دول غنية تطالب الدول النامية بتحمل مسؤوليات أكبر في تحقيق أهداف الألفية

لبنان يذكر بـ«الآثار الاقتصادية الكارثية» للحرب مع إسرائيل.. وقطر تربط تحقيق الأهداف بـ«جوهر الشراكة»

المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لدى خطابها أمام حضور مؤتمر مراجعة الأهداف الإنمائية للألفية في الأمم المتحدة أمس (أ.ف.ب)
TT

شهد اليوم الثاني لمؤتمر مراجعة الأهداف الإنمائية للألفية في نيويورك خطابات متعددة من قادة العالم، أجمعت كلها على وجود المصاعب في تحقيق أهداف الألفية، على الرغم من أن الأمم المتحدة تؤكد أنه من الممكن تحقيق الأهداف بحلول 2015. وهناك مصاعب في تحقيق الأهداف المتعلقة بحماية البيئة وخفض نسبة الذين يعيشون في فقر مدقع بنسبة 50 في المائة، بينما هناك أهداف مثل توفير التعليم الابتدائي للأطفال حول العالم تبدو ممكنة.

وعلى الرغم من الرسالة الإيجابية التي تريد أن ترسلها الأمم المتحدة حول الأهداف الإنمائية، وقدرة تحقيقها بحلول عام 2015، فإن رسالة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت متشائمة. وقالت: «علينا أن نعترف أننا لن نحقق الأهداف الإنمائية بحدود 2015 ولكن تبقى الأهداف سليمة وعلينا أن نبقي على أهداف تحقيقها».

وطالبت دول غنية عدة الدول النامية بتحمل مسؤولياتها في تحقيق أهداف الألفية الإنمائية وعدم الاعتماد على الدعم الخارجي فقط. وبينما أكدت ميركل أن ألمانيا ستواصل دعم الدول النامية، فإنها قالت: «المساعدة الإنمائية لا يمكن أن تستمر أو أن يكون لها أثر إلا من خلال الحكم الرشيد». وأضافت في كلمتها أمام مؤتمر مراجعة أهداف الألفية أمس: «يمكن للدول أن تبني أسواقا وتطور المناطق الريفية» لتساعد نفسها. وشددت ميركل على أهمية الالتزام بجهود تحقيق أهداف الألفية التي وصفتها بـ«مرجع السياسات الإنمائية الدولية»، محذرة أنه «لا يجب أن تفسر الأهداف الإنمائية على أنها قائمة نأخذ منها ما يطيب لنا» بل الالتزام بالأهداف الثمانية.

ومن جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير إنه يجب أن لا تفسر الدول النامية دعوات دول متقدمة للقطاع الخاص بدعم التنمية بأنه تخليها عن الدول النامية. وشرح أن «التمويل المبتكر ليس بديلا للتمويل من الدول بل ليكمل ذلك التمويل ويقويه».

ومن جهته، شرح وزير خارجية باكستان شاه محمود قرشي أن بلاده لن تحقق الأهداف الألفية بحلول عام 2015. وقال في كلمته أمام المؤتمر إن باكستان لن تحقق الأهداف الإنمائية بحلول عام 2015، موضحا أن «الآثار السلبية للأحوال الأمنية التي فرضتها علينا مكافحة الإرهاب وتأثيرها الاقتصادي علينا والفيضانات التي لم يسبق أن رأينا مثلها تسببت في خسائر كبيرة». وأضاف أن جهود «إعادة الإعمار أثرت علينا كثيرا وسيؤثر ذلك على الانتعاش وتحقيق الأهداف الألفية»، ولكنه أكد أن «الأهداف ستبقى في صلب الجهود الحكومية الإنمائية».

وألقت عدة دول عربية كلمات حول جهود تحقيق الألفية، من بينها لبنان والإمارات وقطر. وطالب لبنان في الكلمة التي ألقتها باسمه كارولين زيادة، نائبة المندوب العام للبنان في الأمم المتحدة، الدول المتقدمة «بالوفاء بتعهداتها وتقديم الدعم المالي والتقني لمساعدة الدول النامية على تحفيز اقتصادياتها، فلا تبقى الوعود المقطوعة مجرد أحلام يتطلع إليها فقراء العالم دون أن يتمكنوا من تلمس فضائلها، وتصبح كالسراب الذي يبتعد عنهم كلما ظنوا أنهم يقتربون منه». ولكنها أضافت: «يدرك وفد بلادي أن البلدان النامية مطالبة بإجراء الإصلاحات الهيكلية الأساسية، وبناء القدرات المؤسساتية اللازمة، ووضع استراتيجيات وطنية تحفز التنمية المستدامة وتساعد في القضاء على الفقر».

وحرصت زيادة في كلمتها على إبراز آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان عام 2006 من الناحية الاقتصادية، وقالت: «إن الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان كانت لها آثار كارثية على البيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهي أدت إلى خسائر مادية تجاوزت ملياري دولار، بسبب تدمير إسرائيل آلاف المنازل، والبنى التحتية الأساسية كالجسور والطرقات، فضلا عن قصفها خزانات الوقود التابعة لإحدى محطات توليد الكهرباء، مما أدى إلى حدوث كارثة بيئية تمثلت في انتشار بقعة نفطية على امتداد 150 كلم من الشاطئ اللبناني».

وأشارت أيضا إلى أن حجم الدين العام المرتفع الذي يعاني منه لبنان، وقالت: «المديونية العامة المرتفعة تستنزف جزءا هاما من واردات الخزينة. وتسعى حكومة بلادي إلى تقليص العجز الذي تسببه خدمة الدين العام، وقد نجحت عبر سلسلة من الإجراءات في تقليص نسبة خدمة الدين العام من 18 في المائة، من الناتج القومي عام 2000، إلى نحو 12 في المائة عام 2008». وأكدت أن «لبنان استطاع تقليص نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر من 27 في المائة عام 1995، إلى 8 في المائة عام 2004».

أما كلمة قطر، فقد ألقاها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية كان لها أثر سلبي على جهود المجتمع الدولي في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في الدول النامية. وقال: «يؤسفنا أن نلاحظ أن سجل الإنجازات على الصعيد العالمي غير متوازن. فمن ناحية نجد أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن بعض البلدان النامية قد حققت إنجازات ملموسة في إدارة الاقتصاد الكلي، الأمر الذي نتجت عنه زيادة استثماراتها ومدخراتها، ومن ناحية أخرى فإن الكثير، ولا سيما أفريقيا جنوب الصحراء، لم يصل إلى تحقيق معظم أهداف الألفية. فقد وصل عدد الذين يعانون من الفقر أكثر من مليار نسمة عام 2009».

وأشار إلى أن تحقيق جميع الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا «يعتمد بشكل أساسي على جوهر شراكتنا العالمية التي توصلنا إليها في مؤتمر مونتري وأكدنا عليها في مؤتمر الدوحة عام 2008». وقال: «إن تحقيق الأهداف يتطلب قيام كل من طرفي الشراكة بواجبه، حيث يتطلب من البلدان النامية أن تعتمد استراتيجيات وطنية شاملة، وأن تعزز الحكم الرشيد وتكافح الفساد وتشجع النمو الاقتصادي المستدام وتهيئ بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.. وتعمل على بناء نظام مساءلة حكومية واضح، والمقابل يتوجب على الدول المتقدمة مواجهة الأزمة المالية والعمل على تحقيق أهداف الألفية الإنمائية من خلال تعبئة المصادر الدولية، واتخذا المزيد من الإصلاحات الشاملة لضمان استقرار النظام المالي الدولي..».

وألقت كلمة الإمارات وزيرة الدولة، ريم إبراهيم الهاشمي، وقالت إن بلادها أيدت إعلان الألفية «لقناعتها بأن تحقيق أهداف التنمية للألفية يشكل عاملا هاما لاستتباب الأمن والسلم في العالم وتحقيق الرفاهة للشعوب في كل البلدان، واليوم نؤكد دعمنا للإعلان». وأضافت: «لقد أثبتت الظروف العالمية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي يشهدها المجتمع الدولي منذ السنوات القليلة الماضية مدى تداخل وتشابك مصالح البلدان واهتماماتها، وبينت التداعيات الاقتصادية الأخيرة أنه ليس هناك بلد بمنأى عن مؤثرات الأحداث مهما امتدت المسافات..».

وشددت على أن الإمارات تمكنت من احتواء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بحيث لا تؤثر «على ما حققناه في مسيرة التنمية في البلاد». وأشارت إلى أن الإمارات هي إحدى الدول الرئيسية في الشراكة الدولية من أجل التنمية، مؤكدة التزامها بمواصلة العمل لبلوغ أهداف الألفية في كل بلدان العالم. ودعت أيضا إلى تكثيف الجهود الدولية «لمعالجة الأسباب الأساسية والتحديات التي تعوق تحقيقها في الوقت المحدد وإيجاد الحلول الفاعلة والدائمة لها».