أيضا على تعزيز العلاقات المباشرة بين مواقعها الحدودية مع إمكانية إقامة مواقع حدودية مشتركة لتسهيل مراقبة انتقال الأشخاص والبضائع».

وذكر مصدر مسؤول في الجزائر على علم بالقضية لـ«رويترز» أن «(القاعدة) لديها ملايين اليوروات، التي ستحاول استثمارها في المنطقة، ينبغي لنا التصدي لمشكلة غسل الأموال هذه». وأضاف أن هدف الاجتماع المغلق في الجزائر هو «بحث سبل تعقب أموال (القاعدة) في الساحل».

ويقول خبراء أمنيون إن جناح «القاعدة» في شمال أفريقيا يستغل المساحات الخالية في منطقة الصحراء وسهولة اختراق الحدود بين دولها، لإيجاد ملاذ آمن يمكن أن يشن منه في المستقبل هجمات على أهداف غربية.

وخطفت «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» عشرات الغربيين، ونفذت هجمات محدودة النطاق في مساحة كبيرة من منطقة الصحراء، الممتدة بين الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر.