طالبان تتوعد بشن هجمات مع انطلاق الانتخابات التشريعية في أفغانستان

بطلة في ألعاب القوى ومغن وممثل ومعتقل سابق في غوانتانامو ينافسون زعماء الحرب في الانتخابات

أفغاني يحرس صناديق اقتراع قبل توزيعها على مراكز الانتخابات في قندهار أمس (رويترز)
TT

توعدت حركة طالبان بشن هجمات غدا في أفغانستان حيث تجري انتخابات تشريعية، مؤكدة أن الأولوية في هذه الهجمات ستكون ضد القوات الأمنية والموظفين العاملين في تنظيم العملية الانتخابية، على الرغم من نشر نحو 400 ألف جندي أجنبي وأفغاني وشرطي وعنصر استخبارات في البلاد.

وينتخب الأفغان غدا نوابهم في الجمعية الوطنية (ووليسي جيرغا) في اقتراع عام مباشر للمرة الثانية منذ سقوط نظام طالبان في نهاية 2001. ودعي نحو 10.5 مليون ناخب إلى التصويت في 5816 مركز اقتراع، مع صناديق مخصصة للنساء وأخرى للرجال. ويبلغ عدد المرشحين 2514 مرشحا بينهم 406 نساء، ومن بين المرشحين بطلة سابقة في ألعاب القوى ومغن وممثل ومعتقل سابق في غوانتانامو ينافسون زعماء الحرب في الانتخابات. ولن يفتح أكثر من ألف مركز أبوابه (أي نحو 15 في المائة من مراكز التصويت) بسبب انعدام الأمن. وقدرت نفقات الانتخابات بـ150 مليون دولار ممولة بشكل شبه كامل من الدول المشاركة في قوات التحالف المنتشرة في هذا البلد، حسب مسؤولين غربيين في كابل. ويشارك في العملية نحو 270 ألف مراقب من ممثلي المرشحين الأفغان ومن أجانب وصحافيين. وسيتم فرز الأصوات يدويا في مراكز الاقتراع فور انتهاء التصويت، على أن يبدأ إعلان النتائج الأولية اعتبارا من 22 سبتمبر (أيلول) الحالي، على أن تعلن النتيجة النهائية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) ما لم يحدث أي أمر طارئ.

ودعت حركة طالبان مجددا الأفغان إلى مقاطعة الانتخابات، والانضمام إلى «الجهاد والمقاومة» ضد «الغزاة» الأجانب. وقالت الحركة في بيان «ندعو أمتنا الإسلامية إلى مقاطعة هذه العملية، وبالتالي إحباط كل مناورات الأجانب وطرد الغزاة من بلادكم والالتزام بالجهاد والمقاومة الإسلامية». وأضافت أن «انتخابات تنظم تحت احتلال الأميركيين لا تخدم إلا مصالح الغزاة ولها عواقب خطيرة على شعبنا وبلادنا وتطيل في الواقع المأساة التي تعيشها بلادنا». وتأتي تهديدات حركة طالبان بعدما أعلن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي عن تشكيل مجلس لإجراء محادثات سلام مع المتمردين. وهذه المبادرة هي الأبرز التي يقوم بها كرزاي لفتح حوار مع قيادة طالبان.

وينافس مرشحون من نوع جديد، بينهم بطلة سابقة في ألعاب القوى ومغني بوب وممثل كوميدي معروف بانتقاداته اللاذعة للمسؤولين الأفغان، زعماء الحرب التقليديين في الحصول على مقاعد في الجمعية الوطنية الأفغانية.

وتشكل الجمعية الوطنية مزيجا متنوعا من الشخصيات، بينهم زعماء حرب سابقون من حقبة مقاومة الاحتلال السوفياتي، وخصوم لهم شيوعيون، إضافة إلى تكنوقراط درسوا في الغرب، وشخصيات من المجتمع المدني. وتعد هذه الجمعية مجرد مجلس لتسجيل القرارات لكنها رفضت مع ذلك مرات عدة في الأشهر الأخير الموافقة على تعيين الوزراء الذين اقترحهم كرزاي وردت عددا من مراسيمه. وقد رشح معظم النواب الحاليين أنفسهم لولاية جديدة على الرغم من تهديدات حركة طالبان التي ترى أن الاقتراع غير شرعي لأنه يجري «تحت احتلال» نحو 150 ألف جندي من القوات الدولية. وإذا ما انتخب مرشحون مثل روبينا جلالي العداءة السابقة التي شاركت في ألمبياد 2004 و2008 والمغني ذبيح الله جوانورد، الذي يعتبر «الفيس الأفغاني»، والممثل الكوميدي زامير كابولي، فإنهم سيغيرون من دون شك الشكل السياسي لبلد ما زالت الغلبة فيه للتقاليد القبلية.

ومن المرشحين عزت الله يار وهو معتقل سابق في غوانتانامو، ويعتمد عزت الله نصرت يار حياته برنامجا انتخابيا. فهذا الأفغاني البالغ من العمر 42 عاما أمضى خمس سنوات في غوانتانامو وهو على الأرجح المعتقل الوحيد في هذا السجن الأميركي الذي يخوض الانتخابات التشريعية في أفغانستان.

ويجلس نصرت يار في محل صغير في شاري نو، الحي التجاري في كابل، يدقق بحذر في الوجوه لتمييز وجود الأجانب. وقال الرجل الذي كان في التسعينات من قادة الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار ويعد اليوم ثاني مجموعة متمردة في أفغانستان إن «الكفاح المسلح لم يعد يفيد اليوم. يجب التفاوض حول السلام مع المتمردين خاصة مع حركة طالبان». وأضاف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا شاء الله وانتخبت نائبا وإذا طلب مني الرئيس كرزاي التحدث إلى المتمردين فسأفعل ذلك».

وتابع نصرت يار، وهو يمسد لحيته السوداء الطويلة أن «البلد في حالة حرب منذ ثلاثين عاما وسأكون سعيدا بالمساهمة في جلب السلام». ويؤكد عزت الله الذي كان والده من قادة الحزب الإسلامي الذي قاتل السوفيات في الثمانينات أنه لم يشارك يوما في التمرد الحالي. ويضيف: «عند سقوط طالبان في نهاية 2001 كنت سعيدا جدا وفتحت محطة للوقود. كان لدي مشاريع لشراء أراض زراعية. اعتقدنا أن أفغانستان ستصبح مثل أوروبا أو الولايات المتحدة»، لكن في الأول من مارس (آذار) 2003 «جاء جنود أميركيون إلى بيتي وقالوا لي إن جنرالا يريد التحدث إلي»، على حد قوله. واقتيد عزت الله بعد أن عصبت عيناه وقيدت يداه، تاركا زوجتين وتسعة أبناء. وقال بحزن «رحلتي الطويلة بدأت عندها. وقد أمضيت أربع سنوات وسبعة أشهر معتقلا في غوانتانامو». وقد بدأ كرهه للأميركيين عند وصوله إلى قاعدة باغرام الأميركية قرب كابل حيث احتجز لعشرين يوما قبل نقله إلى غوانتانامو في طائرة مع 32 سجينا آخر. وأوضح: «قاموا بحلق لحانا». وأضاف: «كنت أعتقد أنه لا يوجد في غوانتانامو سوى أعضاء في (القاعدة). الآن أعرف أن هناك أشخاصا عاديين أيضا». ويتهمه الأميركيون بأنه «عضو في منظمة إرهابية» وبأنه «تلقى أسلحة من الحزب الإسلامي في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2003» واستقبل حكمتيار في منزله في 2002. لكن عزت الله ينفي كل ذلك ويؤكد أنه جمع أسلحة وحفظها في إطار برنامج حكومي لنزع الأسلحة.

وقد أفاد خلال جلسة استماع في غوانتانامو أفضت إلى إطلاق سراحه في ما بعد أن «مساكين قدموا معلومات خاطئة إلى الأميركيين». ويذكر محاميه بيتر راين أن «عزت الله لم تسنح له الفرصة لمعرفة من هم هؤلاء المخبرون وما الأدلة التي تبرر اعتقاله». ويضيف: «لم يتهم بأي جريمة أو أي جريمة حرب ولم يحاكم ولم يصدر ضده أي حكم من محكمة». وانضم والد عزت الله إلى ابنه بعد أقل من شهر في غوانتانامو بعدما حاول أن يعرف مكانه. وقد أفرج عنهما معا في 2008.

وفي الأسابيع الأخيرة قام نصرت يار بحملة متواضعة التقى خلالها سكان ساروبي. ومحطة الوقود التي يملكها هي الوحيدة التي علقت فيها صور هذا الرجل الذي يحصل على دخل متواضع جدا. وقال: «يسألني الناس عن غوانتانامو ويسألونني لماذا ترشحت مع أن القوات الأميركية والحكومية أرسلتني إلى هذا السجن في الطرف الآخر من العالم». وأضاف: «هناك عاش كل سجين هذا العذاب حيث يتم تبديل الزنزانة كل ساعة، كل الأيام والأسابيع والأشهر». وتابع: «لقد ترك ذلك آثارا. لم أعد أتحلى بالصبر وأصبحت سريع الغضب. والأطباء يقولون إنني أعاني من حالة قلق».