البابا ينهي زيارته إلى بريطانيا.. وإطلاق 6 عرب أوقفوا بشبهة مهاجمته

طوب إنغليكانيا تحول للكاثوليكية.. وعبر عن «فزعه» إزاء الدمار الذي خلفته النازية

TT

أنهى بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، أمس زيارته إلى بريطانيا، في حين أطلقت السلطات سراح ستة عرب كانت أوقفتهم بشبهة الإعداد لشن هجوم خلال زيارته للندن. وكان الرجال الستة، ومعظمهم من شمال أفريقيا، قد اعتقلوا يوم الجمعة الماضي في لندن، لكن الشرطة لم تعثر على أي أسلحة أو متفجرات خلال تفتيشها لثمانية منازل في شمال وشرق لندن، ومحلين تجاريين في وسط العاصمة البريطانية. وقد اطلق سراحهم دون توجيه اتهامات لهم.

ومن جانبها، أفادت صحيفة «صنداي ميرور» بأن القرار بالاعتقالات صدر في أعقاب الاستماع إلى محادثة بين عاملي تنظيف، قالا ممازحين إن الوسيلة الوحيدة لقتل البابا هو تفجير سيارته «بابا موبيلي» بهجوم صاروخي.

وفي اليوم الأخير من زيارته، قام البابا بتطويب الكاردينال الإنجليزي، جون هنري نيومان، الذي تحول إلى الكاثوليكية، في قداس أقيم في الهواء الطلق في برمنغهام (وسط)، حضره 55 ألف مؤمن، كما تحدث عن أهوال الحرب العالمية الثانية.

واحتشد الناس منذ ساعات الصباح الأولى في حديقة كروفتون الضخمة في ضواحي برمنغهام، محاولين الاحتماء من الأمطار التي حلت مكان الطقس المشمس الذي شهدته الأيام الثلاثة الأولى لزيارة البابا. وسافر معظم هؤلاء ليلا، بواسطة حافلات متوسطة الحجم، استأجرتها أبرشياتهم في سائر مناطق البلاد، للوصول في ساعات الفجر للمشاركة في القداس.

وعبر البابا في عظته عن إحساسه «بالخزي والفزع» لما سببه موطنه ألمانيا من معاناة إبان الحرب العالمية الثانية، وذكر معركة جوية مهمة أنقذت بريطانيا من الغزو. وجاء هذا في نفس اليوم الذي أحيت فيه بريطانيا الذكرى السبعين لمعركة بريطانيا الجوية التي دارت على مدار فصلي الربيع والخريف، وحالت دون الغزو الذي كان مقررا أن ينفذه هتلر ضد بريطانيا. وقال البابا أمس: «بوصفي أحد من عايشوا وعانوا من الأيام المظلمة للنظام النازي في ألمانيا، فإن وجودي هنا في هذه المناسبة أمر مؤثر، وكذلك تذكر كم من مواطنيكم ضحوا بأرواحهم ليقاوموا بشجاعة قوات تلك الآيديولوجية الشريرة». وتابع: «بعد سبعين عاما نتذكر بكل خزي وفزع عدد الضحايا المخيف والدمار الذي جلبته الحرب. ونجدد إصرارنا على العمل من أجل السلام والمصالحة، حين يلوح تهديد الصراع في الأفق».

يشار إلى أنه في أوائل الأربعينات من القرن الماضي انضم البابا الذي كان في السابق، يوزيف راتسينجر، لحركة شباب هتلر لفترة قصيرة، حين كانت العضوية إجبارية. وخلال الحرب كلف العمل في بطارية مضادة للطائرات في بافاريا ثم نقل إلى النمسا. وعقب عودته من النمسا فر من الخدمة، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية أسرته الولايات المتحدة. وقال البابا إن والديه كانا يرفضان الآيديولوجية النازية بوصفهما كاثوليكيين متدينين.

وخلال قداس برمنغهام، طوب البابا الكاردينال جون هنري نيومان، أشهر الإنغليكانيين الذين اعتنقوا الكاثوليكية، الذي أثار تحوله إلى الكاثوليكية فضيحة كبيرة في إنجلترا إبان حكم الملكة فيكتوريا، في القرن التاسع عشر. وتلا جاك سوليفان بنفسه الإنجيل خلال القداس، وهو الأميركي الذي نسبت الكنيسة شفاءه إلى أعجوبة قام بها نيومان. وشكل قداس التطويب هذا آخر الأحداث التي شهدتها أول زيارة دولة، قام بها رئيس الكنيسة الكاثوليكية، في تاريخ المملكة المتحدة.

وتميزت الزيارة التي بدأت الخميس بتصريحات عدة تناولت موضوع الاستغلال الجنسي للأطفال من جانب كهنة. وجدد البابا بنديكتوس السادس عشر، أول من أمس، التعبير عن «الخجل» بإزاء «الألم الكبير الذي سببته التعديات على الأطفال»، معربا عن «حزنه العميق حيال الضحايا الأبرياء لهذه الجرائم المشينة»، وذلك خلال لقاء في لندن مع ضحايا لأعمال تحرش جنسي ارتكبها بهم كهنة.

وقد أدى نشر تقرير في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، يكشف مئات الانتهاكات المتعلقة بتعديات جنسية على أطفال ارتكبها كهنة في أيرلندا وقامت الهرمية الكنسية بتغطيتها، إلى أخطر أزمة تواجهها الكنيسة في السنوات الأخيرة. وتكشفت أيضا فضائح مماثلة في ألمانيا وبلجيكا خصوصا. وترافق هذا اللقاء مع تظاهرة قام بها آلاف الأشخاص احتجاجا على المواقف «المتخلفة» للفاتيكان في موضوع المثلية الجنسية، وموقع المرأة ووسائل منع الحمل.

ووصف المتحدث باسم الفاتيكان، فيديريكو لومباردي، أمس، زيارة البابا إلى بريطانيا بأنها «نجاح روحي»، مشيرا إلى أن البابا «سعيد» بأن رسالته لاقت آذانا مصغية. وقال لومباردي في تصريح للصحافيين لتقييم نتائج الزيارة إن «البابا ليس سعيدا بسبب الحشود الكبيرة، بل لأننا حصلنا على الدليل الواضح أن الناس مهتمون بما لديه ليقوله»، مضيفا أن «مئات آلاف الأشخاص سمعوا» رسالة البابا. وتابع «على الصعيد المسكوني، الزيارة كانت إيجابية للغاية»، متوقفا عند «الترحيب الجيد للغاية بخطاب وستمنستر» الجمعة، في حضور شخصيات من المجتمع المدني وعالم السياسة.

وبعد انتهاء القداس التقي البابا الأساقفة، قبل أن يتوجه إلى مطار برمنغهام الدولي، حيث أقيمت مراسم أخيرة، ألقى فيها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خطابا.