استقالة رئيس الوزراء الصومالي.. وهجوم انتحاري داخل القصر الرئاسي

الانتحاري كان من حرس وزير الداخلية وترك عمله قبل 6 أشهر

الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد ورئيس الوزراء عمر شارماركي في مؤتمر صحافي في مقديشو أعلن فيه شارماركي استقالته من منصبه أمس (أ.ب)
TT

قدم رئيس الوزراء الصومالي عمر شارماركي استقالته من منصبه إلى الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، ليضع ذلك حدا لشهور من الخلافات السياسية العميقة بين الرئيس ورئيس الوزراء، قائلا إنه تنازل مراعاة للظروف الحساسة التي تمر بها البلاد. وجاء قرار رئيس الوزراء الصومالي بالاستقالة من منصبه قبل ساعات من عقد جلسه للبرلمان الصومالي لسحب الثقة عن حكومته، وألغيت الجلسة في ما بعد. وقال شارماركي في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس شريف شيخ أحمد بعد تقديم الاستقالة إنه اتخذ هذا القرار بعد أن أجرى مشاورات عميقة «لإفساح المجال لغيري، وأتمنى لمن يأتي بعدي النجاح في المهمة التي بدأتها ولم أكملها». وأضاف أنه تنازل مراعاة للمصالح العامة ووضع حد للأزمة السياسية الأخيرة بينه وبين الرئيس شريف شيخ أحمد، «لأن المرحلة الراهنة في البلاد لا تتحمل خلافا سياسيا بين قادة الحكومة الانتقالية». وفي تعليقه على قرار استقالة شارماركي وصف الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد القرار بالشجاع، وأثنى على الدور الذي قام به رئيس البرلمان الصومالي الشريف حسن شيخ آدم في التوصل إلى هذا التفاهم. ويعتقد على نطاق واسع في الأوساط السياسية بأن رئيس الوزراء عمر شارماركي ترك المنصب جراء ضغوط داخلية وخارجية في الأسابيع الأخيرة لإجباره على التنحي، ويجري الحديث عن صفقة سياسية رتب لها رئيس البرلمان بين الرئيس ورئيس الوزراء تقضي بخروج الأخير من المنصب. وقال الرئيس الصومالي إنه سيكلف رئيس وزراء جديد بتشكيل الحكومة في أقرب وقت ممكن. وحسب الميثاق الانتقالي المعمول به في البلاد فإن منصب الوزير الأول سيؤول إلى قبيلة رئيس الوزراء المنصرف (داروت)، وعلى الرئيس أن يختار مرشحه للمنصب من هذه القبيلة خلال 30 يوما. ويتم أيضا تشكيل الحكومة وفقا لنظام المحاصصة القبلية في تقاسم السلطة في الصومال، ويعرف هذا النظام محليا بالـ«أربعة ونصف» الذي يصنف القبائل الصومالية إلى 5 مجموعات قبيلة رئيسية.

وقال مساعد لشارماركى لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو: «حدث الأمر بسرعة لم نكن نتوقعها، هو (شارماركي) التقى مسؤولا من السفارة الأميركية في نيروبي، يبدو أنه تعرض لضغوط لم يجد معها حلا سوى الاستقالة».

وتابع: «السؤال الآن هو: ما فحوى هذه الصفقة؟ حتى أقرب مساعديه لا يعلمون تفاصيل أو ملابسات ما حدث».

لكنّ مقربين من الرئيس الانتقالي الشيخ شريف قالوا في المقابل إن استقالة رئيس الحكومة تستهدف تفادي خضوعه لجلسة أمام البرلمان كانت ستؤدي إلى عزله من منصبه وسحب الثقة منه.

وأعلن شارماركي استقالته من مهامه لإنهاء الانقسامات الحالية في ترويكا السلطة الانتقالية في الصومال (الرئيس والحكومة والبرلمان)، وأبلغ نوابا من البرلمان في العاصمة مقديشو أنه استقال نظرا لما وصفه بعدم القدرة على العمل مع الرئيس شريف. وأضاف: «اتخذت هذا القرار بما فيه مصلحة الأمة وفي لحظة حساسة»، متمنيا للحكومة الانتقالية أن «تجد حلا للأزمة في البلاد وأن تعيد السلام والوضع إلى طبيعته». وقال وزير في الحكومة الصومالية لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث كان متوقعا، لافتا إلى أن الأزمات السياسية بين رئيس الحكومة والرئيس الانتقالي بلغت مداها في الآونة الأخيرة بسبب تباين وجهات النظر بينهما حول الوضع الأمني والترتيبات الخاصة بكيفية تمهيد الطرق لانتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية العام المقبل.

على صعيد آخر فجّر انتحاري نفسه في داخل القصر الرئاسي، بعد أن تمكن من اجتياز حاجزين أمنيين للقوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي، حيث تمكن من الوصول إلى إحدى البوابات الداخلية بعد أن تسلل أثناء دخول موكب تابع لقوات الاتحاد الأفريقي التي تحمي القصر الرئاسي. وأصدرت الرئاسة الصومالية بيانا مقتضبا قالت فيه ما يلي: «حاول مسلح ببندقية كلاشنيكوف وقنبلة يدوية التسلل إلى القصر الرئاسي، لكن قوات الاتحاد الأفريقي والحرس الرئاسي أطلقوا النار عليه قبل أن يفجر القنبلة اليدوية التي كانت بحوزته. وحاول المهاجم القفز إلى عربات أمن الرئاسة لكن تم وقفه وقتله خارج حدود القصر الرئاسي، ولم يُصَب أحد في هذا الهجوم».

وأعلن الحزب الإسلامي الذي يتزعمه الشيخ حسن طاهر أويس عن مسؤوليته عن هذا الهجوم، وقال محمد عثمان عروس، المتحدث باسم الحزب الإسلامي، إن عنصرا من مقاتلي الحزب هو الذي نفذ الهجوم، وقال إن العملية أدت إلى إلحاق خسائر فادحة في صفوف القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي التي تحرس القصر الرئاسي. وكان الانتحاري الذي كان يدعى موسى عبد الله خيري، من حرس وزير الداخلية الحالي عبد القادر علي عمر، لكنه ترك العمل بعد أن اختلف مع الوزير، واختفى منذ نحو 6 أشهر، وقضى بعض الوقت في نيروبي، وحاول أيضا السفر إلى جنوب أفريقيا لممارسة التجارة كما أفاد بعض معارفه. لكن يبدو أن الحزب الإسلامي تمكن من تجنيده خلال تلك الفترة، حيث نفذ العملية بعد عودته بأيام. ويصبح هذا الحادث أول هجوم انتحاري ينفذه الحزب الإسلامي، وكانت حركة الشباب المجاهدين المعارضة هي التي تستخدم الهجمات الانتحارية كأحد أساليبها العسكرية ضد الأهداف الحكومية وضد قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في العاصمة مقديشو.

من جهة أخرى حث بيان ثلاثي للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد الأطراف الصومالية على وقف القتال بمناسبة اليوم العالمي للسلام. ودعا كل من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال أوغسطين ماهيغا، والممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في الصومال السفير بوبكر ديارا، ومنسق منظمة الإيقاد للسلام والمصالحة في الصومال كيبروتو أراب كيروا، الأطراف الصومالية إلى الالتزام بوقف القتال، كخطوة ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد، وأيضا للتخفيف من معاناة الشعب الصومالي، لا سيما في مثل هذا اليوم العالمي للسلام، وذلك من أجل ضمان سلام دائم في الصومال. وجاء في البيان المشترك أيضا: «إن الشعب الصومالي متحمس للسلام والاستقرار، ونحن بحاجة للقيام بكل ما في الإمكان لتوفير الأمن والاستقرار للجميع، وخصوصا من أجل مستقبل الجيل القادم. نحن لا نريد أن تعاني الأجيال المقبلة مثلما يعاني الجيل الحالي». وتابع البيان: «إنه لأمر محزن أن نسمع تلك الصعوبات التي يواجهها الصوماليون في حياتهم اليومية، لذا دعونا نكرس أنفسنا مجددا لصنع السلام في الصومال بشكل واقعي».