إيران: وكالة الطاقة الذرية تواجه أزمة «هيبة ومصداقية».. وواشنطن: سنحاسبكم على التحدي

بدء أعمال الجمعية العامة لوكالة الطاقة الذرية بخلاف حول مشروع قرار عربي حول ترسانة إسرائيل النووية

علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية في خطاب أمام الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أمس (إ.ب.أ)
TT

وجهت إيران أمس انتقادات شديدة اللهجة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، قالت إنها تعاني من أزمة فقدان «للهيبة والمصداقية»، مسلطة الضوء على تدهور العلاقات بينها وبين الوكالة. في حين حذر واشنطن من التمادي في التحدي، قائلة إن «البديل هو محاسبة إيران». وبدأت الجمعية العامة الـ54 للوكالة الدولية أعمالها، أمس، في فيينا، في أجواء مشحونة، بسبب الخلاف حول مشروع قرار للدول العربية حول ترسانة إسرائيل النووية.

وعبر علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، في خطاب أمام الدول الأعضاء في الوكالة، عن التحدي المستمر للمطالبة الدولية بوقف الأنشطة الإيرانية، التي يشتبه الغرب في أنها تستهدف صنع أسلحة نووية.

وقال صالحي، مشيرا إلى سياسة فرض العقوبات وعرض الحوافز، التي يتبعها الغرب مع إيران: «منهج المسارين غير المتحضر، المتضمن للتهديد والحوار، لا يمكن أن يكون بناء ومثمرا».

وانتقد صالحي أحدث تقرير للوكالة بخصوص برنامج إيران النووي، ووصفه بأنه غير منصف، وأشار إلى أن القوى الغربية أثرت على إعداده. وقال: «يبدو أن الوكالة تعاني من أزمة فقدان الهيبة والمصداقية». وقال التقرير إن إيران تكثف نشاط تخصيب الوقود النووي، الذي تقول إنه يقتصر على الاستخدامات السلمية، في تحد للعقوبات الدولية الصارمة التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، منذ يونيو (حزيران). كما عبر التقرير عن خيبة الأمل بخصوص امتناع إيران عن التعاون الكامل مع مفتشي ومحققي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وحث رئيس الوفد الأميركي في اجتماعات فيينا، إيران، على الوفاء بالتزاماتها الدولية، متحدثا بعد قليل أمام نفس المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تضم 151 دولة في فيينا. وقال وزير الطاقة الأميركي، ستيفن تشو: «البديل لذلك واضح، وهو أن هناك توافقا واسعا ومتزايدا على محاسبة إيران على استمرارها في التحدي». وأضاف تشو أن الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بمواصلة العمل على الوصول إلى حل دبلوماسي، لكن على إيران أن تطمئن بقية العالم إلى الطبيعة السلمية لنواياها النووية.

وتدهورت العلاقات بين إيران والوكالة منذ تولي يوكيا أمانو منصب المدير العام للوكالة، في ديسمبر (كانون الأول). وهو يتخذ موقفا أكثر شدة من المدير السابق، محمد البرادعي، وذكر في تقاريره لمجلس محافظي الوكالة أنه يحتمل أن طهران تحاول الآن صنع صاروخ مسلح برأس نووي، ولم تقتصر جهودها في هذا الصدد على وقت ما في الماضي.

وقالت إيران في يونيو إنها منعت دخول اثنين من مفتشي الوكالة، واتهمتهما بتقديم معلومات «زائفة» بشأن أنشطتها النووية. وقال أمانو إن تكرار الاعتراضات الإيرانية على المفتشين يعوق عمل الوكالة، واتهمت قوى غربية طهران بترهيب الوكالة.

ودعا صالحي القوى الكبرى كذلك إلى استئناف المحادثات «دون مزيد من التأخير»، بشأن اتفاق إمداد مفاعل للاستخدامات الطبية في طهران بالوقود النووي، مقابل بعض اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب. واعتبرت القوى الكبرى هذا الاتفاق في وقته خطوة ممكنة لبناء الثقة، لكنه تعثر العام الماضي بعد تراجع إيران عن الشروط التي قبلتها في بادئ الأمر، ولا يستبعد الدبلوماسيون الغربيون استئناف المفاوضات بشأن التبادل النووي. لكنهم يشددون على الحاجة إلى مفاوضات أوسع، يأملون أن تؤدي إلى وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران، وهو ما استبعدته بشكل متكرر.

وحث الاتحاد الأوروبي إيران، في بيانه أمام الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أن تلتقي بالقوى الكبرى «بهدف نهائي، وهو إقامة علاقة شاملة تتضمن التعاون في جميع المجالات.. وتفيد الطرفين». وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية في واشنطن أمس إن إيران تعاني بسبب العقوبات الدولية، وإن الضغوط تتصاعد على اقتصادها وقطاعها المصرفي. وهونت إيران من تأثير العقوبات على اقتصادها. وندد صالحي بالإجراءات العقابية، ووصفها بأنها «غير مبررة، وغير مشروعة».

وبدأت الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية أعمالها أمس في فيينا، في أجواء مشحونة، بسبب الخلاف حول مشروع قرار للدول العربية حول ترسانة إسرائيل النووية.

وستبحث الجمعية العامة السنوية، التي تستمر اجتماعاتها حتى الجمعة، مواضيع عدة، مثل انتخاب دول في مجلس الحكام، وموازنة 2011، والأمن النووي، والتعاون التقني. لكن النقاشات ستركز، على ما يبدو، على مشروع قرار ضد إسرائيل.

وتريد الدول العربية تبني قرار رمزي غير ملزم، يدعو إسرائيل، التي تعتبر الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، إلى توقيع معاهدة حظر الانتشار النووي.

وستدرس الدول الأعضاء الـ151 النص الخميس. وكان تم تبني قرار بهذا المعنى العام الماضي بغالبية ضعيفة. وأعربت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عن القلق من عواقب تبني مثل هذا القرار هذه السنة، على خلفية استئناف محادثات السلام أخيرا في الشرق الأوسط.

ويؤكدون أن ذلك قد يهدد عقد المؤتمر المقرر في 2012 حول منطقة شرق أوسط منزوعة السلاح. وتطرق المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو إلى الموضوع في شكل سريع، خلال خطابه الافتتاحي للجمعية العامة، إذ قال: «آمل في أن يعقد المؤتمر المقرر في 2012 بمشاركة كل الدول المعنية، وأن يختتم بنتائج إيجابية».

وبعد تبني القرار العام الماضي، حاول أمانو إقناع إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، خلال زيارة للقدس، من دون أي نتيجة، كما أظهر تقرير للوكالة، نشر مطلع الشهر الحالي. ووصفت الدول العربية تحركه بـ«الضعيف والمخيب».

واتُّهمت وكالة الطاقة بالتعامل مع إسرائيل بشكل مختلف، في حين أنها تحقق في قدرات سورية وإيران النووية، وتشتبه في أن طهران تسعى إلى امتلاك السلاح النووي. الأمر الذي تنفيه الحكومة الإيرانية.

وانتقد رئيس البرنامج النووي الإيراني، علي أكبر صالحي، مجددا، الوكالة (الاثنين)، وقال إن مهمتها «لا تقوم على العدل وعدم الانحياز».

إلى ذلك قال مسؤول رفيع بوزارة الخزانة الأميركية، أمس، إن إيران تواجه صعوبات جراء العقوبات الدولية التي تهدف لكبح جماح طموحاتها النووية، إضافة إلى تصاعد الضغوط على اقتصادها وقطاعها المصرفي. وقال ستيوارت ليفي، مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب في مقتطفات من تصريحات: «تفرض الإجراءات المالية التي اتخذتها الولايات المتحدة وأطراف أخرى في أنحاء العالم تكاليف باهظة وقيودا على إيران.. نعتقد أن القيادة الإيرانية أخذت على غرة من سرعة وكثافة ومدى الإجراءات الجديدة، وأساءت تقدير قوة إرادة المجتمع الدولي». وقال ليفي إن الضغوط على إيران «أوجدت ورقة ضغط للدبلوماسية». وأضاف: «تلقينا بالفعل تقارير بأن النظام الإيراني قلق للغاية من تأثير هذه الإجراءات، وبصفة خاصة على النظام المصرفي وآفاق النمو الاقتصادي».

ووافقت الأمم المتحدة على جولة جديدة من العقوبات على طهران في يونيو (حزيران)، مما مهد الطريق أمام قيود صارمة جديدة فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قطاع الطاقة والنظام المصرفي الإيراني. ومنع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الشركات التي تعمل في الولايات المتحدة من إمداد إيران بالبنزين وأنواع أخرى من الوقود. وتفرض وزارة الخزانة الأميركية أيضا قيودا صارمة على البنوك الأجنبية التي تتعامل مع الكيانات الإيرانية المحظورة، مما يفرض على هذه البنوك أن تختار بين التعامل مع الولايات المتحدة أو مع إيران.

وقال ليفي إن مزيدا من الدول مستعدة لاتخاذ إجراء قوي في حق إيران، وإن لديها الآن أدوات أكثر تأثيرا. وأضاف: «حتى قبل الجولة الأخيرة من العقوبات، فإن مناخ الاستثمار في إيران كان قاتما.. والآن، وبسبب الإجراءات الجديدة، وعدم استعداد المؤسسات المالية وشركات التأمين وشركات النفط الكبرى لتنفيذ مشاريع في إيران، فإن أوضاع الاستثمار هناك أصبحت أكثر قتامة».