إسرائيل تهدد باجتياح غزة والعودة لسياسة الاغتيالات إذا استمر القصف الصاروخي

قالت إن الحركة تريد حربا خفيفة.. وردها سيكون أشد

TT

بعد ليلة طويلة من الغارات الجوية ألقيت خلالها أطنان المتفجرات، هددت إسرائيل قادة حماس في قطاع غزة بعملية اجتياح ثانية والعودة إلى سياسة الاغتيالات ضدهم، إذا استمر إطلاق الصواريخ المكثف باتجاه بلداتها الجنوبية. وحشدت قوات كبيرة على الحدود في محيط القطاع، الليلة قبل الماضية، وعززتها بقوات إضافية صباح أمس.

وجاء هذا التهديد في أعقاب إطلاق 12 قذيفة وصاروخا، أول من أمس، مما اعتبره الجيش الإسرائيلي تصعيدا خطيرا. وقال ناطق بلسان أجهزة الأمن الإسرائيلية أن أحد الصواريخ كان من طراز «غراد 122 ملم» سقط شمال مدينة اشكلون، زاعما أن اثنين منها حملا مادة فوسفورية. وأضاف أن هذه هي أول مرة منذ عملية «الرصاص المسكوب» (الحرب العدوانية على قطاع غزة التي بدأت أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2008 واستمرت حتى 17 يناير (كانون الثاني) 2009)، يتم فيها إطلاق هذا العدد من الصواريخ والقذائف.. وهذه أول مرة تحمل القذائف مادة فوسفورية وتصل إلى شمال عسقلان.

وفي غزة، حذرت الحكومة المقالة من النوايا الإسرائيلية بالتصعيد العسكري تحت غطاء المفاوضات المباشرة. واعتبرالناطق باسم الحكومة طاهر النونو أن جرائم القصف والقتل في القطاع تأتي متزامنة مع سلسلة من التصعيد الإعلامي وتوتير الأجواء الميدانية من قبل وسائل إعلام الاحتلال. وفي تصريحات صحافية أدلى بها أمس، دعا النونو إلى «محاربة مجرمي الحرب الإسرائيليين»، معتبرا أن عدم تعرضهم للعقاب «سيغري إسرائيل بمواصلة العدوان والاستعداد لشن حرب جديدة». ودعا النونو المجتمع الدولي إلى الإسراع بفتح تحقيق دولي في مقتل ثلاثة مزارعين على حدود غزة مع إسرائيل، منوها إلى أن جيشها اعترف بقتلهم بدم بارد، بينما كانوا يقومون بفلاحة أرضهم. وانتقد النونو استئناف المفاوضات المباشرة معتبرا أن ذلك يمنح إسرائيل الغطاء لارتكاب المزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين. ودعا النونو الدول العربية، سيما تلك التي احتضنت المفاوضات المباشرة، إلى تحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري في قطاع غزة والعمل على وقف العدوان.

من ناحيته نفى الناطق بلسان حماس أن يكون قد أطلق من غزة قذائف برؤوس فسفورية كما تزعم إسرائيل. وقال إن إسرائيل تبتدع هذه الفرية لتبرير ما تخططه من تصعيد عسكري ضد قطاع غزة.

وحسب المخابرات الإسرائيلية، فإن تنظيمات فلسطينية مسلحة صغيرة هي التي أطلقت هذه الصواريخ وليس خلايا حماس. ولكن هذا لا يعني أن حماس بريئة منها. فبعد نحو السنتين من قيام حماس بضبط الأمور في القطاع ومنع إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، يبدو أنها أعطت الضوء الأخضر لهذه التنظيمات أن تعمل. وقال الناطق إن حماس برهنت خلال الفترة الماضية على أنها إذا أرادت، تستطيع بقوة السلاح أن تضمن الهدوء، كما فعلت عندما قتلت عبد اللطيف موسى زعيم إحدى الجماعات السلفية، وقمعت رجاله في السنة الماضية. وأضافت، حسب القناة العاشرة التجارية في التلفزيون الإسرائيلي، أن حماس قررت أن تدير حربا خفيفة ضد إسرائيل بهدف التشويش على المفاوضات السلمية وتخريبها. ولكن إسرائيل لن تحقق لها رغبتها. وسيكون ردها على إطلاق الصواريخ المكثف أقسى من المعتاد.

وفي هذا السياق، هدد وزير البيئة جلعاد اردان، المعروف بقربه من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، باجتياح قطاع غزة مرة ثانية. وقال في تصريح أمام نشطاء حزبه (الليكود) الليلة قبل الماضية، إن حماس لا يبدو أنها تعلمت الدرس من الحرب الأخيرة وتحتاج إلى جولة ثانية. وقال المراسل العسكري للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي أمير بار شالوم، إن القيادات الأمنية ترغب في بث رسالة مباشرة وعلنية وواضحة إلى حماس تقول فيها إن إسرائيل لم تعد تحتمل تهديد سكانها بالخطر، وردها على الصواريخ سيكون قاسيا جدا. وأضاف أن هذا الرد قد ينطوي على العودة إلى عمليات الاغتيال في صفوف قادة الحركة.

وصرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، أن قواته تعرف أن حماس معنية بتصعيد التوتر العسكري في المنطقة بمجرد انطلاق مفاوضات السلام. وتتوقع أن يزداد هذا التصعيد بوتائر أعلى وأعلى كلما صمدت هذه المفاوضات واقتربت من النجاح. وأضاف أن جيشه جاهز للرد على استفزازات حماس بالقسوة اللازمة. وبدا أن أشكنازي يخشى من أن تؤدي غارات الجيش الإسرائيلي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين، فحذر من أن إطلاق الصواريخ الفلسطينية يتم من مواقع قريبة من الأحياء السكنية ومن أن قواته ستضطر إلى الرد على مصادر النيران، مما يهدد بسقوط ضحايا من الأبرياء.

وجدير بالذكر أن إسرائيل استضافت هذا الأسبوع، مؤتمرا دوليا تحت عنوان «مكافحة الإرهاب»، بمشاركة 60 خبيرا دوليا. وتطرق المتكلمون فيه إلى جميع التنظيمات المسلحة في العالم، وخصوصا تنظيم القاعدة وأذرعها. ولكن أبحاثها تركزت على حماس وحزب الله والدعم السوري والإيراني لهما. وعرضت فيه أفلاما أنتجتها حماس، تتحدث عن احتلال إسرائيل وتدمير مبنى المحكمة العليا وبنك إسرائيل في القدس واحتلال مبنى التلفزيون ومدينة «تل الربيع» (أي تل أبيب). وفي الجلسات السرية للمؤتمر، طرح الخبراء، كل من طرفه، الخطط لمواجهة هذه المخططات، سياسيا وعسكريا، و«تجفيفها» من الناحية المالية.