الجيش الموريتاني يستهدف رتلا لسيارات «القاعدة» وينفي قصف أهداف مدنية

المسلحون يخطفون طبيبا من مالي لعلاج جرحاهم

TT

استأنف الجيش الموريتاني، أمس، غاراته الجوية ضد مواقع لتنظيم القاعدة في شمال مالي، ونفى قصفه أهدافا مدنية، فيما ذكرت مصادر قبلية في المنطقة أن المسلحين اختطفوا طبيبا ماليا ربما لعلاج جرحاهم الذين أصيبوا في المعارك الأخيرة.

وقال مصدر عسكري موريتاني أمس إن الجيش الموريتاني يقصف «في هذه الأثناء» مواقع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في شمال مالي. ووضع المصدر الذي نقلت تصريحاته وكالة الصحافة الفرنسية العملية الحالية «في إطار مكافحة هذه العصابات الإرهابية التي تعيث فسادا في منطقة الساحل والصحراء وتهدد الأمن والاستقرار على طول الحدود الموريتانية»، وفق المصدر نفسه. وأكد هذا المسؤول العسكري «أنها متابعة منطقية للتدخل الذي بدأته (مؤخرا) قواتنا المسلحة بعدما رصدت عصابة إرهابيين في رتل من الآليات المسلحة التي كانت تنتقل إلى حدودنا مع جمهورية مالي الشقيقة بهدف مهاجمة أحد مواقعنا». وفي وقت لاحق، نفى الجيش الموريتاني قصف أهداف مدنية في إحدى غاراته أمس، وذلك ردا على إفادات شهود عيان قالوا إن امرأتين من مالي قتلتا وأصيب 4 رجال بجروح خطرة.

وقال مسؤول كبير في الجيش الموريتاني «إن أهدافنا هي الإرهابيون المسلحون» الذين «يسيئون إلى أمن وطننا ومن غير الوارد أن نكون استهدفنا مدنيين». وأضاف «إذا كان هناك من جهة تستفيد من هذا النوع من المزاعم، فإنها بالتأكيد دعاية الإرهابيين». وفي نواكشوط، أكد مسؤول عسكري موريتاني في وقت سابق أن هذه الغارة «سمحت بتدمير 3 آليات تنقل إرهابيين من أصل 7 آليات مستهدفة (كانت ضمن) رتل». وأضاف أن «امرأة زوجة إرهابي» قتلت بيد الجيش الموريتاني أثناء هذه العملية.

في غضون ذلك، ذكرت مصادر قبلية في شمال مالي أن «القاعدة» اختطفت أمس طبيبا ماليا قرب المنطقة التي دارت فيها المعارك، ولم يستبعد المصدر أن تكون دوافع اختطاف الطبيب هي انتدابه لعلاج جرحى التنظيم جراء الجروح التي أصيبوا بها أثناء المواجهات الدائرة بينهم مع الجيش الموريتاني يومي الجمعة والسبت الماضيين.

وأكدت الحكومة الموريتانية أن بدء قواتها لهذه العملية في مالي المجاورة «إجراء استباقي لإحباط النوايا الإجرامية» لعناصر «القاعدة» في المغرب الإسلامي، من دون الإشارة إلى أي رابط مع عملية خطف 5 فرنسيين وأفريقيين اثنين الخميس، تم اقتيادهم إلى شمال مالي. ونفت باريس مشاركتها في هذه المعارك التي قالت إنها لا علاقة لها بعملية خطف الرهائن التي جرت الخميس الماضي واستهدفت موظفين في المجموعة الفرنسية «أريفا» في موقع لاستخراج اليورانيوم في أرليت بالنيجر.

وعنونت صحيفة «نواكشوط إنفو» الخاصة أمس بـ«موريتانيا في حرب على (القاعدة) في بلاد المغرب الإسلامي في مالي». ووقعت معارك دامية يومي الجمعة والسبت الماضيين بين الجيش الموريتاني ووحدات من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في تومبوكتو (900 كلم شمال شرقي باماكو)، وقتل فيها 6 جنود موريتانيين على الأقل وجرح 8، كما سقط 12 قتيلا وعدد غير محدد من الجرحى في صفوف «القاعدة»، بحسب حصيلة رسمية موريتانية. إلا أن مصدرا جزائريا في المنطقة أكد أن الجيش الموريتاني خسر «على الأقل 15» من جنوده.

وأكدت وزارة الدفاع الموريتانية أن «قواتنا المسلحة» رصدت منذ أيام مجموعة مسلحة «تتنقل على شكل رتل مسلح محمول، في اتجاه حدود بلادنا مع جمهورية مالي الشقيقة، بغية مهاجمة إحدى قواعدنا العسكرية في المنطقة»، مضيفة أن وحدة من الجيش الموريتاني هاجمت هذا الرتل بعد ظهر الجمعة. وأكد مصدر عسكري موريتاني رفيع المستوى «مصادرة ترسانة أسلحة حربية كبيرة» خلال الهجوم الأول. إلا أن مصادر إقليمية متطابقة تؤكد أن الجيش الموريتاني عانى «تبدلا كبيرا في اتجاه» المعركة، ولا يزال «بلا معلومات عن عدد من عناصره».

وبحسب هذه المصادر الإقليمية، فإن يحيى أبو حمام، المسؤول العسكري في مجموعة عبد الحميد أبو زيد، تولى قيادة عمليات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مواجهة القوات الموريتانية. ويرجح أن يكون عبد الحميد أبو زيد هو الذي قاد المجموعة التي قتلت في مايو (أيار) 2009 في شمال مالي الرهينة البريطاني إدوين داير والتي قتلت أيضا أو تركت الرهينة الفرنسي ميشال جرمانو يموت في يوليو (تموز) 2010. وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية لوك شاتيل أمس إن فرنسا «لن تألو جهدا في سبيل إيجاد رهائنها» الذين تعرضوا للخطف الخميس في النيجر، ردا على سؤال حول إمكان شن باريس «عملية عسكرية» لمحاولة الإفراج عن الرهائن.

ويعد الهجوم الموريتاني الحالي الثاني من نوعه خلال شهرين. ففي 22 يوليو الماضي، شاركت فرنسا في عملية مشتركة مع موريتانيا ضد موقع للمتطرفين المسلحين في صحراء شمال مالي قتل فيه 7 عناصر من «القاعدة».

وبحسب باريس، فإن ذلك الهجوم هدف إلى تحرير ميشال جرمانو (78 عاما) الذي كان خطف قبل أشهر في شمال النيجر. غير أن «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي أعلنت في 25 يوليو أنها قتلت الرهينة انتقاما لمقتل عناصرها في الهجوم.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية هذه المرة أن «لا قوات فرنسية على الأرض» في مالي، غير أن مراقبين أشاروا إلى أن فرنسا دعمت الجيش الموريتاني في عمليته الأخيرة في مالي بوسائل متعددة.

وأمس، تفاقم الجدل بين نيامي وباريس بشأن أمن موظفي مجموعة «أريفا» في موقع أرليت. وأكدت متحدثة باسم المجموعة أن العناصر الـ150 المكلفين بحماية موظفي «أريفا» كانوا غير مسلحين. وهذا الأمر ناتج، بحسب «أريفا»، من اتفاق مع الدولة النيجرية، التي تنشر في أرليت 350 عسكريا ودركيا مسلحا.