مخاوف التزوير تلقي بظلالها على الفرز الأولي للأصوات في أفغانستان

الناتو: أعمال العنف كانت عديدة لكن حصيلتها أقل دموية > العثور على جثث ثلاثة مسؤولين بلجنة الانتخابات

TT

قام مسؤولون عن الانتخابات الأفغانية أمس بفرز الأصوات عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت أول من أمس في البلاد، ولكن فحص شكاوى التزوير وانتظار النتائج من أبعد المناطق سيؤجلان ظهور حتى النتائج الأولية لأسابيع. وأبلغت اللجنة المستقلة للانتخابات «رويترز» صباح أمس (التالي للانتخابات)، التي وصفها مسؤولون أفغان بأنها كانت ناجحة رغم ضعف في الإقبال وهجمات وتزوير واسع النطاق، أن بعض المناطق بدأت في إرسال صناديق الاقتراع إلى كابل بعد فحصها. وتراقب واشنطن الانتخابات عن كثب قبل المراجعة المزمعة لاستراتيجية الحرب التي سيجريها الرئيس الأميركي باراك أوباما في ديسمبر (كانون الأول) والتي من المرجح أن تدرس وتيرة وحجم القوات الأميركية التي سيجري سحبها بعد تسعة أعوام من الحرب.

وأي أخطاء تشوب الانتخابات سيكون لها أثرها على أوباما عندما تواجه إدارته انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) وسط تراجع التأييد الشعبي للحرب وزيادة أعمال العنف إلى أسوأ مستوياتها منذ الإطاحة بحركة طالبان من السلطة في عام 2001.

ويقل عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم بنحو مليون عن عدد المشاركين في الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي، وقتل 14 شخصا في هجمات، ووردت تقارير من أنحاء متفرقة من البلاد عن تكرار للاقتراع أكثر من مرة للشخص الواحد وملء صناديق اقتراع ببطاقات وشراء أصوات وغيرها من أشكال التزوير من مختلف أنحاء البلاد.

وتعني تلك التحديات أن يتوخى المراقبون الحذر عند تقييم الانتخابات، وهو اختبار مهم لمصداقية الحكومة عقب انتخابات الرئاسة التي شابها تزوير على نطاق واسع. وقالت السفارة الأميركية في كابل في بيان عقب انتهاء عملية الاقتراع: «لن تتضح نتائج وسلامة الانتخابات على الفور»، وأضافت أنها ستدعم المسؤولين عن الانتخابات الذين يقومون على تجميع النتائج والتعامل مع شكاوى التزوير. وأوردت «المؤسسة الأفغانية للانتخابات الحرة والنزيهة» حدوث مخالفات واسعة، تراوحت بين تدمير مراكز اقتراع وملء صناديق اقتراع ببطاقات وأخطاء في مواعيد فتح وإغلاق أبواب مراكز الاقتراع وتدخل من مرشحين. وفي بيان على موقعها على الإنترنت طالبت اللجنة المستقلة للانتخابات: «بضمان نزاهة بقية العملية الانتخابية». ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتحلي بالصبر فيما تكمل السلطات العملية الانتخابية، التي حذرت هيئة مراقبة الانتخابات الأفغانية من أن نتائجها ستكون محل نزاع. ولن تعرف لأسابيع أسماء الفائزين من بين 2500 مرشح لشغل 249 مقعدا في مجلس النواب. وليس من المتوقع أن تعلن النتائج الأولية قبل الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) على أقرب تقدير، ولن تتضح النتائج النهائية قبل 30 أكتوبر. وقال مسؤول من اللجنة المستقلة للانتخابات طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث لوسائل الإعلام: «ثمة أسباب عديدة لأن تستغرق كل هذه الأعمال فترة طويلة. أحد هذه الأسباب نقل صناديق الاقتراع من المناطق النائية إلى كابل وإدراج النتائج على قاعدة البيانات. وتابع «ثم نمنح وقتا للجنة الشكاوى الانتخابية لتسجيل شكاوى الناس والتحقق منها».

وهذه هي ثاني انتخابات برلمانية تجري في البلاد منذ إطاحة قوات أفغانية تدعمها الولايات المتحدة بحركة طالبان من السلطة عام 2001. إلى ذلك قال رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات في أفغانستان، فضل أحمد مناوي، أمس، إنه جرى العثور على جثث ثلاثة من مسؤولي اللجنة اختطفوا أثناء عملية الاقتراع في الانتخابات البرلمانية أمس. وأضاف مناوي أنه جرى العثور على الجثث أمس في إقليم بلخ. وقال مسؤولون أمنيون إن حركة طالبان توعدت بعرقلة الانتخابات وشنت أكثر من 300 هجوم أمس. وأعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات أمس أيضا عن مقتل 14 شخصا على الأقل. وأعلن رئيس اللجنة الانتخابية فاضل أحمد منوي أن أكثر من 1.3 مليون أفغاني صوتوا، أي 40% من الناخبين، بحسب التقديرات الأولية. وعلى سبيل المقارنة فإن الانتخابات الرئاسية التي جرت في 20 أغسطس (آب) 2009 وشابتها عمليات تزوير كثيفة لصالح الرئيس حميد كرزاي، سجلت نسبة مشاركة تراوحت بين 30 و33%.

ويتوقع إعلان النتائج النهائية في 31 أكتوبر المقبل. ومساء أول من أمس تحدث رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، ستيفان دو ميستورا، عن «حصيلة ملتبسة» للانتخابات وقال إن الأمن لم يكن «جيدا». من جهتها، هنأت واشنطن أفغانستان بتنظيمها انتخابات «في ظروف بالغة الصعوبة». وأكدت قيادة الحلف الأطلسي أن أعمال العنف أثناء عملية الاقتراع كانت عديدة لكن حصيلتها أقل دموية مما كانت عليه أثناء الانتخابات الرئاسية في 2009.

وقد شهدت الانتخابات أول من أمس 485 حادثا، مقابل 479 في انتخابات 2009.

وقتل 22 شخصا أول من أمس، هم سبعة مدنيين وأحد عشر شرطيا وجنديا أفغانيا وأربعة من جنود القوات الدولية بحسب أرقام الحلف الأطلسي. كما أصيب أكثر من 60 أفغانيا و36 جنديا من القوات الدولية بجروح. وأثناء الانتخابات الرئاسية في 2009 قتل 57 شخصا بين مدنيين وعناصر شرطة وجنود أفغان، بحسب تقرير للأمم المتحدة صدر في أكتوبر 2009. وكان رئيس اللجنة الانتخابية ووزير الدفاع أعلنا مساء أول من أمس سقوط 15 قتيلا (11 مدنيا، 3 شرطيين وجندي أفغاني) في أعمال العنف وخصوصا إثر إطلاق قذائف استهدفت مراكز تصويت. إلى ذلك أعلنت لجنة الشكاوى الانتخابية أنها تلقت «شكاوى بعد اتهامات بتأخير فتح مراكز تصويت وحالات تهديد وتخويف وحالات أشخاص لم يسمح لهم بالتصويت، وكذلك حالات استخدام غير مشروع لبطاقات انتخابية ورداءة نوعية الحبر المتعذر محوه ونقص في بطاقات التصويت». وقالت «المؤسسة الأفغانية للانتخابات الحرة والنزيهة» وهي منظمة غير حكومية، أنه تم تسجيل «مخالفات عديدة» أثناء عملية الاقتراع مما يؤدي إلى «شكوك جدية في صحة الاقتراع». وأشارت إلى حوادث مختلفة وأعمال عنف وحشو صناديق. وهذه الانتخابات التشريعية هي الثانية منذ سقوط نظام طالبان أواخر 2001 ولا تشكل رهانا كبيرا، إذ إن السلطة الفعلية تتركز بين يدي الرئيس حميد كرزاي. لكن الرهان يبدو أكبر بالنسبة إلى القوى الغربية، في الوقت الذي تواجه فيه رأيا عاما متحفظا بشأن إرسال جنود إلى هذا البلد، علما بأن الولايات المتحدة تنوي البدء بسحب جنودها المقدر عددهم بنحو 150 ألفا اعتبارا من يوليو (تموز) 2011.