اليمين الحاكم في إسرائيل يطالب بمحاكمة أولمرت بتهمة المساس بأمن الدولة بطروحاته السلمية

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: بوش وافق على استقبال 100 ألف لاجئ فلسطيني

TT

هبت قوى اليمين الحاكم في إسرائيل، أمس، ضد رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، وطالبت بمحاكمته بتهمة المساس بأمن الدولة العبرية، وذلك بسبب تصريحات قال فيها إن السلام لا يمكن أن يتحقق مع الفلسطينيين إلا إذا تم تقسيم القدس وتمت تسوية قضية اللاجئين.

وقال الجنرال المتقاعد عوزي ديان، الذي شغل في الماضي منصب نائب رئيس أركان الجيش ورئيس مجلس الأمن القومي، وهو اليوم أحد المقربين من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في قيادة حزب الليكود، إن أولمرت كشف عن عدد من أسرار الدولة بشكل مخالف للقانون. وما يدلي به من تصريحات سياسية اليوم ويطرحه في كتاب مذكراته ضد وزير الدفاع، إيهود باراك، يشبه التهم الموجهة إلى عنات كام، الجندية التي استغلت وجودها موظفة في قيادة الجيش وسربت وثائق عسكرية إلى صحيفة «هآرتس» وتحاكم اليوم بتهمة الخيانة العظمى. وقال معلق الشؤون القانونية في الإذاعة الإسرائيلية، موشيه هنغبي، إن العقوبة القصوى على هذه التهم تصل إلى السجن المؤبد.

وكان أولمرت قد ظهر الليلة قبل الماضية أمام مئات من نشطاء حركة السلام اليهود، خلال ندوة نظمتها مجموعة «مبادرة جنيف»، وقال إن السلام مع الفلسطينيين ممكن وليس كما يقول وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، إنه «لن يتحقق في السنة المقبلة ولا في الجيل القادم». وأضاف أولمرت أنه كاد يصل إلى اتفاق سلام دائم مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال مفاوضاتهما المكثفة في عامي 2008 و2009. وأوضح أنهما تقدما في المفاوضات لأن علاقات ثقة سادت بينهما، في صلبها الاقتناع المتبادل بأنهما معنيان بالتوصل إلى سلام والتقدم بأفكار إبداعية لتسوية القضايا الجوهرية.

وأضاف أولمرت أن هذه القناعة وما تبعها من ثقة جعلت بالإمكان ليس فقط استمرار المفاوضات مع استمرار الاستيطان، بل أيضا ترك القضايا الثانوية التي يمكن أن تلهب الوضع مثل قضية البؤر الاستيطانية. وأردف أولمرت: «كما هو معروف، فإن البؤر الاستيطانية التي أقامها المستوطنون من دون تصاريح البناء اللازمة، تعتبر غير قانونية، وطالبت الولايات المتحدة بهدمها، وقررت الحكومة الإسرائيلية أيضا هدمها. ولكننا فكرنا في الأمر ووجدنا أنه في حالة انشغالنا بهدمها فإن الشارع سيلتهب بالمظاهرات والصدامات، فتركناها وغصنا في المفاوضات حول القضايا الجوهرية. لم يقبل الفلسطينيون ولا الأميركيون موقفنا، ولكنهم لم يحدثوا أزمة، لأنهم شعروا بأن حكومتي صادقة في توجهها للسلام».

وأكد أولمرت أن اتفاق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني يجب أن يكون حقيقيا ويحل كل القضايا ويبنى على أساس حدود 1967 مع تعديلات طفيفة. وأنه لا يمكن التوصل إلى هذا السلام من دون التوصل إلى حلول معقولة للقضايا الكبيرة. وقال إن قضية القدس لن تجد لها حلا إلا بإعادة تقسيمها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بحيث يكون القسم الفلسطيني عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، والقسم الغربي مع الأحياء اليهودية في القسم الشرقي عاصمة لإسرائيل. وأما الأماكن المقدسة، فقال، يجب أن تكون تحت سيادة دولية.

وتابع أولمرت أنه لا يمكن أن ينجح أحد في القفز على قضية اللاجئين أيضا، وحلها يكون عن طريق تحمل مسؤولية ما سبب آلام الفلسطينيين ومنح التعويضات. وكشف عن أنه وافق على استيعاب عدد رمزي من اللاجئين أقل من 20 ألفا في تخوم إسرائيل، لكن الرئيس الفلسطيني لم يوافق. فنشأت فكرة اسيتعاب 100 ألف لاجئ في الولايات المتحدة الأميركية ليصبحوا مواطنين أميركيين. وأضاف أولمرت «بهذا الاقتراح وضعنا الجيل الثالث والرابع من اللاجئين أمام خيار مغر: إما أن يعودوا للعيش في إسرائيل وإما أن يستقبلوا كمواطنين في أميركا. فماذا يختارون حسب رأيكم؟ واضح أنهم يفضلون أميركا».

وعاد أولمرت لتكرار هجومه على وزير دفاعه السابق، باراك، والحديث عن انتهازيته وبعده عن الحكمة والأخلاق. وأضاف أمس قصة أخرى ادعى فيها أن باراك حاول منعه من تنفيذ عملية «عسكرية جريئة معينة» (المحللون الإسرائيليون أجمعوا على أنه يقصد عملية تدمير المباني في دير الزور السورية، التي قيل إنها نواة مفاعل نووي يقام بالتعاون بين إيران وكوريا الشمالية).

ومنذ أن نشرت أقوال أولمرت وهو يتعرض لهجوم كاسح من قوى اليمين، فراحوا يتهمونه بانعدام المسؤولية، حيث إنه يطرح أفكارا تخرب على الحكومة الإسرائيلية في مفاوضاتها الحالية مع الفلسطينيين. وأنه يكشف أسرارا أمنية خطيرة، بشكل مخالف للقانون، مشيرين إلى أن القانون يلزمه بأن يعرض المواد العسكرية على الرقيب العسكري قبل أن يدلي بأقوال حولها أو يدونها في كتاب والأمور السياسية يجب عرضها على سكرتير الحكومة. وطالب عوزي ديان بمحاكمته عليها من أجل ردعه عن ترداد مواقف وكشف معلومات أخرى في المستقبل.

وهاجمه حتى المقرب منه ومدير ديوانه في ذلك الوقت، أفيغدور يتسحاقي، فقال إن أولمرت تجاوز الحدود. فليس من عادة رؤساء الحكومات أن يتصرفوا بهذا الانفلات الشخصي والسياسي. أما وزير الدفاع، إيهود باراك، فأرسل من واشنطن ردا على أولمرت يقول: «الرجل ينتقم مني لأنني تسببت في تقديمه الاستقالة المبكرة. فلا تلوموا جريحا في قفص الاتهام».