الحريري بحث الوضع المتأزم مع رئيس الجمهورية.. و«المستقبل» جدد اتهام حزب الله بالمحاولة الانقلابية

محاولات لتهدئة الخطاب السياسي قبل اجتماع مجلس الوزراء

TT

تسارعت الاتصالات واللقاءات الهادفة إلى لملمة الخطاب السياسي المحتدم، في محاولة لخفض حدّة السجال مرتفع الوتيرة، قبل موعد جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها في القصر الجمهوري بعد ظهر اليوم، كي لا تنتقل السجالات إلى طاولة مجلس الوزراء وتصبح عامل تفجير للجلسة، وربما للوضع الحكومي المهتز أصلا بفعل غياب التضامن الوزاري داخل ما يسمّى «حكومة الوحدة الوطنية».

وعلى الرغم من التحركات الناشطة والتي تجلّت في زيارة وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، واللقاءات التي شهدها القصر الجمهوري، فإن التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة، بين فريق 14 آذار وخصوصا تيار «المستقبل» من جهة وحزب الله من جهة ثانية، بقيت على سقوفها المرتفعة، بحيث جدّد نواب «المستقبل» اتهام الحزب بالسعي لـ«الانقلاب على الدولة ومؤسساتها عبر تبنيه قضية المدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد جميل السيّد»، في حين اتهم حزب الله تيار «المستقبل» بـ«اللعب على وتر العصبيات الطائفية، وتجاوز حدود اللعبة السياسية وخطوطها الحمر».

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري عاد ظهر أمس إلى بيروت، وبحث الوضع السياسي المتأزم مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري، كما ترأس اجتماعا لكتلة «المستقبل». وبعد الاجتماع أوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف أن الكتلة «بحثت الجو السياسي القائم في البلد بكل جوانبه»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك ثوابت أرساها الرئيس الحريري ونحن معه، ومنها ما عبّر عنه في حديثه لـ (الشرق الأوسط)، لجهة طي صفحة الخلاف مع سورية والتعاطي معها بطريقة العقل والمنطق التي تعاطى فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس بشار الأسد، خصوصا بعدما أقرّ الرئيس الأسد بوجود أخطاء خلال مرحلة الوجود السوري في لبنان، واعتراف الرئيس الحريري بخطأ الاتهام السياسي لسورية»، وقال «هناك ثابتة أساسية لن نتخلّى ولن نتراجع عنها وهي المحكمة الدولية واستمرارها، والصراع الآن يدور بين فريق يريد الدولة والمؤسسات، ومجموعة خارجة على القانون والأعراف (حزب الله) وتعتبر نفسها هي الدولة والشرعية، وتنقلب على الحياة الديمقراطية وما أفرزته الانتخابات من أكثرية وأقلية». وأكد يوسف أن «هذه المجموعة تجدد مسارها الذي سلكته في الماضي عندما أقفلت البلد لسنتين بالاعتصامات في وسط بيروت وشلّت المؤسسات، واليوم تقتحم المطار بالقوة وتصطحب أحد الأشخاص تحت سلطة السلاح».

إلى ذلك، نقل النائب في كتلة المستقبل عمار حوري، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أجواء اجتماع كتلة المستقبل الاستثنائي أمس، موضحا أن الرئيس الحريري سيوجه كلمة، في مهلة أقصاها 48 ساعة (بدءا من أمس)، إلى الرأي العام اللبناني، على أن يعقد سلسلة لقاءات في الأيام المقبلة مع عدد من قيادات قوى «14 آذار». وأشار حوري إلى «تأكيد الرئيس الحريري، في ظل استمرار حملة الافتراء علينا، على عدد من الثوابت، في مقدمها عدم التراجع عن المحكمة الدولية لا من قريب ولا من بعيد، ولا تراجع عن دم الرئيس رفيق الحريري وباقي الشهداء». وشدد على أنه «لا تراجع بأي شكل من الأشكال عن الانفتاح على العلاقة مع سورية وعن كل ما قاله في مقابلته الأخيرة مع (الشرق الأوسط)، لافتا إلى أنه «واضح أن ثمة متضررين من العلاقة المستجدة مع دمشق». وأكد التمسك «بعلاقة استراتيجية مع سورية من دولة لدولة». ونقل عن الحريري تأكيده على «استمرار الاحتضان العربي للبنان، والتمسك بكامل الحلفاء لا سيما في قوى 14 آذار»، مشددا على «الانحياز المطلق لمنطق الدولة والشرعية، ورفض كل اعتداء على الدولة». وأوضح الحريري، وفق ما نقله النائب حوري، أن «لا شيء نخفيه ونقول كل ما نقوله بوضوح دون نسبه إلى مصادر».

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر في مؤتمر صحافي عقده أمس، أن ما يشهده لبنان اليوم «ليس صراعا طائفيا» وقال «إن المعركة هي معركة وحدة الوطن وليست معركة تقسيم ولا معركة 8 و14 آذار بسبب الموقف المتمايز لرئيس مجلس النواب نبيه بري». وقال «منذ سنة ونصف السنة يعيش لبنان أزمة (تقرير) دير شبيغل التي نشرت المقال المسموم والمفبرك والمدان حول تورط حزب الله بجريمة اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري». واتهم جميل السيد بناء على تصريحاته بأنه هو من قام بالتسريب لـ«دير شبيغل»، وسأل «إذا كان رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن يعرف منذ عام 2006 فلماذا لم يسربها؟ ولماذا لم تسرب إلا بعد خروج جميل السيد من السجن وبعد لقائه السيد نصر الله؟». وعن الوسيط الذي كان بين السيد ورئيس الحكومة سعد الحريري، أوضح صقر أن «هذا الوسيط ليس سمسارا بل هو رجل نزيه ولكن جميل السيد قال عنه إنه سمسار لـ«يحرقه»، معلنا أن هذا «الوسيط المحترم» هو (الصحافي) مصطفى ناصر الذي أخبر الحريري أن السيد يريد 15 مليون دولار (من أجل إسقاط الدعوى التي أقامها في دمشق ضدّ سياسيين وإعلاميين من فريق الحريري) ونزل إلى 12 مليون دولار ثم إلى 7 ملايين دولار». وتوجه إلى حزب الله قائلا «لماذا لا تدفعون له 7 ملايين دولار (نظيفة) وننتهي من هذا الموضوع بدل كل هذا الذي أثاره». إلى ذلك، رفض اللواء جميل السيد التعليق على ما سماها «حملة الشتائم والتلفيق التي وردت على لسان بعض نواب تيار المستقبل، معتبرا أنّ مشكلته «ليست مع هؤلاء» وقال «إن مشكلتي هي حصرا مع سيّدهم رئيس الحكومة سعد الحريري الذي عليه أولا أن يعيد هؤلاء إلى أقفاصهم في قريطم، ثم أن يحاسب شهود الزور وأعوانهم المعروفين اسميًّا في القضاء والأمن والسياسة، ثم أن يراهم الشعب اللبناني في سجون لبنان ولاهاي انسجاما مع ما صرح به الحريري بنفسه لصحيفة «الشرق الأوسط» من أن هؤلاء قد دمروا التحقيق الدولي واللبناني وخرّبوا العلاقة اللبنانية السورية وأساءوا إلى استقرار لبنان وأمنه».

من جهته قال رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد «إننا نستشعر أننا قادمون على حفلة جنون جديدة في السياسة». ولفت إلى أن «مصلحة اللبنانيين هي في الوصول إلى حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، وهذه المسألة والمعادلة لا نقاش فيها على الإطلاق لدى أي أحد من اللبنانيين، لأن من قتل رفيق الحريري هو الذي يريد قتل المقاومة ويدرك أن السبيل لذلك بتحريض اللبنانيين ضد بعضهم». وقال «تقدّمنا بمعطيات وقرائن وقلنا للمحكمة إنّك لم تحققي في هذه الأمور فكيف وصلتِ إلى مرحلة إصدار قرار اتهامي؟ التحقيق في هذه المعطيات يأخذكِ إلى مكان آخر، فهل ممنوع على المحكمة الدولية أن تفكر باتهام إسرائيل وأن تحقق مع ضابط إسرائيلي؟ إذا كان ممنوعًا اتهام الإسرائيلي فأين تصبح الحقيقة؟».