حزب الله يتجه للمطالبة علنا بإسقاط المحكمة الدولية

إجماع لبناني على خطورة وهشاشة الوضع

TT

شكلت مجريات جلسة لجنة المال والموازنة الأخيرة، التي بحثت تمويل المحكمة الدولية، بروفة واضحة وصريحة لما ينتظره اللبنانيون في المرحلة المقبلة. فقد أعلن حزب الله داخل الجلسة وبصراحة رفضه للمحكمة الدولية واصفا إياها بالأميركية - الإسرائيلية، وقوى 14 آذار تحتج وتجدد تمسكها بتحقيق العدالة من خلال المحكمة التي شكلت بتوافق لبناني عام. ولكن ما يعلنه حزب الله في الجلسات المغلقة يتفادى إظهاره للإعلام، إلا أن أوساطه أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب يمهد للمطالبة وبصراحة بإسقاط المحكمة الدولية وهو انطلق اليوم من بوابة السعي لوقف تمويلها على أن يتم التصعيد في الموقف تدريجيا»، وأضافت: «الوضع متأزم في ظل تمسك كل فريق بوجهة نظره ما يؤسس لمرحلة هشة قد تنزلق فيها الأمور ودون سابق إنذار إلى ما لا يحمد عقباه».

وإلى هذا أشار كل من نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فاعتبر الأول أن «مجلس الأمن الدولي تديره الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي هو ليس المرجعية الصالحة لإحقاق الحق وإقامة العدالة»، مشددا على «وجوب تحرك القضاء اللبناني باتجاه فتح ملف (شهود الزور) بشكل عملي، والوقوف بوجه من يقف خلفهم». وأشار قاسم إلى أن «حزب الله لديه علامات استفهام كبيرة لأن هناك من يريد تمييع هذا الملف»، مطالبا في هذا السياق القضاء اللبناني «بالعمل على ملفين أساسيين، الأول شهود الزور والثاني متابعة قرائن اتهام إسرائيل باغتيال الرئيس رفيق الحريري».

أما جنبلاط فأكد أن «لا إمكانية لإلغاء تمويل المحكمة في هذا الجو الحامي»، مضيفا: «إذا توافقنا أن المحكمة في مكان ما عقبة نتفق بشكل جماعي على تأجيلها، وإذا كانت تثير الفتنة فلنتفق جميعا على إلغائها». وشدد على أن الاتهام السياسي لحزب الله من «دير شبيغل» ثم صدور قرار ظني يتهم حزب الله يبين أن المحكمة مسيسة لافتا إلى أن «ملف المحكمة يحل بين السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري».

وفي الإطار عينه، قال عضو تكتل لبنان أولا الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري النائب عاصم عراجي لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله يسعى لضرب المحكمة الدولية وما حصل في لجنة المال والموازنة أصدق تعبير على ذلك. المعارضة تنسق بأطيافها كافة من حزب الله إلى العماد عون واللواء السيد لتنفيذ خطة واضحة المعالم وصولا إلى الفتنة».

واستغرب عراجي موقف حزب الله من المحكمة واستباقه لمضمون القرار الظني قائلا: «إذا كان القرار غير مقنع أو مبنيا على براهين وأدلة قاطعة فنحن لن نوافق عليه. لننتظر ما سيصدر عن القاضي بلمار ليبنى على الشيء مقتضاه».

من جهته، أعلن عضو كتلة الأحزاب القومية والوطنية النائب مروان فارس وصراحة أن «قسما كبيرا من اللبنانيين اليوم يريد إلغاء المحكمة ويسعى لوقف دعم لبنان المالي لها خاصة أنه يدفع الحصة الكبرى» وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تمويل المحكمة يتحول قريبا لموضوع سجالي طويل ينتقل إلى الهيئة العامة لمجلس النواب» متسائلا: «لماذا نريد المحكمة ما دامت ستتسبب في الفتنة وما دام القرار الظني يستخدم للتهديد والتهويل». وعن إمكانية أن يرضخ الفريق الآخر لسعي قوى المعارضة لإسقاط المحكمة قال فارس: «تغيرات سياسية كبرى يشهدها الفريق الآخر ليس آخرها ما أدلى به الحريري لـ(الشرق الأوسط)».

وفي وقت بتت المحكمة الدولية في طلب اللواء جميل السيد معلنة أنها صاحبة الصلاحية في طلب السيد تسلم أدلة شهود الزور، أعطت 20 يوما للمدعي العام الدولي دانيال بلمار والسيد للتسلم والتسليم والتحفظ.

وفي المواقف الشاجبة للتعرض للمحكمة الدولية، أكد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن «كل التسريبات حول القرار الظني للمحكمة الدولية بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري هي غير صحيحة»، مؤكدا أن «هناك رفضا من حزب الله لتمويل برنامج المحكمة الدولية وحتى تطييرها إذا أمكن». وشدد فتفت على أنه «لا يمكن لأحد (تطيير) المحكمة لأنها أصبحت في عهدة المجتمع الدولي وهذا خطأ استراتيجي يرتكبه الفريق الآخر».

وفي المقابل، أكد عضو تكتل التغيير والإصلاح الذي يرأسه العماد ميشال عون النائب فريد الخازن أنه «لا يمكن لأحد الاستفادة من هذه الأوضاع المأزومة، لأنه قد يتم الوصول إلى مرحلة لا يعود بإمكان أحد السيطرة عليها» لافتا إلى أن «هناك حالة توتر عالية وبداية أزمة، لكن لدى الجميع مصلحة في التهدئة وليس في التأزيم». وقال الخازن: «إن أسوأ ما يمكن قوله عن أي تحقيق هو وجود (شهود زور)، فمحمد زهير الصديق موجود ومحمي ويطل عبر الإعلام كل يوم»، مشددا على «ضرورة متابعة هذا الملف بشكل دقيق لمعرفة من يقف وراء هؤلاء الشهود». من جهة ثانية، استبعد الخازن أن «يصدر القرار الظني في وقت قريب، خصوصا بعد المعطيات والقرائن التي قدمها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله والتي توجه إصبع الاتهام نحو إسرائيل».