البيت الأبيض: أوباما سيوجه رسالة «قوية» إلى الأمم المتحدة حول السودان

«واشنطن بوست»: تطبيق نظرية هيلاري كلينتون «قنبلة زمنية»

TT

أعلن البيت الأبيض، أمس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيوجه رسالة «قوية» حول ضرورة تنظيم الاستفتاء الحاسم في موعده في يناير (كانون الثاني) 2011 في السودان، وذلك خلال اجتماع في الأمم المتحدة هذا الأسبوع. ونقلت وكالة الأخبار الفرنسية على لسان سامنتا بوير، مستشارة الرئيس أوباما، أن الرئيس سيشارك في اجتماع حول السودان كان مقررا في البدء على مستوى وزاري، وذلك للتركيز على الطابع الحاسم للمرحلة التي ستبدأ في هذا البلد. وأضافت أن «الرئيس سيوجه رسالته الشخصية إلى مختلف الأطراف مع سلسلة ملاحظات كي يقول بأي طريقة يمكن التقدم برأيه». وأوضحت مديرة العلاقات متعددة الأطراف في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أن باراك أوباما «سيوجه رسالة قوية جدا في وقت حاسم».

إلى ذلك ولأول مرة منذ السنوات الأخيرة للرئيس السابق بوش الابن، لم تعارض افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» السياسة الأميركية نحو السودان، وكانت انتقدت بوش ثم الرئيس باراك أوباما، واتهمتهما بالتساهل نحو مشكلة دارفور، ونحو تنفيذ اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب التي عقدت سنة 2005. وأشارت أمس في افتتاحية الصحيفة المؤثرة كثيرا في العاصمة الأميركية، تحت عنوان «العد التنازلي في السودان»، إلى ما قالت في الأسبوع الماضي هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، بأن السودان «قنبلة زمنية». وأيضا أشارت إلى نظرية «لحظة أميركية جديدة» لإعادة ترتيب الأوضاع العالمية التي أعلنتها كلينتون في نفس خطابها أمام مجلس العلاقات الدولية في نيويورك.

وقالت الافتتاحية: «لتستغل كلينتون هذه اللحظة الأميركية الجديدة، وليكن السودان أول مكان لتنفيذها». وذكرت الافتتاحية أن السياسة الأميركية الجديدة نحو السودان تبدو عكس «السياسة التشاؤمية» التي كانت واشنطن تسلكها نحو السودان، وهي أن واشنطن لا تقدر على تغيير الوضع السوداني. وقالت الافتتاحية: «تملك واشنطن القدرة، وتملك المسؤولية، لمنع السودان من الوقوع في كارثة إنسانية جديدة»، إشارة إلى احتمال عودة الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، التي كانت استمرت نصف قرن تقريبا، منذ استقلال السودان، وانتهت بعقد اتفاقية السلام سنة 2005 التي رعاها الرئيس السابق بوش الابن. ويزيد احتمال عودة الحرب الأهلية إذا اختار الجنوب الانفصال في الاستفتاء المقرر له يناير (كانون الثاني) المقبل. وكانت افتتاحيات «واشنطن بوست» (وهي منفصلة عن الأخبار التي تنقلها الصحيفة) قد أيدت بوش عند التوقيع على اتفاقية السلام سنة 2005، التي وقع عليها كولين باول، وزير الخارجية في ذلك الوقت. لكن، عندما تفاقمت مشكلة دارفور، انتقدت الصحيفة بوش لأنه رفض أن يتدخل عسكريا هناك.

وواصلت الصحيفة انتقاداتها بعد أن فاز أوباما سنة 2008 بالرئاسة، خاصة لأن أوباما، خلال الحملة الانتخابية كان، أيضا، قد اتهم بوش بالتساهل نحو حكومة الرئيس السوداني عمر البشير.

ورغم أن الافتتاحية قالت إن تغيير السياسة الأميركية نحو السودان «جاء في آخر دقيقة»، دعت الحكومة الأميركية إلى بذل كل ما تستطيع حتى لا تنفجر «القنبلة الزمنية التي إذا انفجرت فستكون لها نتائج كثيرة»، وهو التعبير الذي استعملته هيلاري كلينتون.

وشكت الافتتاحية في أن البشير سيقبل وسينفذ نتيجة الاستفتاء إذا أيد الانفصال. وقالت: «يماطل نظام البشير في كل شيء. في رسم الحدود بين الشمال والجنوب، في وسيلة لتقسيم ثروة البترول، وفي الإعداد للاستفتاء، الذي يسير بطيئا جدا».

لكن، قالت الافتتاحية إن كلا من البشير وسلفا كير ميارديت، نائبه ورئيس حكومة الجنوب «عنده أكثر من سبب لعدم عودة الحرب الأهلية»:

أولا: «تسلح الجنوب بأسلحة ثقيلة، وتتوقع القوات السودانية المسلحة مقاومة عنيفة إذا هاجمت الجنوب».

ثانيا: «يفضل الجانبان تقسيم ثروة النفط بطريقة أو أخرى على فقدانها إذا عادت الحرب بينهما».

ثالثا: «يحتاج الجانبان إلى المجتمع الدولي: حكومة الشمال للخروج من قوائم المقاطعة والإرهاب، وحكومة الجنوب لبناء دولة قوية».

ومن جهتها، كتبت أمس صحيفة «لوس أنجليس تايمز» إن «احتمال تقسيم السودان إلى دولتين خلال أقل من 4 أشهر يمكن أن يشعل حربا أهلية جديدة، ويهدد جهود الرئيس أوباما لتحقيق الاستقرار في شرق أفريقيا، حيث تنتشر المشكلات القبلية، وحول النفط، وتهريب الأسلحة».

ومثل افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»، كررت هذه الصحيفة «القلق» بأن الرئيس البشير سيعرقل الاستفتاء، لأن ثمانين في المائة من مخزون النفط سيكون في جنوب السودان إذا انفصل.

وقالت الصحيفة إنه لعدة سنوات ركزت السياسة الخارجية الأميركية على العراق وأفغانستان، ولكن عودة الحرب الأهلية في السودان بين الشمال والجنوب يمكن أن تفعل الآتي:

أولا: «تسبب مشكلة عالمية جديدة».

ثانيا: «تعرقل جهود حل مشكلة دارفور».

ثالثا: «تؤثر على الوضع في القرن الأفريقي، حيث يحاول البيت الأبيض مواجهة محاولات مقاتلين لهم صلة بـ(القاعدة) إسقاط حكومة الصومال».

كما دعا تقرير لمجموعة «يورواشيا» (أوروبا وآسيا) السياسية الاقتصادية في نيويورك الحكومة الأميركية إلى ممارسة «ضغط قوي» على الجنوبيين للوصول إلى «حلول وسطى» مع الشمال لتفادي عودة الحرب الأهلية.

وكتب فيليب دي بونتيه، مدير الشؤون الأفريقية والشرق أوسطية في المجموعة، أنه متفائل بأن المشكلات بين الشمال والجنوب ستحل سلميا. وقال إن الصين، «وهي واحدة من دول كبرى قليلة تقدر على أن تؤثر على البشير»، تريد الاستقرار في مناطق النفط، لأنها تستورد نسبة كبيرة تقرب من النصف مليون برميل التي تستخرج هناك يوميا.

وأضاف أن واشنطن «ستضغط ضغطا ثقيلا» على الجنوب للوصول إلى «حل وسط» حول عائدات النفط، والحدود. وأن واشنطن ستقدر على هذا الضغط، لأن القادة الجنوبيين يعتمدون عليها الآن وفي المستقبل.

وقال التقرير: «صرفت واشنطن مليارات الدولارات على الجنوب، وستصرف مليارات أخرى. جاء وقت أن تضغط واشنطن ضغطا حقيقيا على الجنوب ليقدم حلولا وسطى ضرورية».