صنعاء: نزوح الآلاف من منازلهم إثر المواجهات ضد «القاعدة»

مساعد الرئيس الأميركي يزور صنعاء فجأة ويناقش الإرهاب و«أصدقاء اليمن»

جنود يمينيون يرافقون المشتبه فيه بدر أحمد راشد و3 مشتبهين لدى وصولهم إلى قاعة المحكمة في صنعاء أمس لحضور الجلسة الأولى لمحاكمتهم بتهمة محاولة اغتيال السفير البريطاني لدى اليمن في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

أكدت الولايات المتحدة حرصها على استمرار وقف إطلاق النار في شمال اليمن بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين، وأعربت عن دعمها الكامل للحرب التي تقودها الحكومة اليمنية ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة.

وتأتي هذه التطورات في المباحثات اليمنية - الأميركية، في الوقت الذي تسببت فيه المواجهات بين قوات الأمن وعناصر «القاعدة»، إلى نزوح الآلاف من السكان من منازلهم في محافظة شبوة، إثر استمرار هذه المعارك.

وأجرى مسؤول أميركي رفيع المستوى، أمس، مباحثات في العاصمة اليمنية صنعاء بشأن جملة من القضايا المهمة. وقام مساعد الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب وشؤون الأمن الداخلي، جون برينان، بزيارة خاطفة إلى صنعاء، لم يعلن عنها من قبل، وقالت مصادر أميركية في صنعاء إن الزيارة هدفت إلى «التشاور مع المسؤولين اليمنيين والأميركيين حول العلاقات الثنائية بين البلدين».

والتقى الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، المسؤول الأميركي الزائر، وبحسب بيان صادر عن السفارة الأميركية بصنعاء، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فقد ناقش الجانبان «الدعم الاقتصادي والإنساني الذي تقدمه الولايات المتحدة للشعب اليمني»، الذي وصل العام الماضي إلى أكثر من 110 ملايين دولار.

وأضاف البيان أنه جرى التشاور حول الاجتماع المرتقب لمجموعة «أصدقاء اليمن» في مدينة نيويورك، في الـ24 من الشهر الحالي، الذي وصف بأنه «منتدى مهم يقدم فيه المجتمع الدولي الدعم للإصلاحات الاقتصادية وإصلاحات الحكم في اليمن».

ونقلت سفارة واشنطن في صنعاء عن برينان تأكيده مجددا «دعم الولايات المتحدة لحوار وطني شامل وجامع»، وكذا دعمها «للانتخابات البرلمانية المقبلة، وحماية حقوق الإنسان، والالتزام المستمر من قبل جميع الأطراف بوقف إطلاق النار في شمال اليمن»، وأضافت السفارة أن صالح وبرينان ناقشا، أيضا، «التعاون المشترك ضد التهديد المستمر لتنظيم القاعدة»، وقدم المسؤول الأميركي تعازي بلاده للشعب اليمني في «فقدان ضباط الأمن والجنود والمواطنين اليمنيين الذين قتلوا في الهجمات التي نفذتها (القاعدة)، مؤخرا».

وأكدت المصادر الأميركية أن برينان سلم الرئيس صالح رسالة من الرئيس باراك أوباما، وأن الرسالة جددت دعم الولايات المتحدة لـ«يمن موحد ومستقر وديمقراطي ومزدهر»، وقال أوباما في رسالته: «نحن ملتزمون أيضا بمساعدة اليمن على تحقيق مستقبل يقوم على المواهب الاستثنائية لأبنائه وتاريخه الغني»، وأضاف أن اليمن يمتلك «ثقافة عميقة الجذور، كما يحظى بإعجاب واسع في جميع أنحاء العالم لتقاليده القديمة وشعبه المضياف»، ثم أردف الرئيس أوباما: «إني مقتنع بقدرة اليمنيين على عمل أكثر من التغلب التهديدات التي تواجههم، فبإمكانهم بناء مستقبل من السلام وفرص أعظم لأبنائهم».

على صعيد المواجهات الدائرة في محافظة شبوة بين قوات من الجيش والأمن وعناصر يعتقد بانتمائها لتنظيم القاعدة، وضعت السلطات في المحافظة خطة أمنية جديدة، وناقشها المجلس التنفيذي الذي يرأسه محافظ المحافظة. وقالت مصادر رسمية إن الخطة تهدف إلى «مواجهة خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة، اقتحمت منازل بعض المواطنين في مدينة الحوطة بمديرية ميفعة، في محاولة للاحتماء بها والتخفي عن أجهزة الأمن»، وكذلك لمواجهة «العناصر الإرهابية الموجودة في بعض الجبال المطلة على مدينة الحوطة».

ودعا تنفيذي شبوة كل أبناء مدينة الحوطة إلى «التعاون مع أجهزة الأمن في تتبع العناصر الإرهابية لتسهيل سرعة ضبطها وإخلاء أي منازل توجد فيها تلك العناصر، حتى لا تستغل المواطنين الساكنين فيها دروعا بشرية تعوق جهود المكافحة الأمنية السريعة للعناصر الإرهابية».

وبحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، فقد «استهجن المكتب بشدة عدم تجاوب عناصر هذه الفئة الضالة مع الجهود التي بذلتها شخصيات اجتماعية خلال الأيام القلية الماضية، من أجل حقن الدماء، ومحاولة إقناع تلك العناصر بتسليم أنفسهم، وتجنيب أبناء المنطقة أي أضرار قد تترتب على عملية المواجهات المسلحة معهم»، معتبرا «رفض وتعنت تلك العناصر لهذه المساعي بأنها تظهر بجلاء مدى عمى بصر وبصيرة العناصر الإرهابية، وإصرارها على سفك الدماء»، وهذه إشارة واضحة إلى وجود مساع من قبل السلطات عبر وسطاء، لإنهاء النزاع المسلح القائم.

وتتواصل عملية ملاحقة عناصر «القاعدة» في محافظة شبوة، وإن بوتيرة أقل من الأيام الثلاثة الماضية، في وقت ارتفع فيه عدد القتلى من العناصر المطلوبة إلى 5 وعدد آخر من الجرحى، إضافة إلى مقتل جندي وجرح آخرين.

وأدت هذه المواجهات إلى نزوح بضعة آلاف من سكان مدينة الحوطة عن بيوتهم، خوفا على حياتهم، بعد أن اشتدت المواجهات، وجرى قصف مدفعي وجوي لبعض المواقع التي يعتقد أن عناصر «القاعدة» يختبئون فيها. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن جموعا من المواطنين شوهدوا يغادرون المدينة إلى المدن والقرى المجاورة. وتقول السلطات اليمنية إن قوات الأمن توشك على السيطرة على الموقف هناك.

وقال الهلال الأحمر اليمني إن قرابة 12 ألف مدني فروا من منازلهم في محافظة شبوة بجنوب اليمن بسبب ضراوة القتال بين القوات الحكومية ومتشددين يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة.

وذكر مصدر أمني أن ثلاثة من متشددي «القاعدة» وجنديين لقوا حتفهم في الاشتباكات التي اندلعت فجر أول من أمس الأحد.

وقال الفرع المحلي للهلال الأحمر في شبوة في تقرير أرسل للصليب الأحمر في صنعاء، اطلعت عليه «رويترز»، إن ما بين ثمانية آلاف واثني عشر ألف شخص فروا من بلدة الحوطة والمناطق المحيطة بها جراء العنف.