خطف 5 فرنسيين في النيجر ضربة موجعة لشركة «أريفا» النووية ولمصالح فرنسا الاستراتيجية

مسؤولون أمنيون رجحوا أن تكون «القاعدة» وراء العملية

TT

ما كادت تطوى صفحة مقتل المواطن الفرنسي السبعيني ميشال جيرمانو أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي على أيدي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد عملية عسكرية فاشلة قامت بها قوات كوماندوز مشتركة فرنسية ــ موريتانية، شمال مالي، للإفراج عنه، حتى وجدت فرنسا نفسها بمواجهة عملية أخطر وأكبر؛ فقد أكدت الخارجية الفرنسية أمس خطف خمسة مواطنين فرنسيين «ومواطنين آخرين من توغو ومدغشقر» شمال النيجر، فجر الخميس، في منطقة أرليت التي تبعد ألف كلم شمال العاصمة نيامي. ويعمل اثنان من المختطفين لصالح شركة «أريفا» الرائدة في النشاطات النووية والخمسة الآخرون لصالح شركة «ساتوم» المتفرعة عن شركة «فينسي» التي تنشط في حقل الأشغال العامة والمقاولات. وتعمل «ساتوم» لصالح «أريفا» في مناجم الذرة التي تستغلها الشركة الفرنسية شمال النيجر.

ووفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين أمنيين نيجريين، فالمرجح أن تكون «القاعدة» وراء عملية الخطف التي سهل إتمامها خروج المخطوفين من غير حراسة، في منطقة بالغة الخطورة سبق أن خطف فيها ميشال جيرمانو قبل أن «يباع» لإحدى المجموعات التابعة لـ«القاعدة» وينقل إلى مالي. ومعلوم أن «القاعدة» ومجموعات مسلحة أخرى تنشط في ما يسمى منطقة «الساحل» الممتدة من موريتانيا إلى النيجر وهي خارجة عن أية سيطرة حقيقية لدول المنطقة. وأفادت المصادر الأمنية النيجرية أن الخاطفين جاءوا إلى المنطقة على متن خمس سيارات بيك آب. من جانبها، أكدت باريس عملية الخطف كما أكدت أنها «عبأت» أجهزتها لمتابعة الموضوع وخصوصا «مركز الأزمات» الذي أنشئ في الخارجية لملاحقة الحالات الطارئة. وأفاد الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو أن فرنسا «لم تتلق (حتى أمس) أي اتصال أو أية مطالب» من الخاطفين.

وتأتي عملية الخطف بعد التهديدات التي أطلقتها «القاعدة» ضد فرنسا وتوعدها بالرد على العملية العسكرية التي قامت بها فرنسا بالتعاون مع قوة موريتانية التي قتل بسببها تسعة من المنتسبين إلى «القاعدة». وفي الأيام الأخيرة، زادت التحذيرات من عملية إرهابية تستهدف المصالح الفرنسية. وآخرها جاء من رئيس جهاز الإدارة المركزية للمخابرات الداخلية برنار سكوارسيني الذي جعل من تهديدات «القاعدة» المصدر الأخطر على فرنسا «إلى جانب أخطار الجهاديين الفرنسيين المعتنقين للإسلام والمواطنين الفرنسيين العائدين من أفغانستان أو اليمن أو الصومال إلى فرنسا».

وتأخذ فرنسا التهديد الإرهابي على محمل الجد وهو ما تعبر عنه «نصائح» الخارجية الفرنسية للفرنسيين الذين يودون السفر إلى هذه المنطقة إذ تلفت نظرهم إلى أنه «يتعين أخذ تهديدات (القاعدة) في بلاد المغرب الإسلامي ضد المواطنين الفرنسيين بجدية بالغة» وإلى أن احتمال التعرض للاختطاف شمال مالي «مرتفع».

وتعد النيجر بلدا استراتيجيا لشركة «أريفا» التي تحتل الموقع الأول في العالم في الصناعة النووية وكما أنها بلد استراتيجي لفرنسا كذلك. فالنيجر هي ثالث بلد منتج لليورانيوم في العالم و«أريفا» هي أكبر الشركات العاملة في هذا القطاع، حيث تستخرج نصف إنتاجها من اليورانيوم الطبيعي من منجمين رئيسيين. وفي عام 2008، حصلت «أريفا» على امتياز لتشغيل منجم إيمورارين الذي يعد ثاني أكبر المناجم في العالم والأول في أفريقيا. ويغذي يورانيوم النيجر ثلث المفاعلات الفرنسية النووية الـ58، فضلا عن أنه يمثل ثلث صادرات النيجر. وتوجد «أريفا» في هذا البلد منذ 42 عاما. لذا فإن عملية خطف العاملين لديها مباشرة أو عبر شركة «ساتوم» تعد ضربة قاسية للشركة، فضلا عن أنها استهداف واضح للمصالح الفرنسية الاستراتيجية في هذه المنطقة من أفريقيا.