الخلاف بشأن الملف النووي الإسرائيلي يضع وكالة الطاقة الذرية في حرج

مشروع قرار عربي يدعو إسرائيل لفتح ترسانتها للتفتيش

TT

من المتوقع أن تمارس الدول العربية، مدعومة من إيران، هذا الأسبوع، ضغوطا في اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، للضغط على إسرائيل، للانضمام لمعاهدة عالمية لحظر الأسلحة النووية.

وحذرت واشنطن من أن ذكر إسرائيل على وجه الخصوص، في اجتماع الوكالة، قد يحبط جهود حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، كما قد يؤثر على محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية التي بدأت مؤخرا.

ويقول الدبلوماسيون العرب إن ترسانة إسرائيل النووية، المفترض وجودها، تشكل تهديدا لأمن المنطقة. ويقولون إن مسودة قرار أعدوه للوكالة الدولية للطاقة الذرية يدعون فيه إسرائيل إلى الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي قد يدعم السلام. وتدين إسرائيل، التي سيتعين عليها التخلي عن أي أسلحة نووية تملكها في حال انضمامها للمعاهدة، القرار العربي غير الملزم، باعتبار أنه محاولة ذات دوافع سياسية لتحويل الانتباه بعيدا عن إيران وسورية اللتين تقول إنهما تمثلان التهديد الرئيسي للانتشار النووي في المنطقة.

وفيما يلي المواضيع المتوقع أن تهيمن على اجتماع الوكالة الذي بدأ أمس في فيينا ويستمر أسبوعا.

* ما هو وضع إسرائيل النووي؟

إسرائيل، مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية، لم تنضم لمعاهدة حظر الانتشار النووي. ويعتقد أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، التي تضم نحو مائتي رأس نووية، غير أنها لم تؤكد أو تنف ذلك. وعلى عكس الدول الثلاث الأخرى غير الموقعة، لم تجر إسرائيل أي تجارب نووية علنية. وتتبنى سياسة غموض، تعني أنه لا يتعين عليها فتح جميع مواقعها النووية أمام تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكنها تعني كذلك أنها لا تحصل على كل المساعدات التي يمكنها الحصول عليها، بموجب المعاهدة، لتنمو كقوة نووية سلمية.

والمعاهدة الطوعية التي طرحتها الأمم المتحدة قبل 40 عاما هي حجر الزاوية للمساعي العالمية لحظر الانتشار النووي، وهي جوهر عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وحظيت المعاهدة بمساندة قوية من الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مؤتمر لمراجعتها في مايو (أيار) الماضي. وتقول إسرائيل إنها لن تفكر في الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي حتى يتحقق سلام شامل في الشرق الأوسط. وتقول الدول العربية إن السلام لن يتحقق حتى تتخلى إسرائيل عن سلاحها النووي.

وقالت نيكول ستراك من مركز الخليج للأبحاث في دبي لـ«رويترز» إنه من المستبعد أن توافق إسرائيل على الانضمام لمنطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط «ما لم تكن هناك معاهدات سلام تربط إسرائيل بجميع جيرانها العرب، ومادامت هناك فرصة لأن تصبح إيران قوة نووية عسكرية».

ولدى إسرائيل مفاعلان نوويان، منشأة ديمونة السرية في صحراء النقب، حيث يفترض أنها أنتجت ترسانتها النووية، ومركز أبحاث مفتوح لعمليات تفتيش الوكالة في ناهال سوريك، بالقرب من تل أبيب. وبدأت إسرائيل كذلك في إعداد دراسة جدوى لمحطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية.

* ما هي أهمية القرار العربي؟

تسعى الدول العربية للبناء على انتصار حققته في اجتماع الوكالة العام الماضي، عندما فازت بفارق ضئيل بتأييد الوكالة لقرار بشأن القدرات النووية الإسرائيلية، بعد مساع استمرت 18 عاما. وتعتزم تقديم نص مماثل هذا العام.

وترى إسرائيل أن أعداءها يقفون وراء القرار. وتقول الولايات المتحدة، حليفتها الرئيسية، إن القرار ظالم، ويثير الانقسامات، ودعت لسحبه. وتقول واشنطن إن القرار قد يقوض مؤتمرا دعت مصر إلى عقده عام 2012، يدعو إلى تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، مشيرة إلى أنه من المستبعد أن تشارك فيه إسرائيل إذا استهدفتها الدول العربية في الوكالة.

وقال يوكيا أمانو، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الكلمة الافتتاحية لاجتماع الوكالة أمس، إنه يأمل أن يعقد اجتماع 2012 «بمشاركة جميع الدول المعنية، وأن يقود لنتائج إيجابية». وكانت الدول العربية قد اتهمته بعدم الضغط على إسرائيل بما يكفي للتوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي. ويحذر مسؤولون أميركيون كذلك من أن القرار العربي سيكون له أثر سلبي على مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية.

وقال المبعوث الأميركي غلين ديفيز: «لن يكون من شأن ذلك سوى توجيه إشارة سلبية لعملية السلام بشكل عام». لكن ميخائيل وهبة سفير جامعة الدول العربية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال: «نحن نعتقد أن هذا القرار يدعم عملية السلام».

وقال الخبير النووي، مارك هيبس، من مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي، إن الموافقة على القرار ستعد انتكاسة للولايات المتحدة، لكنها لن تخرج عملية السلام عن مسارها.

وأضاف: «بالطبع إذا انسحبت إسرائيل من مؤتمر عام 2012، ومن عملية السلام، ستزعم أن المساعي العربية لحملها على الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي أحبطت المسارين».

* ماذا يمكن أن يحدث داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

قرار عام 2009 اتخذ بموافقة 49 صوتا، ومعارضة 45 صوتا، ودعمته في الأساس الدول النامية. وسعت الولايات المتحدة، التي أرسلت مستشارها النووي البارز، جاري سامور، إلى الوكالة، الأسبوع الماضي، للقاء المبعوثين العرب، جاهدة لحشد التأييد ضد تكرار الموقف هذا العام، ويقول دبلوماسيون إن تحقيق فوز عربي جديد أمر غير مؤكد. ويقول الدبلوماسيون العرب إنهم مستعدون للحوار، في حين يوضحون أنهم لن يتخلوا عن المطالبة بأن توقع إسرائيل على معاهدة حظر الانتشار النووي.

وفور عرض القرار رسميا على الاجتماع، لا يمكن سحبه إلا بموافقة جميع الأطراف الراعية له، مما قد يصعب التوصل إلى تسوية. ويقول دبلوماسيون إنه من المرجح أن يجري تصويت بحلول نهاية الأسبوع.