قمة مراجعة «أهداف الألفية» تطلق تعهدات دولية جديدة لمواجهة الفقر المدقع

تشديد على دور القطاع الخاص في تمويل التنمية وعدم التقاعس بسبب الأزمة الاقتصادية

TT

في أحد أكبر التجمعات الدولية لدعم التنمية، انطلقت أعمال قمة مراجعة «الأهداف الإنمائية للألفية» في نيويورك أمس، على هامش انعقاد الجلسة الـ65 للجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، وبعنوان «بإمكاننا إنهاء الفقر»، شارك قادة العالم في جلسات لبحث الأهداف الإنمائية للألفية التي تم الاتفاق عليها في الأمم المتحدة قبل 10 أعوام، ويجب أن تتحقق بحلول 2015.

وفي مستهل القمة، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، رؤساء نحو الـ140 دولة المجتمعين في نيويورك، بعدم ترك الفقراء في وقت تنشغل فيه الدول بمواجهة الأزمة الاقتصادية. وقال إنه: «يجب ألا توازن الميزانية على ظهر الفقراء»، مضيفا: «يجب ألا ننسحب من الدعم التنموي الرسمي، وهو حبل نجاة بالنسبة للمليارات».

وبعد أسابيع من المفاوضات، تم الاتفاق على مسودة البيان الختامي للقمة، التي تختتم أعمالها غدا بالمصادقة على البيان الختامي. وتشمل الصفحات الأولى من المسودة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إعادة التشديد على الالتزام بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، التي تشمل خفض نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع والجوع، أي الذين دخلهم أقل من دولار في اليوم بنسبة 50 في المائة، بين عامي 1990 و2015. ويذكر أن قضية القضاء على الفقر قضية أساسية في تحقيق الأهداف الإنمائية، وتعتبر جوهرية لتحقيق الأهداف الأخرى، التي تشمل ضمان تعليم كل الأطفال في المستوى الابتدائي وتحقيق المساواة بين الرجال والنساء.

كما يشمل البيان الختامي «أجندة عمل» تشمل الالتزام بحماية حق كل دولة في تحديد طريقة تحديد أهداف الألفية بالطريقة التي تناسبها. وعلى الرغم من الإعلان عن «أجندة عمل» فإن أغلبية البنود تشدد على تطبيق تعهدات سابقة، مثل مطالبة الدول المتقدمة بأن تخصص 0.7 في المائة من دخلها الإجمالي الوطني لمساعدة الدول النامية.

وشدد المجتمعون في نيويورك على عدم السماح للأزمة الاقتصادية بأن تعرقل جهود تحقيق أهداف الألفية، خاصة مع تراجع سرعة نمو الاقتصاد في دول نامية، بينما خفضت دول مانحة عدة، الأموال المخصصة للمساعدات.

وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في خطابه أمام القمة أمس: «علينا اتخاذ القرار إذا كنا سنستخدم الأزمة الاقتصادية، كحجة لعدم الالتزام بتعهداتنا أم لا». وأضاف أن فرنسا متعهدة بمواصلة دعمها المالي للدول النامية، مشددا على أن «تبعات الأزمة الاقتصادية أسوأ بكثير بالنسبة للدول الفقيرة». وأعلن ساركوزي أن فرنسا ستزيد نسبة دعمها لصندوق مكافحة الملاريا بنسبة 20 في المائة، في إشارة إلى التزام فرنسا بالتنمية.

وفي خطوة مثيرة، دعا كل من ساركوزي ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه ثاباتيرو إلى فرض ضريبة على المعاملات المالية للبنوك الدولية، تستخدم لصالح التنمية. وقال ثاباتيرو في خطابه أمس: «شعوب العالم تنظر إلى هذه المؤسسة والحكومات، للقول إن الوقت حان وبجهود صغيرة من القطاع المالي نستطيع أن نحقق هدف القضاء على الفقر المدقع».

ومن جهته، قال ساركوزي: «لن نحقق أهدافنا فقط من الأموال العامة، بل من خلال دعم القطاع الخاص». ولم يتم الاتفاق بعد، على مثل هذه الآلية التي تعارضها دول عدة، منها الولايات المتحدة. وبغض النظر عما إذا كانت هذه الضريبة ستفرض، فإن هناك إجماعا بين القادة على أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ومعالجة الفقر وضمان العيشة الكريمة للملايين. وتشهد نيويورك هذا الأسبوع الإعلان عن خطط ومشاريع عدة تعتمد على الشراكة بين القطاعين، العام والخاص، لدعم التنمية.

ومن جهته، قال المدير الإداري لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس - كاهن، إن قمة مراجعة الأهداف الإنمائية تعتبر «إعادة إطلاق لعملية تحقيق أهداف الألفية، فمن غير العادل القول إنه لم يحدث شيء، بل القليل جدا تحقق». وشرح ستراوس - كاهن أن المحرك الأساسي لضمان التنمية في أفريقيا سيعتمد على النمو الاقتصادي لدولها، قائلا: «ما حدث قبل الأزمة (الاقتصادية) نسبة النمو كانت 5 أو 6 في المائة، مما كان خطة مهمة إلى الأمام، ولكن خسرنا سنوات عدة بسبب الأزمة». وأضاف: «يجب الالتزام بالتنمية وتطوير الاقتصاد، ولكن الأهم لتحقيق الأهداف هو إعادة النمو، وهذا أمر أحيانا ينسى من قبل وكالات تعمل في التعليم والمياه وغيرها»، مؤكدا: «لا يمكن تحقيق شيء من دون نمو في الدول النامية».

وتعقد قمة مراجعة الأهداف الإنمائية قبل بدء الخطابات الرئيسية للجمعية العامة نهاية الأسبوع الحالي. وهناك عدد من القادة، منهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الأميركي باراك أوباما، سيلقيان خطابين هذا الأسبوع، الأول في قمة أهداف الألفية، والثاني في الجمعية العامة. وتعتبر التنمية أحد أهم محاور الجمعية العامة لهذا العام، بالإضافة إلى تقوية نظام الأمم المتحدة للحوكمة ودور المنظمة العالمية في استقرار العالم.

* «أهداف الألفية للإنماء»

* نيويورك - «الشرق الأوسط» تم الاتفاق عام 2000 على 8 أهداف جوهرية لإنهاء الفقر وتحسين أوضاع العالم خلال 15 عاما. وتعقد في نيويورك هذا الأسبوع قمة لمراجعة تلك الأهداف وحصد التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن في تحقيق تلك الأهداف. وفي ما يلي الأهداف:

* القضاء على الفقر المدقع والجوع.

* تحقيق تعميم التعليم الابتدائي.

* تعزيز المساواة بين الجنسين.

* تحسين الصحة النفسية.

* مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز).

* كفالة الاستدامة البيئية.

* إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية.