تونس: جيل «الصف الثاني» في أحزاب المعارضة «يثور» على قياداته

فترة تجاذبات داخلية تعيشها الأحزاب التونسية

TT

تعيش مجموعة من أحزاب المعارضة التونسية فترة تفاعلات وتجاذبات داخلية تنبئ بتحول هيكلي داخل تلك الأحزاب خلال الفترة المقبلة سيترجمها قدوم قيادات شابة إلى تلك الأحزاب انتظرت لأكثر من عقدين من الزمن للوصول إلى أعلى المراتب داخل أحزابها ولم تطالب خلال العقدين الماضيين بشكل جدي بتداول السلطة داخل أحزاب المعارضة، وبالتالي تداول القيادة. إطارات تلك الأحزاب، صنفها بعض الملاحظين بـ«كوادر الصف الثاني»، تعلن خلال المناسبات الكبرى التي تعيشها تلك الأحزاب عن وجودها وعن نضجها السياسي، وبالتالي الطموح إلى المشاركة الفعلية في قيادة تلك الأحزاب.

الإعلان عن تحضيرات جدية داخل مجموعة من الأحزاب المعارضة لعقد مؤتمرات وطنية لثلاثة أحزاب معارضة على الأقل هي: حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وحزب الوحدة الشعبية، والاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وذلك خلال السنة المقبلة، جعل الكثير من الإطارات المنتظرة لأدوار أكثر فاعلية ترفع شعارات متنوعة جاء البعض منها تحت شعار «التغيير والديمقراطية»، وكذلك تحت شعار «الشفافية المالية»، وهو ما أثار حفيظة بعض قادة تلك الأحزاب ممن اعتبر العملية بمثابة زعزعة الاستقرار داخل تلك الأحزاب على حساب الاستمرارية وتحقيق النتائج الإيجابية بالتدرج والتذكير بما تم تحقيقه في الانتخابات التشريعية لشهر أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الماضية، وتعزيز حضورها داخل الهيئات المنتخبة. كل هذا لم يشفع لتلك القيادات بتناول بعض الخصوصيات داخل تلك الأحزاب مثل إثارة الملف المالي داخل الحزب الاجتماعي التحرري من قبل العربي بن علي، عضو المكتب السياسي للحزب، على صفحات الجرائد مما دفع المكتب السياسي إلى تجميد نشاطه.. وكذلك إعلان المنصف الشابي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي، نيته الترشح لمنصب الأمانة العامة للحزب، وهو ما عده البعض خروجا عن الصف وانفلاتا قد يحيد بمسيرة الحزب، وإعلانا في غير موعده، حتى وإن كان أحمد الأينوبلي، الأمين العام للحزب، قد أعلن في أكثر من مناسبة أن مؤتمر الحزب سيكون شفافا، وأن صندوق الاقتراع هو الفيصل بين المرشحين.

حول هذه الخلافات داخل أحزاب المعارضة قال مهدي الطباخ، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية، إنها اختلافات لا ترتقي إلى مستوى الخلافات العميقة أو الرؤى الاستراتيجية لعمل الأحزاب في تونس، واعتبر الطباخ الاختلاف ظاهرة صحية، شرط أن يكون داخل الأطر الهيكلية للحزب، وأن يقوم بكل شفافية وديمقراطية ولا يكون الهدف منه إضعاف أحزاب المعارضة وإظهارها في حالة هشة. وقال الطباخ من ناحية أخرى إن هياكل الأحزاب المعارضة تسمح بالاختلاف والتعبير عن كل الآراء، وعلى المنخرطين أن يلتزموا بالفضاءات التي تعبر عن آرائهم ومن أهمها المؤتمرات الوطنية والمجلس المركزي.

وقال العروسي النالوتي، عضو حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، إن حزبا سياسيا لا تكون في داخله آراء مختلفة يصنف ضمن الأحزاب الميتة، إلا أن اختلاف الآراء لا يجب أن يصب في اتجاه تخريب الحزب واستهداف الأشخاص وكذلك السلب وهتك الأعراض. وأضاف النالوتي أن ظاهرة إطارات «الصف الثاني» موجودة في كل الأحزاب وهي، على حد تعبيره، «صفوف متعددة من الطامحين لاحتلال مناصب قيادية داخل الأحزاب»، إلا أن المسالة تتجاوز حدود الخلافة الآلية من صف إلى آخر بل إن صندوق الاقتراع هو الذي يفصل بين كل الصفوف على أساس برامج انتخابية واضحة. وقال النالوتي إن مؤتمر الحركة المنتظر سنة 2012 سيشهد تعدد الترشحات لكل المناصب القيادية.