أحمدي نجاد: تحركات غربية تستلزم منا التشاور مع دمشق

بحث مع الأسد الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية.. وأجرى «توقفا تقنيا» في الجزائر

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ونظيره السوري بشار الأسد في دمشق أمس (رويترز)
TT

أجرى الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، زيارة خاطفة إلى سورية والجزائر، أمس، قبيل توجهه إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة بعد غد. وبحث مع نظيره السوري، بشار الأسد، متانة العلاقات بين بلديهما، كما شدد الطرفان على أهمية خروج العراق من أزمة تشكيل الحكومة حفاظا على وحدته واستقراره وأمنه.

وبحث الرئيسان السوري والإيراني في مطار دمشق خلال زيارة قصيرة للرئيس نجاد إلى سورية «جملة من المواضيع الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال بيان رسمي إنه تم التطرق إلى «أهمية خروج العراق من أزمة تشكيل الحكومة حفاظا على وحدته واستقراره وأمنه وإعادة إعماره بحيث يستعيد العراق قريبا دوره على الساحتين العربية والإقليمية مما يساهم في تعاون اقتصادي إقليمي مشترك».

وحضر اللقاء من الجانب السوري نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، ووزير الخارجية وليد المعلم، والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان، ووزيرة الاقتصاد والتجارة رئيسة اللجنة الوزارية السورية - الإيرانية المشتركة لمياء عاصي، ومعاون وزير الخارجية. وحضر من الجانب الإيراني وزير الخارجية منوشهر متقي، ووزير الإسكان والبناء علي نيكزاد، ورئيس اللجنة الإيرانية - السورية المشتركة عن الجانب الإيراني، ووزير الثقافة، وعدد من كبار المسؤولين الإيرانيين والسفير الإيراني في دمشق. وجرى خلال اللقاء مناقشة ما توصلت إليه اللجان المشتركة بين البلدين وضرورة «رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتنموي، وخاصة في المواضيع ذات الطابع الاستراتيجي كالنفط والغاز والسكك الحديدية وزيادة التواصل السياحي بين شعبي البلدين».

زيارة نجاد السريعة إلى سورية، جاءت وسط تسريبات إيرانية عن نية قيام الرئيس السوري بزيارة إلى طهران، وبعد أيام من قيام وفد من ائتلاف دولة القانون العراقي بنقل رسالة من زعيمه، نوري المالكي، إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وأنباء عن مساع لفتح صفحة جديدة بين المالكي والمسؤولين في سورية بعد تدهور في العلاقات استمر نحو عام على خلفية اتهام المالكي لسورية بإيواء متورطين في تفجيرات بغداد في أغسطس (آب) 2009.

ويسعى المالكي اليوم إلى الحصول على دعم سوري يساند الدعم الإيراني الذي يحوز عليه ليترأس الحكومة العراقية الجديدة. وتؤكد سورية وإيران باستمرار على متانة العلاقات التي تربطهما رغم مطالبة الولايات المتحدة دمشق بتغيير موقفها من حليفتها إيران، وإلا وقعت تحت طائلة التعرض للتهميش.

واعتبر المحلل السياسي السوري، سامي مبيض، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «من غير الممكن فصل إيران عن سورية لأن هذا التحالف قديم وقائم على عدة مستويات منذ إعلان الثورة الإسلامية عام 1979».

وأضاف المبيض أن «هناك تنسيقا تاما في ملفات المنطقة ولا يوجد سبب مقنع لإنهاء هذه العلاقة ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تفرض على دول الجوار حلفاءها وخصومها».

كما أكد المسؤول الإعلامي في السفارة الإيرانية في دمشق، لواء رودباري، على متانة العلاقات السورية - الإيرانية قائلا: «خلال السنوات الماضية شهدنا محاولات للفصل بين سورية وإيران إلا أنها باءت بالفشل». وتابع رودباري: «لقد تعززت العلاقات يوما بعد يوم من خلال التواصل الدائم بين قيادات البلدين ومن خلال تطابق وجهات النظر حول الملفات الإقليمية والدولية». وأضاف رودباري: «لقد تغير هذا الموقف بعد تسلم الرئيس الأميركي باراك أوباما السلطة، حيث اعترف الجانب الأميركي بأخطائه وطلب العون من إيران وسورية لحل بعض الملفات التي تورطت فيها أميركا في المنطقة».

وكان الرئيس الإيراني أكد للصحافيين قبل مغادرته طهران، أن العلاقات مع دمشق «متينة واستراتيجية»، وأن وجهات نظر البلدين «متطابقة حول كل المسائل».

وتعود الزيارة الأخيرة لأحمدي نجاد لدمشق إلى فبراير (شباط) 2010 وتوجت بالتوقيع على اتفاق يقضي بإلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والخدمة والعادية.

وأثمرت اجتماعات الدورة الحادية عشرة للجنة العليا المشتركة التي عقدت في طهران نهاية فبراير ومطلع مارس (آذار) 2010 عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم وبرامج التعاون في مجالات الثقافة والتخطيط والعمل، إضافة إلى مشاريع مشتركة.

وغادر أحمدي نجاد دمشق بعد زيارته التي استغرقت ساعات قليلة إلى الجزائر ليقوم بـ«توقف تقني» في طريقه إلى نيويورك. وحطت طائرة الرئيس الإيراني عند منتصف النهار في مطار العاصمة الجزائرية واستقبله لدى نزوله من الطائرة الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، مع كل التشريفات العسكرية وإلى جانبه رئيس الحكومة أحمد أو يحيى، ووزير الخارجية مراد مدلسي. وتوجه أحمدي نجاد وبوتفليقة إلى مبنى كبار الزوار في المطار.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن أو يحيى ومدلسي ورئيس الجمعية الشعبية الوطنية، عبد العزيز زياري، شاركوا في المحادثات، إضافة إلى وزير الخارجية الإيراني.

وتناولت مباحثات نجاد وبوتفليقة «جملة من المواضيع الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك»، وبحسب الوكالات الإيرانية فإن «وجهات نظر طهران والجزائر تتقارب في الكثير من المواضيع المشتركة والإقليمية والدولية».

وأشارت الصحافة الجزائرية في أغسطس الماضي إلى محادثات عقدت في طهران بين السفير الجزائري سفيان ميموني، ووزير التجارة الإيراني مهدي غضنفري، الذي تأمل بلاده في تطوير العلاقات التجارية وتوقيع اتفاق للتبادل الحر مع الجزائر، وذلك رغم العقوبات التي تفرضها الدول الغربية على إيران على خلفية برنامجها النووي.

وكان الرئيس الإيراني قد قال في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي الإيراني، مساء أول من أمس، حول زيارته إلى سورية والجزائر، إن «لنا علاقات جيدة جدا مع هذين البلدين كما سنقوم بإجراء مشاورات مع الرئيس بشار الأسد تتناول ملفات فلسطين ولبنان والعراق». وعما إذا كانت زيارته إلى سورية تدخل في إطار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين والدعوات الأميركية لإشراك سورية في عملية السلام الشامل في المنطقة، قال نجاد إن «لنا صلات وتنسيقا مع الجميع في المنطقة ونجري معهم على الدوام مشاورات حول العراق ولبنان وفلسطين وما ينعكس عن التحركات الغربية وما يهدف إليه هؤلاء في المستقبل فهم يسعون إلى القيام بأعمال شيطانية في فلسطين بما يستلزم منا التشاور مع سورية».