حداد وحالة تأهب بكراتشي بعد مقتل سياسي باكستاني بارز في لندن

اسكوتلنديارد لـ«الشرق الأوسط»: الاعتقالات والتحريات الجنائية ما زالت مستمرة

عمران فاروق (أ.ب)
TT

اغتيل الزعيم السياسي الباكستاني، عمران فاروق، أول من أمس، طعنا بالسكين في منزله في ضاحية لندن، حيث أقام لسنوات منفيا, وباشرت الشرطة البريطانية تحقيقات واسعة في مقتله، في حين أعلن الحداد في معقله كراتشي (جنوب). ووضعت الحكومة الباكستانية قوات الأمن في حالة التأهب القصوى في مدينة كراتشي، لمنع اندلاع أعمال عنف، بعد وصول نبأ اغتيال عمران فاروق مصابا بجروح في الرأس وبطعنات سكين, في منطقة إدجوير شمال لندن بعد ظهر أول من أمس, كما أعلنت الشرطة البريطانية.

وهو زعيم يتمتع بشعبية كبيرة في المدينة، إلى باكستان. وقد قتل عمران فاروق، وهو زعيم بارز في حركة قوامي المتحدة، في لندن على يد مجهولين. و«قوامي المتحدة» هو حزب سياسي عرقي يتمركز في مدينة كراتشي، التي يعيش فيها معظم الباكستانيين المتحدثين باللغة الأردية. وقد سافر عمران فاروق، أحد القادة الأكثر تأثيرا في مجتمع الناطقين بالأردية، إلى المنفى في لندن في وقت مبكر من تسعينات القرن الماضي، بعد أن بدأ الجيش الباكستاني حملته على المدينة عام 1992. وكانت بعض التقارير قد أشارت إلى اندلاع أعمال العنف في كراتشي في أعقاب وصول نبأ الاغتيال إلى المدينة. وكراتشي مدينة لها تاريخ من العنف بين الجماعات العرقية، وقد تم اغتيال الكثير من قادة حركة قوامي المتحدة في الماضي، كجزء من صراع عرقي. وقد أغلقت جميع المحال التجارية أبوابها في كراتشي، وأعلنت الهيئات التجارية الرئيسية توقفها عن العمل في المدينة بعد وصول خبر مقتل عمران فاروق. وأعلن زعيم حركة قوامي المتحدة، فاروق عبد الستار، حالة الحداد لمدة عشرة أيام.

ويعتبر الدكتور عمران فاروق واحدا من الشخصيات الرئيسية التي أسست «الحركة الباكستانية المتحدة للطلاب المهاجرين»، التي تحولت في النهاية إلى حركة قوامي المتحدة. ونشر الحزب خبر وفاة أمينه العام على موقعه الإلكتروني, داعيا إلى الحداد لمدة عشرة أيام، وإلغاء الاحتفالات بعيد ميلاد زعيمه، ألطاف حسين، الذي يتخذ هو الآخر لندن مقرا له. من ناحيتها أكدت الشرطة البريطانية، في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط»، أنها استدعيت إثر وقوع حادث خطير في هذه المنطقة في تلك الساعة. وقال مسؤول من اسكوتلنديارد: «لم يُعتقل أي شخص، وما زالت التحريات الجنائية جارية». وأعلنت شرطة لندن أنها تلقت تقارير بوقوع هجوم خطير قرابة الساعة 17:30 مساء (16:30 بتوقيت غرينتش) في منطقة إدجوير في العاصمة. وقال متحدث باسمها إن «شرطيين عثرا على رجل من أصل آسيوي يبلغ الخمسين من العمر مصابا بطعنات سكين وبجروح في الرأس», مضيفا أن «الطاقم الطبي قدم له الإسعافات، ولكنه فارق الحياة في مكان الحادث عند الساعة 18:37 (17:37 بتوقيت غرينتش)».

وأوضح أنه «تم إبلاغ ذويه» بوفاته, وأن الشرطة لم توقف أي مشتبه به حتى الساعة. وقال زعيم الحركة في باكستان، فاروق ستار، أن «الحزب ألغى الاحتفالات بعيد ميلاد الزعيم ألطاف حسين بعد الحادث». وأضاف أن فاروق قيادي «أدى خدمات جليلة للحزب». ورفض سار التعليق لدى سؤاله عن السبب وراء اغتيال فاروق والجهة التي يمكن أن تكون وراءه. وأضاف أن «السلطات في لندن تقوم بالتحقيق، ونأمل أن يتم إلقاء القبض على القاتل ليلقى جزاءه». وندد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني بـ«اغتيال» فاروق. وبدأ أنصار للحزب بالتجمع أمام منزل فاروق في كراتشي، وهم يعزون بعضهم بعضا والدموع في أعينهم.

وأفاقت المدينة على صباح هادئ، إذ أغلقت الأسواق والمطاعم باكرا بعد ورود خبر الاغتيال، مساء أول من أمس. وقال قائد الشرطة فياز لغاري إن عناصره وضعوا في حالة تأهب في المدينة، وانتشروا حول منزل فاروق كإجراء احتياطي. واغتيل في كراتشي الشهر الماضي رضا حيدر, أحد محامي الحركة القومية المتحدة, وقد أثار اغتياله موجة عنف جديدة سياسية في المدينة، حصدت نحو 85 قتيلا. وقال لغاري: «هناك تأهب في المدينة، وتم اتخاذ كل الاحتياطات لضمان السلام»، وأضاف: «المدينة الآن هادئة وآمنة».

وأشار شرطي، رفض كشف هويته لوكالة «فرانس برس»، إلى أن أشخاصا غاضبين من الاغتيال أضرموا النيران في نحو ست سيارات في المدينة ليلا. وتشهد كراتشي سلسلة من عمليات القتل والجرائم والخطف الإثنية، بينما تواجه البلاد فيضانات لا سابق لها، أسفرت عن مقتل 1500 شخص، وتضرر قرابة الـ21 مليون نسمة. وأسس فاروق وحسين منظمة الطلاب الباكستانيين المهاجرين في عام 1978 لتمثيل الغالبية الناطقة بالأردو في كراتشي. وشغل فاروق منصب الأمين العام للمنظمة، واحتفظ بمنصبه حتى بعد تحول الجناح الطلابي إلى حزب الحركة القومية المتحدة بعد ست سنوات. وانتخب نائبا في البرلمان مرتين، إلا أنه انتقل للعيش في المنفى في 1992 بعد أن أمرت السلطات الجيش بملاحقة الناشطين الحزبيين في كراتشي.

وكان فاروق مطلوبا في قضايا أخرى، من بينها جرائم قتل وتعذيب. وكان يصر على أن الاتهامات أساسها دوافع سياسية، قبل أن يظهر مجددا في لندن، حيث طلب اللجوء في عام 1999. ومع أنه كان يشغل المنصب الثاني في الحركة، وكان يحظى بشعبية في الحزب، فإن دوره كان غير بارز.

ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن فاروق قال في عام 1992 إنه مطلوب «حيا أو ميتا». وتابعت نقلا عنه: «هذا أعطى تصريحا لأي شخص في باكستان باغتيالي دون عقاب», مضيفا: «كان من المستحيل أن أبقى في باكستان مع التهديد المستمر لحياتي وحريتي».

واستقبلت لندن عددا من السياسيين الباكستانيين في المنفى. ويقيم الرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف في العاصمة البريطانية. وفاروق متزوج من شميلة، وهي محامية أيضا، ولهما ولدان.