وثيقة عسكرية: جنود أميركيون متهمون بقتل أفغان للتسلية

هجوم مميت وغير مبرر على مدنيين.. واتهامات بتقطيع أوصال الجثث وتصويرها فوتوغرافيا

TT

دبر الجنود الأميركيون خطة بسيطة وهمجية، متمثلة في استهداف وقتل أحد المدنيين الأفغان، والإفلات من العقاب.

وذكرت وثائق الاتهام بالجيش أن أعضاء مارقين من إحدى الفصائل بالفرقة الثانية مشاة اقترحوا هذه الفكرة على مدار أسابيع. وبعد ذلك، وفي أحد أيام الشتاء الماضي، اقترب منهم رجل أفغاني منفرد في قرية لا محمد كالاي. وقام «فريق القتل» بتنشيط الخطة.

واصطنع أحد الجنود حيلة تشير إلى أنهم يتعرضون للهجوم، حيث قذف قنبلة يدوية مجزأة على الأرض. وبعد ذلك فتح الجنود النار.

ووفقا لوثائق الاتهام، كان هذا الهجوم المميت وغير المبرر في الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) بداية موجة من إطلاق النار استمرت أشهر على المدنيين الأفغان قادت إلى أسوأ اتهام يواجهه الجنود الأميركيون منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2001. وواجه أعضاء الفصيلة تهمة تقطيع أوصال الجثث وتصويرها فوتوغرافيا، فضلا عن جمع جمجمة وعظام بشرية.

وأثار التحقيق اللاحق اتهامات بشأن ما إذا كان الجيش تجاهل التحذيرات بأن الجنود الخارجين عن السيطرة يرتكبون أعمالا وحشية. وقال والد أحد الجنود إنه حاول مرارا وتكرارا تحذير الجيش بعدما تحدث إليه نجله بشأن عملية القتل الأولى.

وأعقب ذلك عمليتان قتل أخرى. وتدعي وثائق عسكرية أن خمسة أعضاء من الوحدة شنوا ثلاث عمليات قتل في مقاطعة قندهار ما بين يناير ومايو (أيار). واتهم سبعة جنود آخرون بجرائم متعلقة بالقضية، بما في ذلك تعاطي الحشيش، ومحاولات لإعاقة التحقيق وهجوم انتقامي ضد الجندي الذي دق ناقوس الخطر وأثار القضية.

ولم يكشف مسؤولون بالجيش عن الدوافع وراء عمليات القتل والسلوك المروع. ولم يفسروا السبب وراء استمرار هذه الهجمات من دون تحقيق. وامتنعوا عن التعليق على القضية وراء التهم المثارة، متعللين في ذلك بالتحقيق الدائر.

بيد أن استعراض وثائق المحكمة العسكرية ومقابلات أجريت مع أفراد مطلعين على التحقيق تشير إلى أنه جرى ارتكاب عمليات القتل في المقام الأول بغرض التسلية على أيدي جنود كانوا يتعاطون الحشيش والكحوليات.

وينكر الجنود المتهمون ارتكاب أي أعمال منافية، وذلك من خلال المحامين وأسرهم. بيد أن القضية تتسم بالفعل بدورة من الاتهامات والاتهامات المضادة بين المتهمين، حيث إنهم يسعون إلى توجيه اللوم إلى بعضهم، وذلك وفقا لما ورد في الوثائق والمقابلات.

وأدرج الجيش جلسات الاستماع السابقة للمحاكمة في هذه القضية على الجدول الزمني في الخريف المقبل في قاعدة لويس ماكورد. ويقول مسؤولون بالجيش بصورة غير معلنة إنهم يشعرون بالقلق من أن جلسات الاستماع ستجذب الاهتمام للقضية، وستثير الصور وغيرها من الأدلة الغضب بين المدنيين الأفغان، الذين يعتبر دعمهم للحرب ضد طالبان بالغ الأهمية.

ووفقا للشهادات التي تم الإدلاء بها للمحققين، بدأ أعضاء الوحدة الحديث بشأن تشكيل «فريق القتل» في ديسمبر (كانون الأول)، بعد فترة قصيرة من وصول عضو جديد، السيرجانت كالفين غيبس (25 عاما).

وأسر غيبس، الذي وصفه بعض المتهمين بأنه زعيم العصابة، إلى زملائه الجدد بأنه كان من السهل عليه الإفلات من العقاب عندما كان يخدم في العراق عام 2004، وفقا للشهادات. وكانت هذه هي مدة الخدمة الثانية له في أفغانستان، حيث إنه خدم في البلاد من يناير عام 2004 حتى مايو عام 2007.

وظهرت الفرصة الأولى في 15 يناير في حي مايواند بمقاطعة قندهار. كان أعضاء الفصيلة الثالثة يوفرون الأمن لاجتماع بين ضباط بالجيش وقادة العشائر في قرية لا محمد كالاي.

ووفقا لوثائق الاتهام، بدأ أفغاني يدعى غول مودين السير تجاه الجنود. وفي الوقت الذي اقترب منهم، قام العريف جيرمي مورلوك (22 عاما) من ولاية ألاسكا، بقذف القنبلة اليدوية على الأرض، حسبما تظهر السجلات، للإيهام بأن الجنود يتعرضون للهجوم.

وشاهد الجندي أندرو هولمس القنبلة اليدوية وأطلق النار من سلاحه على مودين، حسبما ذكرت وثائق الاتهام. وانفجرت القنبلة، مما دفع الجنود الآخرين إلى فتح النار على الأفغاني، مما أفضى إلى مصرعه.

وفي شهادات أمام المحققين، قدم الجنود المعنيون تفاصيل متضاربة. وفي إحدى الشهادات، قال مورلوك إن غيبس أعطاه القنبلة وأن آخرين كانوا أيضا على علم بهذه الخدعة مسبقا. بيد أن هولمس والمحامي الخاص به قالا إنه كان في منطقة مظلمة ولم يفتح النار إلا عندما أمره مورلوك بالقيام بذلك.

وقال دانيال كونواي، محامي الدفاع المدني للجندي هولمس: «لقد جرى استغلاله عن غير قصد كغطاء للقصة. لقد كان في المكان الخاطئ وفي التوقيت الخاطئ».

واتهم كل من مورلوك وهولمس وغيبس بالقتل في حادث إطلاق النار. ولم يرد أي من محامي مورلوك وغيبس على الاتصالات الهاتفية للتعليق.

وفي 14 فبراير (شباط)، دخل كريستوفر وينفيلد، الجندي السابق بقوات المارينز، على الصفحة الخاصة به على موقع «فيس بوك» للحديث مع نجله آدم. وذكر آدم أنه كان على خلاف مع غيبس، قائد المجموعة التي يتبعها. كما كتب ملاحظة غامضة تقول إن بعض الأفراد يفلتون من العقاب في جرائم القتل.

وعندما ضغط عليه والده للتفسير، أجاب آدم: «ألم تفهم ما قلته لك؟!»، وأشار بعد ذلك إلى قتل مدني أفغاني في الشهر السابق، وأضاف أن أعضاء الفصيلة الآخرين هددوه لأنه لم يوافق على فعلتهم. وقال إنهم كانوا يتباهون بكيفية العثور على ضحية أخرى.

وقال الوالد لنجله إنه سيتصل بالجيش للتدخل والتحقيق في الأمر. وكان ذلك يوم الأحد، يوم العطلة الأسبوعية، لكنه لم ينتظر. واتصل بالخط الساخن للمفتش العام بالجيش وترك رسالة بريد صوتي. واتصل بمكتب السيناتور بيل نيلسون وترك رسالة أخرى. واتصل بأحد الجنود في قاعدة لويس ماكورد، الذي أخبره بالاتصال بقسم التحقيقات الجنائية بالجيش، وترك رسالة ثالثة هناك.

وفي النهاية، قال إنه اتصل بمركز قيادة قاعدة فورت لويس وتحدث لمدة 12 دقيقة إلى أحد الجنود في الخدمة. وقال إن الجندي اتفق على أن الأمر يبدو وكأن آدم في خطر محتمل، لكن ليس أمام الجيش الكثير ليفعله ما لم يكن على استعداد لإبلاغ الأمر إلى رؤسائه في أفغانستان.

وقال كريستوفر وينفيلد إنه لم يذكر اسم الجندي الذي تحدث إليه. وتؤكد سجلات الفواتير التي يحتفظ بها أنه اتصل بمسؤولين في الجيش، كما أنه يحتفظ بنسخ من أحاديثه على موقع «فيس بوك» مع نجله. وقال إنه أخبر الجندي بتحذير نجله من أن مزيدا من عمليات القتل في الطريق.

* شاركت الباحثة جولي تيت من واشنطن في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»