زيارة البابا إلى بريطانيا: صلوات في هايد بارك تقابلها مظاهرة

التقى رئيس الحكومة ونائبه.. وعبر عن «ألمه» إزاء التعديات الجنسية على الأطفال

TT

طغى على اليوم ما قبل الأخير لزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى بريطانيا صلوات مسائية في حضور حشد ضخم في هايد بارك وأيضا أول مظاهرة لخليط متنوع يندد بفاتيكان «رجعي» وفضائح التعديات الجنسية على أطفال.

ولم يغير الحبر الأعظم برنامجه على الرغم من توقيف 6 أشخاص أول من أمس «للاشتباه في قيامهم بالتحريض والإعداد لأعمال إرهابية». وحتى يوم أمس تم الإبقاء على الأشخاص الـ6 قيد التوقيف فيما تواصلت عمليات الدهم والتفتيش في أماكن مختلفة من لندن. ولم يعثر على أي مواد خطرة ورفضت الشرطة توضيح طبيعة التهديد.

وقال المتحدث باسم الفاتيكان الذي يرافق بنديكتوس السادس عشر إن البابا «هادئ وسعيد برحلته»، مضيفا أنه «لا أحد شعر بأنه مهدد». وقال الأب فديريكو لومباردي «إن البابا ومعاونيه غير قلقين على أمنه. لدينا ثقة تامة في قوات الشرطة المحلية». وأكد «لم نعط مطلقا أي أهمية كبيرة لهذه التوقيفات».

وفي الصباح المخصص للقاءات سياسية عقد البابا أمس اجتماعا قصيرا جدا نحو الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وبعد ذلك، استقبله نائب رئيس الوزراء نيك كليغ ثم زعيم المعارضة العمالية هاريت هرمان. وترأس البابا بعد ذلك قداسا في كاتدرائية وستمنستر الكاثوليكية بوسط لندن، وهي الكنيسة الرئيسية لـ10% من البريطانيين الكاثوليكيين، وكان بين الحضور في الكاتدرائية المكتظة رئيس الوزراء السابق توني بلير الذي اعتنق الكاثوليكية. وفي الخارج تجمع آلاف الشبان المتحمسين في الباحة. وأعلن البابا أثناء عظته في كاتدرائية وستمنستر: «من جديد، أفكر في الألم الكبير الذي سببته التعديات على الأطفال، وخصوصا داخل الكنيسة وبواسطة مسؤولين فيها». ومنذ اليوم الأول لزيارته، الخميس، أقر البابا بنديكتوس السادس عشر بأن «سلطة الكنيسة (البابا والأساقفة) لم تكن متيقظة بما يكفي» في إدارة هذه القضايا. وأضاف أن الكنيسة «لم تكن سريعة وحازمة بما يكفي لاتخاذ الإجراءات الضرورية».

وقد أدى نشر تقرير في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، يكشف مئات الانتهاكات المتعلقة بتعديات جنسية على أطفال ارتكبها كهنة في آيرلندا وقامت الهرمية الكنسية بتغطيتها، إلى أخطر أزمة تواجهها الكنيسة في السنوات الأخيرة. وتكشفت أيضا فضائح مماثلة في ألمانيا وبلجيكا خصوصا. وأفيد مسبقا بأن البابا يعتزم خلال زيارته إلى لندن لقاء نحو 10 من الضحايا البريطانيين وعلى الأرجح في مقر السفارة البابوية أو مقر الأسقفية. وبعد ظهر أمس، توجه البابا إلى مأوى للمسنين، قبل أن يتوجه نهاره بصلوات مسائية في هايد بارك (وسط لندن) حيث انتظره 80 ألف شخص تقريبا. وتكلف حضور الحدث 6 يوروات كـ«مساهمة مالية» قررتها الكنيسة الكاثوليكية المحلية في مسعى لتهدئة الانتقادات حول تكلفة الزيارة المقدرة بأكثر من 25 مليون يورو. وتوقع المنظمون مسبقا حيزا واسعا من الشعارات أثناء مظاهرة دعا إليها تحالف يضم خليطا متنوعا يعبر عن الانتقادات الكثيرة التي أثارتها الزيارة البابوية، من الدفاع عن حقوق مثليي الجنس وترسيم النساء في السلك الكهنوتي والعلمانية وغيرها.

وقال بيتر تاتشيل أحد منظمي المسيرة التي انطلقت من هايد بارك باتجاه داونينغ ستريت حيث مكاتب ومقر إقامة رئيس الوزراء، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «إن هدفنا مزدوج: أولا القول للبابا إننا لا نقبل رفضه لحقوق النساء، وحق مثليي الجنس بالمساواة واستخدام الواقي». وأضاف هذا الناشط المدافع عن حقوق الإنسان: «نريد أيضا أن تقول الحكومة بكل وضوح للبابا إن الشعب البريطاني لا يشاطره آراءه الراديكالية جدا».

ومن المقرر أن يتوجه البابا البالغ من العمر 83 عاما اليوم الأحد إلى برمنغهام بوسط إنجلترا لإحياء قداس في الهواء الطلق مخصص لتطويب الكاردينال جون هنري نيومن الإنجليكاني الذي اعتنق الكاثوليكية في القرن التاسع عشر.