حماس تندد باعتقال دبابش.. وتتهم القاهرة بالعبث بالعلاقات المصرية ـ الفلسطينية

شخصيات مستقلة تصل إلى قطاع غزة لاستئناف جهود بحث تحقيق المصالحة

TT

نددت حركة حماس، في أول موقف رسمي علني باعتقال السلطات المصرية المسؤول الأمني في الحركة محمد دبابش (أبو رضوان)، قبل نحو أسبوع. وخرجت حماس عن صمتها أمس، ولجأت إلى مؤتمر صحافي، بعدما فشلت جهودها على مدار أسبوع كامل في إطلاق سراح دبابش، وهو مسؤول جهاز الأمن في الحركة، والذي يتعرض للتحقيق في عدة قضايا أمنية، كما قال مسؤولون أمنيون مصريون.

وقال فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس في مؤتمر صحافي أمس، إن حركته فوجئت باعتقال دبابش أثناء مروره بالقاهرة بتاريخ (13 - 9 - 2010) عائدا من رحلة عمرة، معتبرا اعتقاله «استخفافا بحركة عظيمة وشعب عظيم وعبثا حقيقيا مصريا بالعلاقة الفلسطينية - المصرية». كما أنها «تكشف عن طبيعة العلاقة مع غزة المحاصرة».

وتساءل برهوم: «هل هذا هو دور الحكومة المصرية تجاه غزة، التي تعاطف معها كل العالم؟ وهل هذا هو حق الجار على أخيه؟ وهل هذا هو دعم الحكومة المصرية لغزة المحاصرة وشعبها الذي يتعرض للحرب والعدوان؟».

وأقر برهوم بأن محاولات حماس للإفراج عن دباباش فشلت، وقال: «بعدما استنفدنا الاتصالات الرسمية، فوجئنا بمماطلة وتسويف». وأوضح: «فور العلم بهذا الاعتقال جرت اتصالات مكثفة ويومية مع الجانب المصري لمعرفة حقيقة هذا الاعتقال، فوعد الجانب المصري الممثل في جهاز المخابرات المصرية بالإفراج عنه السبت الموافق (18 - 9 - 2010م)، ثم مدد ذلك إلى الأحد ثم وعد بأنه سيفرج عنه يوم الاثنين الماضي، ولكن لم يتم الإفراج عنه».

وأضاف: «بل قامت وسائل الإعلام المصرية بالتباهي بعملية الاعتقال، وتصويرها على أنها ضربة لحماس، وربطت ذلك بالادعاء بضبط كميات من الأموال والأجهزة التي زعموا أنه حاول تهريبها إلى قطاع غزة، وهو ما ننفيه بشكل قطعي».

ووصف برهوم ما «أشيع» حول أسباب اعتقال دبابش وخطره على الأمن المصري، بأنه يهدف «إلى تثبيت الاعتقال وتعريض الأخ دبابش لمزيد من الضغوط والتعذيب».

وكان برهوم يشير ضمنيا إلى ما نشر عن مصادر أمنية مصرية وإسرائيلية وفلسطينية حول علاقة دبابش بالمجموعات التي أطلقت صواريخ الجراد على العقبة وإيلات يوم الثالث من أغسطس (آب) الماضي، وعلاقته بقتلة الجندي المصري أحمد شعبان في مواجهات اندلعت في رفح في يناير (كانون الثاني) الماضي، وعلاقته بعملية كبيرة لتهريب أجهزة لا سلكية تقدر بملايين الدولارات عبر الإنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر.

وأكد برهوم «بشكل قاطع عدم صحة الادعاءات الباطلة القائلة بضبط كميات من المال والأجهزة بحوزة الأخ محمد دبابش أو قيامه بأي عمل يمس أمن مصر وسيادتها».

وقال برهوم «إن محمد دبابش هو أحد أعضاء لجان الحوار التي شاركت في حوارات القاهرة، وهو معروف لدى السلطات المصرية جيدا، وسافر إلى رحلة العمرة بعلم وموافقة الطرف المصري، ولم توجه له أي اتهامات تمنع من سفره، وعاد عبر الطرق الرسمية ليتم اعتقاله من مطار القاهرة، ولم يقم في القاهرة».

وأضاف: «اعتقاله يعني عدم اكتراث الحكومة المصرية بكونه شخصية اعتبارية وعدم احترام شخصيات لها مواقع رسمية كانت حتى وقت قريب ضيفا رسميا على الدولة المصرية في جولات الحوار».

وأردف: «من غير المقبول ولا يليق بمصر أن يتم السماح لشخصية اعتبارية بدخول مصر بطريقة قانونية في رحلة تعبدية وأن يعود من الديار المقدسة مباشرة إلى القاهرة ثم يتم اعتقاله دون أي مخالفة، وهو تصرف غير مقبول ويتضمن خديعة، وكأن معبر رفح قد أصبح مصيدة للشخصيات الاعتبارية».

واتهم برهوم، مصر بأنها «وضعت قوائم سوداء تمنع بموجبها سفر الكثير من قادة وعناصر حركة حماس»، وقال: «إن الأمر ازداد حدة باعتقال شخصية اعتبارية من الحركة مؤخرا». ودعا برهوم الحكومة المصرية إلى «الرجوع إلى منطق الحكمة، والإفراج الفوري عن الأخ محمد دبابش وكل الإخوة المعتقلين في سجونها من أبناء حركتنا، ومنهم الأخ المجاهد أيمن نوفل ومعتصم القوقا وأبناء شعبنا الذين يتعرضون لسوء العذاب».

كما طالب برهوم كل المؤسسات الحقوقية الإنسانية في مصر وخارجها بـ«وقفة جادة إزاء ما يحدث من اعتقالات وتعذيب طالت عددا من أبناء شعبنا الفلسطيني في مصر، وكان منها حالة الشهيد يوسف أبو زهري الذي استشهد تحت التعذيب ونطالب هذه المؤسسات بالعمل على الإفراج عنه».

إلى ذلك، وصل إلى قطاع غزة أمس وفد من الشخصيات الفلسطينية المستقلة برئاسة رجل الأعمال منيب المصري لاستئناف جهود بحث تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي.

وقال المصري في تصريحات لإذاعة «صوت القدس» المحلية، في طريقه إلى غزة قادما من الضفة الغربية، إنه سيعقد سلسلة لقاءات مع ممثلي الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، خاصة حركة حماس، لبحث جهود دفع تحقيق المصالحة. وشدد المصري على ضرورة اعتبار تحقيق المصالحة الوطنية «أولوية» فلسطينية خاصة في دعم المفاوض الفلسطيني خلال مباحثاته مع إسرائيل برعاية أميركية للتوصل لاتفاق سلام.

ونفى المصري وجود علاقة بين استئناف جهوده في غزة واللقاء الذي عقد مؤخرا بين مدير المخابرات المصرية عمر سليمان ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في السعودية. لكنه أعرب عن ترحيبه وتشجيعه لعقد مثل هذه اللقاءات والضغط على جميع الأطراف من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية.

ويشهد ملف المصالحة الفلسطينية جمودا منذ أشهر، وأجّلت مصر في أكتوبر (تشرين أول) الماضي الحوار الفلسطيني إلى أجل غير مسمى عقب رفض حركة حماس التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة بدعوى وجود تحفظات لديها.