بري يحيّد نفسه عن الصراع الحاصل ويقود والرئيس سليمان الوساطات

مصادر «أمل» لـ«الشرق الأوسط»: لا توجهات لدينا للتعاطي مع المرحلة بعيدا عن التهدئة

TT

ليس خافيا على أحد أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يحيّد نفسه عن الصراع الحاصل اليوم، والذي يتخذ بُعدا مذهبيا بين حزب الله وتيار المستقبل. هو عمم على نوابه وقياديي حركته أن لا تتخطى تصريحاتهم سقف الدعوة للتهدئة، بعيدا عن الانزلاق لمتاهات السجالات المستعرة.

وفي وقت علمت «الشرق الأوسط» أن «الرئيس بري بدأ بوساطات على أكثر من خط ستظهر ملامحها ونتائجها قريبا»، كشفت مصادر مطّلعة في حركة أمل لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماعا مشتركا للهيئات القيادية يُعقد يوم الأربعاء المقبل لوضع استراتيجية محددة لكيفية التعاطي مع المرحلة الحالية من خلال ترميم شروط الهدنة التي تم نسفها». ولفتت المصادر إلى أنه «وحتى الساعة لا توجهات مقررة لدى الحركة للتعاطي مع الملفات المستجدة، بعيدا عن التهدئة، لأننا في مرحلة لا يصلح فيها أن نصبّ الزيت على النار ونكون طرفا يشارك في تأجيج الصراع».

من جهته يقود رئيس الجمهورية ميشال سليمان سلسلة من الوساطات بالتنسيق مع الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وأفادت المعلومات أن الرئيس سليمان، وفي كلمة استهلالية في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم، سيعيد التأكيد على ضرورة الالتزام بميثاق التهدئة الذي سبق وأكد عليه أقطاب الحوار الوطني، ويقضي بتغليب منطق الحوار والتفاهم والتهدئة على منطق التشنّج والمشاحنات الذي لا يجلب للوطن والمواطن إلا الخراب والدمار، كما سيسعى جاهدا إلى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم كونهم جميعهم مشاركين في الحكم ومسؤولين عن الحفاظ على صيغة العيش المشترك، وسيشدّد على ضرورة نقل كل الخلافات أو الاختلاف في وجهات النظر إلى داخل مجلس الوزراء أو المجلس النيابي، أي الحفاظ على عمل المؤسسات الدستورية واحترامها وعدم تخطّيها لأنها الضمانة الأولى والوحيدة لصيغة لبنان.

وفي إطار متصل، تعود العلاقة بين الرئيس بري واللواء جميل السيد لتتصدر واجهة الاهتمامات، خصوصا في ظل ما يُحكى عن أن موقف بري الحيادي ناتج عن الجفاء الكامن ومنذ زمن بين بري والسيد الذي يُعتبر المرشح الأول لخلافة بري لرئاسة المجلس النيابي. وقد دعا اللواء السيد قوى «14 آذار» إلى «عدم تضييع وقتها في الاصطياد في الماء العكر»، مشيرا إلى أن «الاتصالات بينه وبين الرئيس بري قائمة، ولكنه منشغل حاليا في متابعة قضية شهود الزور»، وأضاف: «وإذا قررت في المستقبل الخوض في غمار العمل السياسي فأنا أطمئن جماعة (14 آذار) إلى أن الرئيس بري سيبقى رئيسا لمجلس النواب، وبالتالي لا مجال للدخول على الخط بيني وبينه، وليخيطوا بغير هالمسلة»، مشددا على أن «الأَولى بهؤلاء أن ينظروا إلى الأفخاخ التي ينصبها الرئيس فؤاد السنيورة لتطيير سعد الحريري، وسمير جعجع لتطيير آل الجميل».

وفي المواقف السياسية المحايدة لنواب ووزراء حركة أمل، أعلن وزير الشباب والرياضة علي عبد الله «عدم القبول بالخروج عن منطق الدولة والمؤسسات» وأضاف: «لغة الشوارع لن تؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان الذي من الممكن أن يفجر الوضع، لذلك على حكومة الوحدة الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها في تصحيح الشوائب ومعالجة الأمور ضمن الإطار الصحيح».

وقال عبد الله: «إننا مدعوون إلى الجلوس إلى طاولة مجلس الوزراء ووضع النقاط على الحروف ومحاسبة المخطئين والمخلين والمتآمرين»، مشيرا إلى أنه «إذا اعترفنا بخطأ ما سابقا، فعلينا معالجته وأن لا نساهم في استمراره وتطوره. فلبنان اليوم يمر بمرحلة دقيقة جدا على المستوى الداخلي، حيث بلغ التوتر السياسي حدا كبيرا ينذر بإمكان انفلات الوضع. من هنا وجوب اعتماد الخطاب العاقل والهادئ والمتروي والرصين والبعيد عن الاحتقان والتحدي».

بدورها شدّدت حركة أمل، والجماعة الإسلامية، على أن «الوحدة الوطنية بشكل عام، والوحدة الإسلامية اليوم حاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي فإن المسؤولية تترتب على الجميع دون استثناء في تحمل هذه المسؤولية ليكون التكامل الحقيقي بين سلامة هذه الوحدة ومنعة وبقاء مؤسسات الدولة واستمراريتها».

ودعا وزير الصحة العامة الدكتور محمد جواد خليفة إلى «اعتماد الحوار والتلاقي لمناقشة كل الأمور الخلافية واللجوء إلى المؤسسات وإلى مجلسي الوزراء والنواب وإلى طاولة الحوار التي يرعاها الرئيس ميشال سليمان المؤتمن على الدستور»، وانتقد «الخطاب الطائفي والمذهبي الذي لن يؤدي إلا إلى تعقيد الأمور بدل المساهمة في حلها».

ورأى عضو كتلة التحرير والتنمية، التي يرأسها بري، النائب علي بزي أن «اللبنانيين الذين يعيشون قلقا معيشيا واجتماعيا ليسوا بحاجة إلى أن يعيشوا قلقا سياسيا وأمنيا»، داعيا «القيادات السياسية على مختلف انتماءاتها إلى تبديد الهواجس والقلق، وإلى التوحد في القراءة السياسية للعناوين كافة».