بولندا تفرج عن الزعيم الانفصالي الشيشاني زكاييف

المحكمة أخذت في الاعتبار تمتعه بوضع اللاجئ السياسي في بريطانيا

الزعيم الشيشاني الانفصالي أحمد زكاييف يتحدث إلى الإعلاميين أمس عقب الإفراج عنه في العاصمة وارسو (أ.ب)
TT

اعتقلت الشرطة البولندية، أول من أمس، الزعيم الشيشاني الانفصالي، أحمد زكاييف، المطلوب في روسيا بتهمة الإرهاب، لكنها ما لبثت أن أطلقت سراحه بسبب تمتعه بوضع اللاجئ السياسي في بريطانيا، وفقا لقناة تلفزيونية إخبارية. وكان زكاييف قدم إلى وارسو الخميس الماضي لحضور مؤتمر عالمي للشيشانيين المقيمين في المنفى يعقد لمدة ثلاثة أيام، وسبق أن أبدت موسكو استياءها منه، مؤكدة أنه يهدف إلى «زعزعة الوضع في القوقاز» الروسي. وصباح أمس أعلن المتحدث باسم شرطة وارسو، مريوش سوكولوسكي، لقناة «تي في إن 24» التلفزيونية قائلا: «لقد اعتقله شرطيون بزي مدني بينما كان خارجا من أحد المباني». وأضاف: «اضطرت الشرطة بسبب صدور مذكرة التوقيف الدولية إلى اعتقاله واقتياده إلى النيابة العامة». لكن في المساء عرضت قناة التلفزيون الإخبارية «تي في إن 24» على الهواء مباشرة لقطات لزكاييف وهو يخرج من المحكمة حيث أدلى بتصريح باللغة الروسية أشاد فيه ببولندا «البلد الذي يحترم القيم الديمقراطية». واستنادا إلى التلفزيون فإن المحكمة أخذت في الاعتبار تمتع زكاييف بوضع اللاجئ السياسي في بريطانيا. وبصفتها عضوا في الإنتربول كان على بولندا اعتقال زكاييف بموجب مذكرة اعتقال دولية صادرة عن موسكو قبل اتخاذ قرار بشأن طلب تسليم هذا الزعيم الانفصالي إلى روسيا. وقد وجدت وارسو نفسها بذلك في وضع حرج بين روسيا وبريطانيا. وقال مارك منكيتشاك، مسؤول الشؤون الروسية في مركز الدراسات الشرقية، وهو مركز أبحاث بولندي، إن وارسو «تواجه مأزقا خطيرا بين واجباتها حيال الإنتربول من جهة، ووضع لم تستطع فيه روسيا تقديم أدلة مقنعة على وجود نشاط إرهابي لزكاييف من جهة أخرى». وأكد أيضا أن وارسو تتعرض إلى «ضغوط من لندن» التي منحت أحمد زكاييف وضع اللاجئ السياسي.

والقرار النهائي يعود إلى الحكومة البولندية ممثلة في وزيرها للعدل. وقد لمح رئيس الوزراء البولندي، دونالد تاسك، إلى أن موسكو لن تحصل على استجابة لطلبها. وقال في بروكسل الخميس الماضي: «لا يستطيع الجانب الروسي بأي حال من الأحوال الاعتماد على قرارات بولندية تلبي له مطالبه». ورد عليه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، قسطنطين كوساتشيف، يوم الجمعة قائلا: «لدى بولندا كل المبررات اللازمة لتسليم زكاييف إلى روسيا» كما نقلت عنه وكالة «ريا نوفوستي». وقال ممثل الكرملين للقوقاز الشمالي، الكسندر خلوبونين، إن «زكاييف مدان في عدة أعمال إرهابية، وهو لا يخفي تزعمه عصابات المتمردين في القوقاز الشمالي». من جانبه قال ايفار اموندسن، مدير منظمة «ششنيا بيس فوروم»، ومقرها لندن، إن «السلطات الروسية تسعى إلى نسف سلطة المؤتمر الشيشاني الدولي بالضغط على السلطات البولندية لمنع حضور أحمد زكاييف المشروع». واعتبر المحلل الروسي الكسندر كونوفالوف والبولندي مارك منكيتشاك، أن العلاقات بين البلدين لن تتأثر برفض تسليم الزعيم الانفصالي الشيشاني. وقال كونوفالوف، رئيس معهد التحليلات الاستراتيجية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «بولندا وروسيا سبق أن واجهتا خلافات أكثر خطورة، وزكاييف ليس شخصية يمكن بسببها تعريض العلاقات البولندية الروسية للخطر». واعتبر منكيتشاك أن «الحكومة الشيشانية في المنفى لا تمثل خطرا كبيرا على روسيا الاتحادية»، وأن الأهم بالنسبة إلى موسكو «لفت الانتباه إلى موقفها المبدئي المتعلق بسلامة وحدة أراضيها ومكافحة الإرهاب». وفي حديث نشرته صحيفة «رجيتشبوسبوليتا» البولندية اليمينية، أول من أمس، ذكر أحمد زكاييف أنه موجود منذ شهر في وارسو دون أن يتعرض لأي مضايقة. وقال كونوفالوف معلقا: «إذا كان زكاييف توجه إلى بولندا في زيارة خاصة لكان يمكن الادعاء بأننا لم نلاحظ وجوده». ولخص منكيتشاك الوضع قائلا، إن «روسيا ترى أن تنظيم هذا المؤتمر يضر بمصالحها، وهذا ما جعلها تثير قضية زكاييف من خلال دفع بولندا إلى اتخاذ موقف». وقد بدأ المؤتمر الشيشاني أعماله مساء الخميس الماضي في بولتوسك بضاحية وارسو، على أن يستمر أول من أمس أيضا. وزكاييف من بين نحو 300 مدعو إلى هذا المؤتمر. وكان زكاييف المتحدث باسم الرئيس الشيشاني الانفصالي، أصلان مسخدوف، الذي قتل في عام 2005.