عرب الموصل وكركوك يعترضون على إجراء الإحصاء السكاني

القادة الأكراد يعتبرونه التزاما دستوريا يجب الوفاء به

جيمس جيفري السفير الأميركي لدى العراق يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ نينوى أثيل النجيفي في الموصل أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مع اقتراب موعد إجراء الإحصاء السكاني منتصف الشهر المقبل تعالت أصوات العرب والتركمان في كركوك والقادة المحليين في الموصل بالاعتراض على إجراء ذلك الإحصاء، في الوقت الذي شدد فيه القادة الكرد المحليون، على أن العملية ستستمر وفقا لما هو مخطط لها، وأنه لا قيمة لدعوات الآخرين لإلغاء أو تأجيل الإحصاء في المحافظتين المذكورتين.

ففي الوقت الذي دعا فيه محافظ الموصل أثيل النجيفي إلى تأجيل عملية الإحصاء في المحافظة إلى حين رحيل قوات البيشمركة والمقرات الحزبية للحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني والاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني كشرط لإجراء الإحصاء في المحافظة، قال القيادي خسرو كوران مسؤول مكتب تنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تصريحات النجيفي تثير الكثير من الاستياء والاستهجان، فبأي حق يدعو بمثل هذه العنجهية إلى رحيل المقرات الحزبية عن المحافظة والشعب الكردي هو المكون الثاني في العراق والمحافظة. الكرد هم جزء من العراق ومن كل عملية تهدف إلى تنظيم شؤون إدارته وتحديد ملامح مستقبله، ولقد ولى زمن دكتاتورية الحزب الواحد في العراق، ولكن هؤلاء القادة المحليين ما زالوا يفكرون بنفس العقلية الشوفينية والدكتاتورية السابقة في إدارتهم لشؤون المحافظة، ونحن نرفض هذا الأسلوب بالمطلق، لأننا لسنا رعيتهم، بل نحن مشاركون في الحكم، والمكون الكردي هو جزء أساسي في المحافظة، ولن نقبل باستصدار أي أوامر من أي جهة كانت، وعملية الإحصاء دستورية ونحن ملتزمون بهذا الدستور ولن نسمح لأي أحد أن يفرض شروطه علينا».

وكان النجيفي قد أشار في تصريحات إلى أن «محافظة نينوى ترفض إجراء الإحصاء السكاني في موعده المحدد قبل رحيل قوات البيشمركة ومقرات الأحزاب الكردية، متهما تلك الأحزاب بالتدخل لصالح ترجيح المكون الكردي عبر استقدام أكراد خارج المحافظة وتسجيلهم ضمن قوائم إحصاء المحافظة»، مشيرا إلى أن «المحافظة لم تتخذ أي إجراءات أو استعدادات لإجراء ذلك الإحصاء كما هو الحال في بقية محافظات العراق، لأنها ترفض إجراء الإحصاء»، وأضاف «كان عدد سكان المحافظة في آخر إحصاء أجري عام 1997 بلغ ثلاثة ملايين وأربعمائة وخمسين ألفا، والآن مع اقتراب موعد الإحصاء الجديد هناك أعداد كبيرة من الأكراد يتوجهون إلى الأقضية والنواحي التابعة للمحافظة بهدف تسجيلهم هناك».

وهذه هي التهمة نفسها التي يوجهها عرب وتركمان كركوك إلى الأحزاب الكردية في المحافظة، ولكن رئيس مجلس إدارة كركوك تحداهم بإثبات تلك التهم، مشيرا إلى أن «النسخة الثانية من سجلات الأحوال المدنية لسكان المحافظة موجودة في بغداد فليرجعوا إليها للتطابق والمقارنة إذا كانوا صادقين في دعواهم». وأكد رزكار علي عضو قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس مجلس إدارة المحافظة أن «الدعوات التي يطلقها التركمان والعرب في محافظة كركوك ضد الإحصاء وراءها أهداف سياسية، في حين أن الإحصاء هو عملية فنية بحتة، وأن اعتراضات هؤلاء على إجراء الإحصاء تكمن في تخوفهم من انفضاح أمرهم وبطلان إدعاءاتهم بتضخيم حجمهم السكاني أمام الدول والأطراف التي تساندهم أو ترعاهم، فالأكثرية الكردية في المحافظة معروفة تاريخيا، ولا حاجة إلى الإنكار، والإحصاء المقبل سيبرهن على هذه الحقيقة، ونحن لن نقبل تحت أي ظرف كان أن تستثني كركوك من أي عملية تهدف إلى بناء مستقبلها وتحسين أحوال سكانها عبر برامج التنمية والإعمار المخططة».

لكن مسؤولا في الجبهة التركمانية أشار إلى أن «الجبهة مصرة على تأجيل الإحصاء إلى حين تنفيذ المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات والقاضية بتوزيع المناصب السيادية في المحافظة قبل إجراء الإحصاء السكاني». وقال حسن توران عضو الجبهة «إن تلك المادة تتعلق بالتجاوزات على الملكية وتقاسم السلطات ومراجعة سجلات الأحوال المدنية، لذلك لا نقبل بإجراء الإحصاء قبل تنفيذ تلك المادة» ولكن قياديا تركمانيا آخر قال: «نحن كممثلي التركمان في مجلس المحافظة نعتبر الإحصاء التزاما دستوريا ينبغي الإيفاء به». وقال عرفان كركوكي رئيس حزب الشعب التركماني «إن دعوات بعض التركمان لتأجيل الإحصاء لا تعبر عن رأي التركمان، بل هي وجهات نظر شخصية، لأن هذه العملية ستحل معظم مشكلاتنا في المحافظة، والإحصاء هو جزء من التزامات تنفيذ المادة 140 الخاصة بتطبيع أوضاع المحافظة، لذلك ندعو الشعب التركماني إلى عدم الالتفات إلى هذه الدعوات التي تهدف إلى تخريب أوضاع المحافظة».

يذكر أن أول إحصاء سكاني أجري في العراق كان في عام 1934، وآخره كان في عام 1997، ولم يتمكن العراق من إجراء إحصاء جديد عام 2007 بسبب تردي الأوضاع الأمنية في معظم محافظات العراق.