عبد المهدي يحذر من خطورة حل البرلمان وعواقب إعادة الانتخابات في ظل حكومة تصريف أعمال

أربيل: مبادرة بارزاني تركز على برنامج الحكومة القادمة بصرف النظر عمن سيتولى رئاستها

TT

حذر عادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي ومرشح الائتلاف الوطني العراقي لرئاسة الوزراء، من «خطورة» التفكير في حل البرلمان العراقي والدعوة لإجراء انتخابات برلمانية جديدة إثر فشل الكتل السياسية في تشكيل الحكومة منذ إجراء الانتخابات النيابية في 7 مارس (آذار) الماضي، وجاء ذلك في الوقت الذي تستمر فيه الكتل السياسية في مفاوضتها «المتعثرة مسبقا» في أجواء ضبابية ومعتمة وسط تصريحات متضاربة من قبل أعضاء الكتلة الواحدة حول المحادثات.

ووصف عبد المهدي، الذي يواصل الحضور إلى مبنى البرلمان بشكل شبه يومي، في محاولة للضغط على رؤساء الكتل للحضور إلى البرلمان وعقد جلسات البرلمان المعطل، الذي لم يعقد سوى بجلسة واحدة، ثم بأخرى تكميلية للأولى، مقترح حل البرلمان وإعادة الانتخابات بأنها «أخطر دعوة يمكن أن تحصل، ولا بد من التفكير في النتائج المترتبة على أي مقترح من هذا القبيل، وهل سيقدم الحل أم سيؤخره؟»، مشيرا في الوقت ذاته إلى «الصعوبات الكبيرة التي ستواجه البلاد في حالة إعادة الانتخابات، وكم من الوقت سيستغرق لتنظيم مثل هذه الانتخابات، وفي ظل أي حكومة؟ حكومة تصريف أمور يومية»، حسب بيان أصدره مكتبه وحصلت «الشرق الأوسط» عليه.

وقال عبد المهدي خلال جلسة عقدها مع عدد من النواب الذين حضروا معه إلى قبة البرلمان إن «الضغط من أجل عقد وتفعيل جلسة مجلس النواب وانتخاب رئيس جلسة حقيقي، أسهل بكثير من إعادة الانتخابات بكل التداعيات والمخاطر التي يمكن أن تقود إليها».

وأعلن نائب الرئيس العراقي، أنه قدم عدة مقترحات خلال الجلسة من أجل تفعيل الهيئة التشريعية المنتخبة والمصادق عليها، من بينها أن «يدعو رئيس المجلس الكتل السياسية خلال يومين أو أكثر أو أسبوع، لإعادة عقد مجلس النواب، ورفض مطلق لفكرة غياب البرلمان واعتباره أخطر من إعادة تشكيل الحكومة، على أهمية الأخيرة».

وقال عبد المهدي «إن الحكومة من الممكن أن تستقيل، وأن رئاسة الجمهورية قد تغيب وتذهب لكن البرلمان لا يمكن التفكير في غيابه».

ودعا في المقترحات التي وضعها أمام النواب الحاضرين لتشكيل لجنة من الكتل السياسية لدراسة النظام الداخلي لمجلس النواب وتشخيص الثغرات لاستغلال الوقت، مما يسهل المهمة المقبلة للمجلس، بالإضافة إلى إمكانية تفعيل لجان أخرى ولو بشكل غير رسمي لدراسة مختلف القضايا، مما يساعد في تنضيج الحوارات والنقاشات في المرحلة اللاحقة، وإنجاز مهمة التعارف بين أعضاء المجلس في وقت قصير.

وكان نائب الرئيس العراقي قد أكد في جلسة مماثلة عقدها عدد من أعضاء مجلس النواب أول من أمس أن «غياب السلطة التشريعية هو الثغرة الكبرى والخطر الأكبر على النظام الدستوري والديمقراطي في البلاد».

وفي غضون ذلك، نفى الائتلاف الوطني العراقي، بزعامة عمار الحكيم، توصل أطراف التحالف الوطني (يضم ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، وائتلاف الحكيم) إلى اتفاق بشأن اختيار مرشح التحالف لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة.

وحول ما تردد عن أن التحالف الوطني يتوجه إلى ترشيح المالكي لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة خاصة بعد الضغوط الأميركية الأخيرة، قال مصدر في الائتلاف الوطني لـ«الشرق الأوسط»: «إن كل المعلومات التي تفيد بأن اتفاقا حصل على شخص المالكي داخل التحالف عارية عن الصحة»، معتبرا «ما يدور لا يتعدى الشائعات التي يراد منها تأثير الجو العام داخل الائتلاف الوطني»، مؤكدا «لا يوجد اتجاه داخل الائتلاف الوطني للقبول بالمالكي».

وأشار المصدر إلى أن «الائتلافين لم يعقدا أي اجتماع حتى الآن، لا سيما أنهما اتفقا على أن تستأنف المفاوضات بعد عطلة عيد الفطر»، لكنه أضاف: «سيعقد اجتماع للائتلافين اليوم (أمس) من أجل تحديد يوم الاجتماع الذي ستحدد فيه آلية اختيار مرشح التحالف لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة»، بحسب قوله.

وكان التحالف الوطني قد أرجأ الجولة الثالثة من المباحثات التي استأنفها في السابع من الشهر الحالي بعد توقف دام عدة أسابيع، إثر اعتراض الائتلاف الوطني على ترشيح زعيم دولة القانون، نوري المالكي، لرئاسة الوزراء، إلا أن الائتلاف وافق لاحقا على ترشيحه بعد أن طرح اسم عادل عبد المهدي كمنافس له.

ومن جهته، قال الشيخ جلال الدين الصغير، عضو الائتلاف الوطني والقيادي البارز في المجلس الأعلى الإسلامي، لـ«الشرق الأوسط» حول المفاوضات مع ائتلاف المالكي: «إن ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي)، يبحثون عن مخرج وحل وحيد، على اعتبار أنهم لا يملكون خيارات متعددة في مجال التفاوض، فهم فقط يطرحون بعض المقترحات ثم يتركونها لكونها لا تؤدي إلى نتيجة»، في إشارة إلى الخيار الوحيد الذي تطرحه كتلة المالكي، ألا وهو تمسك الكتلة بمرشحها الأوحد، المالكي، لمنصب رئاسة الوزراء، وعدم القبول بفكرة المرشح البديل.

وأضاف الشيخ الصغير أنه «لا توجد لدى ائتلاف دولة القانون خيارات مفتوحة، كما لدى الائتلاف الوطني الذي طرح الكثير من المقترحات التي ينتظر ما يمكن تطبيقه منها».

ومن جانبه، أكد محمد الدراجي، عضو كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري والمنضوية ضمن الائتلاف الوطني، أن ائتلافه ما زال متمسكا بمرشحه عادل عبد المهدي، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»: «إن أطراف التحالف تسعى إلى مناقشة الآليات التي تنتج مرشحا واحدا نذهب به إلى البرلمان». وفيما إذا تم التوصل إلى آلية معينة لتسمية مرشح واحد، إما المالكي أو عبد المهدي، قال «إن الرياضيات لا تعمل بالوضع العراقي، مثلما يعمل التوافق» بحسب وصفه.

أما علي العلاق، عضو ائتلاف دولة القانون، فقد أكد أن الاجتماعات التمهيدية بين ائتلافه والوطني العراقي «مستمرة تمهيدا إلى اللقاء الأساسي الذي يفترض أن يصدر عنه قرار نهائي»، مبينا لـ«الشرق الأوسط»: «أن الأيام المقبلة ستحسم مسألة الاتفاق على آلية اختيار مرشح التحالف لرئاسة الوزراء الجديدة».

الى ذلك, أعلنت القائمة العراقية، التي يترأسها أياد علاوي، عن دعمها الكامل للمبادرة التي يزمع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني طرحها على قادة الكتل السياسية العراقية تمهيدا للخروج من أزمة تشكيل الحكومة، والتي تقضي باعتماد تقاسم السلطات وتقليص صلاحيات رئيس الوزراء لصالح رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس السياسي للأمن الوطني.

وأكد المتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية حيدر الملا «أن قادة القائمة العراقية يدعمون مبادرة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، ويؤيدون تقليص صلاحيات رئيس الوزراء الذي سيغني التجربة الديمقراطية في العراق، ويحول دون عودة التجارب السابقة التي ما زال العراقيون يئنون من آثارها». وجاء ذلك في الوقت الذي أكدت فيه مصادر من قائمة دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، رفض القائمة للمقترح.

وفي غضون ذلك، أوضح رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان الدكتور فؤاد حسين، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نصه «إن رئاسة الإقليم لاحظت صدور تحليلات وتفسيرات متناقضة للمبادرة التي سيتقدم بها رئيس الإقليم للقادة العراقيين بغية الخروج من الأزمة الراهنة، وضمان تشكيل حكومة شراكة وطنية من قبل جميع الكتل الفائزة في الانتخابات».

وأضاف البيان أنه صدرت «تفسيرات لا تتناسب مع مضمون وجوهر المبادرة التي سيطلقها بارزاني والتي تؤكد بالدرجة الأولى آلية البحث عن أساس معين لتشكيل الحكومة المقبلة، فالمبادرة تركز بالأساس على برنامج الحكومة القادمة بصرف النظر عمن سيتولى رئاستها، وسيتقدم رئيس الإقليم بهذه المبادرة إلى جميع الكتل المشاركة في العملية السياسية في العراق يعقبه عقد اجتماع مشترك للتباحث حول تلك المبادرة، من أجل الخروج من الأزمة الحالية والإسراع بتشكيل حكومة ذات قاعدة موسعة».