عباس سيلتقي نتنياهو وسط ضغوط لمنع انهيار المباحثات

رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤكد أنه ماض في الاستيطان.. وليبرمان يدعو إلى مبادلة السكان بدلا من الأرض

TT

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أسبوع واحد من موعد انتهاء فترة تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، أن أي تغيير لم يطرأ على موقف إسرائيل من مسألة تجميد البناء في المستوطنات، في إشارة إلى استئناف إسرائيل للبناء الاستيطاني، لكن على نطاق أضيق، كما أشار نتنياهو نفسه إلى ذلك في وقت سابق.

وقال نتنياهو خلال جلسة وزراء الليكود أمس، إنه لا يستطيع الخوض في تفاصيل المباحثات التي أجراها في شرم الشيخ والقدس الأسبوع الماضي، مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ووزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون «بسبب حساسية هذه المباحثات». لكنه اكتفى بالقول إنه ما زال يصر بشدة على ضمان احتياجات إسرائيل الأمنية أولا «كيلا يتكرر إطلاق الصواريخ على مواطنينا، مثلما حدث بعد خروجنا من لبنان وقطاع غزة».

وتعني تصريحات نتنياهو حول الاستيطان أن مباحثات السلام التي بدأت هذا الشهر قد تنهار، وفق ما أعلنه الفلسطينيون الذين أكدوا أن أي استئناف للاستيطان بعد يوم 26 من الشهر الحالي، وهو موعد انتهاء فترة 10 أشهر من التجميد، يعني نسفا لمباحثات السلام.

وقالت حركة فتح أمس إن إسرائيل أمام خيارين: «إما البقاء كدولة احتلال استيطاني توسعي عنصري، وتستمر في حالة مواجهة مع الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال والشعوب العربية والإسلامية وباقي أطراف المجتمع الدولي، وإما دولة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة فلسطين المستقلة وجيرانها العرب، بسلام قائم على أساس القانون الدولي وحق الشعب الفلسطيني في التحرر وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية».

وتحاول الولايات المتحدة إيجاد حل وسط قبل نهاية موعد تجميد البناء الاستيطاني، واقترحت مع مصر تجميدا لأربعة أشهر إضافية، تسوي خلالها مسألة الحدود، التي ستضع حلا تلقائيا لمشكلة الاستيطان، بحيث تواصل إسرائيل البناء في المستوطنات التي ستكون ضمن حدودها، وتتوقف في المستوطنات التي ستكون ضمن حدود الدولة الفلسطينية.

وفي حين وافق الفلسطينيون على هذا الاقتراح، رفضته إسرائيل، وأوضح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل لا يمكنها مواصلة تجميد الاستيطان في الضفة. وقال ليبرمان لنظيره البريطاني، وليام هيغ، في مكالمة هاتفية أجراها معه: «إن الفلسطينيين أضاعوا تسعة أشهر تم خلالها تجميد البناء في المستوطنات، والآن جاءوا إلى المفاوضات لمجرد إجبارهم على القيام بهذه الخطوة». وأضاف: «إسرائيل قامت بما يكفي من بوادر حسن نية، والآن أصبحت الكرة في الملعب الفلسطيني».

وشن ليبرمان أمس هجوما جديدا على الفلسطينيين، وقال: «إن المبدأ الذي يجب أن تتمسك به إسرائيل أثناء المفاوضات مع الفلسطينيين هو استبدال المناطق والسكان بدلا من مبدأ مقايضة الأرض بالسلام». واعتبر ليبرمان أن «المعارضة الشديدة للجامعة العربية والسلطة الفلسطينية في الاعتراف بإسرائيل دولة الشعب اليهودي، تلزمنا بوضع قضية عرب إسرائيل (عرب الداخل) كإحدى القضايا المحورية في المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية».

وتابع: «لقد تهربنا من هذه المسألة حتى اليوم، ولا يمكن الاستمرار في التهرب». ومضى ليبرمان يقول: «بإمكان أي مواطن إسرائيلي شغل أي منصب، ويمكن لعرب إسرائيل أن يكونوا طيارين، وأن يشغلوا مناصب حتى في الموساد. لكن يجب على أولئك الذين يتعمدون مناهضة الصهيونية علنا، مثل النائبة حنين الزعبي، ورئيس الحركة الإسلامية، رائد صلاح، أن يدركوا بأنه لا يمكنهم أن يمسكوا العصا من المنتصف، يجب أن يكونوا مواطنين فلسطينيين، بإمكانهم التنافس على مقاعد في مجلس النواب لدى حماس في غزة أو لدى السلطة الفلسطينية».

وردت عضو الكنيست زعبي على ليبرمان، متهمة إياه بالعنصرية، وقالت إنه «يؤمن بالتمييز وبالتطهير العرقي، ويعمل على إضعاف الفلسطينيين الذين بقوا في وطنهم». وأضافت: «ما لم يفهمه بعد ليبرمان هو أن حقوقنا في وطننا ليست متعلقة بآراء ليبرمان أو حتى في تعريف دولة إسرائيل، وإنما تشتق من كوننا أصحاب وطن موجودين هنا، على الرغم من أنفه وأنف أمثاله، وكل حلّ عليه أن يعترف وأن ينطلق من ذلك، بما في ذلك ليبرمان نفسه».

وأكدت زعبي أن خطط ليبرمان لوضع شروط على المواطنة لن تنجح، «ليس من منطلق التمسك بالمواطنة الإسرائيلية، بل من منطلق التمسك بالوطن». وتابعت: «أما إذا أراد تقسيم الوطن من جديد، فليطرح تقسيم الأمم المتحدة، وعندها منطقة الجليل والمثلث ستكونان جزءا من الدولة الفلسطينية».

ويرفض الفلسطينيون فكرة الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، لأنهم يرون في ذلك مسا بالعرب في إسرائيل، وقطعا للطريق على المطالبة بعودة اللاجئين.

ومن المفترض أن كل هذه القضايا ستناقش بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتنياهو في لقائهما بنيويورك هذا الأسبوع، التي تشهد كذلك اجتماعا للجمعية العمومية سيحضره أغلب قادة العالم.

واجتمع رئيس طاقم المفاوضات، الفلسطيني صائب عريقات، بمستشار نتنياهو للشؤون السياسية، يتسحق مولخو، والمبعوث الأميركي جورج ميتشل، في الولايات المتحدة للإعداد للقاء المقبل المقرر عقده بين عباس ونتنياهو، قبل انتهاء سريان مفعول القرار بتجميد البناء في المستوطنات (في 26 من الشهر الحالي).

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلي إن الضغوط الأميركية والأوروبية، تكثفت على الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، للاستمرار بالمفاوضات المباشرة، مع اقتراب انتهاء تجميد البناء في المستوطنات بنهاية هذا الشهر.

ويطالب الأوروبيون والأميركيون إسرائيل بتجميد الاستيطان عدة شهور أخرى، ويطالبون الفلسطينيين باتخاذ خطوات نحو السلام.

وقالت «هآرتس» إن دول الاتحاد الأوروبي طلبت من إسرائيل تمديد قرار تجميد الاستيطان، حيث اتصلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مساء الجمعة الماضي، بنتنياهو، وطلبت منه تمديد قرار التجميد بضعة أشهر إضافية، «لأن ذلك سوف يسهم في دفع عملية السلام في المنطقة، ويسمح بالتوصل إلى اتفاق خلال عام».

وستشهد مدينة نيويورك عدة لقاءات لمنع انهيار المفاوضات التي لم يمض على انطلاقها شهر واحد، وسيعقد الرئيس الأميركي باراك أوباما لقاءات مع عباس ونتنياهو لحثهما على إبداء المرونة والمواصلة. كما سيلتقي الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس بعباس، إذ سيحاول بيريس إقناع عباس بعدم نسف المفاوضات المباشرة فور انتهاء سريان مفعول قرار تجميد البناء الاستيطاني.